شهد معدل الفقر إنخفاضا كبيرا، وذلك لأول مرة منذ 20 عاما حيث تراجع معدل الفقر إلى 29.7%حسب تصريحات المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وذلك خلال الإعلان عن نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2020/2019.
وأكد مدبولي، أن هذا 'يعكس أن الحكومة جادة في محاربة الفقر، لأننا نستهدف الوصول إلى أقل من ذلك بكثير، ولولا جائحة كورونا لكنا وصلنا إلى نسبة منخفصة للغاية في معدلات الفقر'.
ويرى الدكتور سيد قاسم عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن بحث الدخل والانفاق هو من أهم الأبحاث الداعمة لقواعد البيانات الاقتصادية والاجتماعية والتي تعزز جهود الدولة لتوفير قواعد البيانات على المستوى القومي وتطويرها، وذلك إلى جانب البحوث المجتمعية والبحوث الاستثنائية والتي تستهدف دراسة وقياس الأحوال الاقتصادية والصحية بالمجتمع.
كما يتضمن بحث الدخل والإنفاق ثروة هائلة من البيانات التي تساعد على الاستهداف الجغرافي للفجوات التنموية، وتوجيه بوصلة جهود الدولة لمواجهة الفقر بمفهومه الواسع ومتعدد الأبعاد.
وأوضح قاسم، أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، عرف الفقر بأنه هو عدم توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد أو الأسرة، وتتمثل هذه الاحتياجات في الطعام والمسكن والملبس وخدمات التعلم والصحة والمواصلات، إلا أن هناك ما يعرف بخط الفقر القومي، وهو تكلفة الحصول على السلع والخدمات الأساسية سواء للفرد أو الأسرة، ويعتمد الجهاز مؤشر أخر للفقر، وهو الفقر المدقع، والذي يقول إنه 'نسبة السكان الذين يقل استهلاكهم الكلي عن خط الفقر الغذائي، ويتم الاستناد على هذا التعريف في تحديد من هم الفقراء.
وأضاف قاسم لـ'أهل مصر'، أنه على الرغم من صعوبة الظروف والتحديات التي فرضتها التداعيات غير المسبوقة لجائحة كوفيد 19، إلا إننا نشهد الآن ومن خلال بحث الجهاز المركزي للإحصاء هذا العام وعرض العديد من المؤشرات الايجابية، والتي تمثل دلائل مهمة نلمس من خلالها ثمار الجهود التي تبذلها الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، مؤكدة انخفاض معدل الفقر لأول مرة منذ عام 1999 (انخفض إلى 29.7% مقارنة بـ 32.5% في عام 2017/2018)، حيث انخفضت نسبة الفقر في جميع المناطق وكان الانخفاض أكبر في ريف الوجه البحري بنسبة (4.73%) يليه ريف الوجه القبلي (3.79%).
وأشار قاسم، إن هذا التحسن النسبي يؤكد أنه مع السعي لتحقيق الإصلاح الاقتصادي لم تغفل الدولة عن دورها الواجب في التخفيف من أثار إجراءات هذا الإصلاح على الفئات الأقل دخلا، فقد تزامن مع جهود الحكومة لتطبيق البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي تنفيذ حزمة واسعة من برامج الحماية الاجتماعية هي الأكبر في تاريخ مصر، حيث استهدفت الدولة زيادة الاستثمارات العامة في خطة العام المالي الحالي 20/2021 بنسبة 70% لتبلغ 595 مليار جنيه، ويتضمن ذلك توجيه استثمارات قدرها 47.1 مليار جنيه لتنمية محافظات الصعيد بزيادة قدرها 51% مقارنة بالعام السابق، مع اهتمام الحكومة بتطوير منظومة الحماية الاجتماعية ومد شبكات الأمان الاجتماعي.
وأشار إلى أن الدولة تقوم بالعمل على التحسين في مستوى الفقر من خلال الاهتمام بملف التعليم على مختلف المستويات حيث يعد التعليم المنخفض هو أكثر العوامل ارتباطا بمخاطر الفقر في مصر، حيث تتناقص مؤشراته كلما ارتفع مستوى التعليم، فبلغت نسبة الفقراء بين الأميين 39.2% في 2018 مقابل 11.8% لمن حصل على شهادة جامعية في نفس العام.
وأوضح أن، نسبة الفقراء بين حاملي الشهادات فوق المتوسط 20.1%، وبلغت النسبة بين من حصلوا على شهادة ثانوية 22.4%، وبلغت بين الحاصلين على شهاد إعدادية 34.4%، و38.3% للشهادة الابتدائية، و33% لمن يحملون شهادة محو الأمية، مؤكدا أنه يوجد ارتباط وثيق بين الاستقرار في العمل والحالة المادية، فـ37.6% من الفقراء المشتغلين يعملون عمل غير دائم، مقابل 62.4% يعملون عمل دائم، وتصل النسبة إلى 19.5% بين غير الفقراء الذين لا يعملون عمل دائم، بينما 80.5% من غير الفقراء المشتغلين يعملون عمل دائم، مشيرا إلى أن الدولة تسعى لمواجهة تحديا يعمل على وضع خطة شاملة لضبط معدلات الفقر والبطالة بالتعاون بين كل الجهات المعنية، من خلال ما يتم الإعلان عنه من مبادرات تنموية على مختلف المستويات.
ومن جانبه أوضح محمد محمود الخبير والباحث الاقتصادي، أن أسباب الفقر في مصر ترجع إلى عدة محددات على سنوات طويلة ومن أهمها ضعف الدخول وزيادة نسبة الأمية، الزيادة السكانية، والحروب التي خاضتها مصر خلال العقود الخمسة الاخيرة السابقة بالإضافة إلى عدم ملائمة بعض بعض برامج الحماية الاجتماعية.
وأشار الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ'أهل مصر'، أن مؤشرات الاقتصاد الكلي تتأثربالأزمات الاقتصادية والسياسية وقد تكون هذه الازمات داخلية أو ظروف اقتصادية عالمية ويتأثر بها الاقتصاد المصري كجزء من الاقتصاد العالمي.
وأوضح أن، الفقر في مصر عام 1999 بلغت نسبته 16.7% ثم اصبح32.5% عام 2017 بما يعني تتضاعف عدد الفقراء في مصر خلال عشرين عام تقريبا وهو مؤشر سلبي بكل تأكيد، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها بالطبع الزيادة السكانية كما أن عدم الاستقرار السياسي خلال العقد الاخير تسبب بشكل أو بأخر إلى عرقلة جهود مكافحة الفقر وبالتالي زادت نسبة الفقر.
كما وصل معدل الفقر في عام 2019 إلى 29.7%، وهذا يعد مؤشر جيد كما أنه يعد أول انخفاض في نسب الفقر منذ فترة حيث كانت نسبة الفقر 27.8% في عام 2015.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن مكافحة الفقر تكمن في عدة أدوات حكومية وفقا لبرامج وسياسات اقتصادية واجتماعية ومن أهمها برامج الحماية الاجتماعية والدعم الحكومي للمرافق والسلع الغذائية والمنتجات البترولية ومحاربة البطالة لما لها من أثار اجتماعية سيئة، حيث عملت الحكومة بالفعل على تقليل نسب الفقر من خلال إطلاق المشروعات القومية وخصوصا التي لها أبعاد اجتماعية ويبقي أبرز نموذج لذلك مشروعات الاسكان الاجتماعي ومشروعات القضاء على العشوائيات وإعادة تخطيط الخدمات والمرافق في كافة المناطق والمحافظات على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأكد الخبير الاقتصادي، على ضرورة الاستمرار بمكافحة الفقر في المستقبل بالتعليم، وفقا للبيانات الرسمية الصادرة من جهاز التعبئة والإحصاء، حيث بلغ معدل الأمية 39.4% عام 1996، حتى وصل إلى 29.7% عام 2006 وحتى 25.8% عام 2017، وهي نسب كبيرة بالطبع ولكنها تظهر انخفاض كبير في نسب الامية.
وأكد أن الفقر يقل مع ارتفاع مستوى التعليم والذي يؤثر بلا شك على التفكير والرشادة الاقتصادية للفرد، والأسرة المصرية نسبة الفقر بين ما لا يجيدون القراءة والكتابة والتي بلغت نحو 40% تقريبا وتنخفض وفقا للتعليم وتصل إلى 5% للأشخاص ذوي المؤهلات فوق الجامعية.
وأشار إلى أن محاربة الفقر تبدأ بالتعليم ولعل أبرز مثال لذلك محافظة بورسعيد والتي تعتبر أقل محافظات جمهورية مصر العربية من حيث نسب الفقر بنسبة فقر بلغت نحو 7.6%، وهي بالطبع أقل معدل للأمية بالمحافطـات على مستوى الجمهورية، حيث وصلت نسبة الامية عـام 2017 ل14.1%.
وطالب الخبير الاقتصادي بتقديم مزيد من برامج الحماية الاجتماعية، كما شدد على ضرورة الربط بين التعليم وبرامج الحماية الاجتماعية حيث يتم إيقاف كافة أشكال الدعم لمن يتسرب بالتعليم عن قصد ودون مبرر.