زلزال الفساد يضرب الثروة العقارية.. خبراء: حادث جسر السويس لن يكون الأخير

العقارت المخالفة
العقارت المخالفة
كتب : سحر حسين

شهدت الأيام الماضية سيناريو متكررا لكوارث تسبب فيها الفساد ومخالفات بناء أدت لانهيار عقارات في مناطق متفرقة أسفرت عن وفاة عدد كبير من الأشخاص وإصابة أضعافهم، بدأت بعقار فيصل المحترق، مطلع الشهر الماضي، والذي استمرت النيران مشتعلة به لما يقرب من شهر وانتهى الأمر إلى تفجيره وإزالته، تلاه حادث انهيار عقار السويس، الأمر الذي يجعلنا في حاجة ماسة لوضع منظومة جديدة للتراخيص واشتراطات جديدة للبناء والترميم وتغليظ العقوبة على المخالفين.

الحادث الأول عقار فيصل المحترق بعد استمرار الحريق لأكثر من شهر منذ مطلع الشهر الماضي، قامت الأجهزة المعنية باستخدام الديناميت لتفجير عقار فيصل المحترق بالجيزة، الكائن بنطاق مدينة كرداسة بجوار الطريق الدائري، وذلك بعد الحريق الذي نشب فى بدروم العقار والأدوار الأرضى والأول والثانى المستخدمين كمخازن للأحذية غير مرخصة ومخالفة لاشتراطات البناء.

تلاه بعد عدة أيام قليلة حادث انهيار أحد العقارات بمنطقة جسر السويس، الواقعة التي عُرفت إعلاميا بـ "انهيار عقار جسر السويس"، والتي أسفرت عن وفاة أكثر من 5 أشخاص وإصابة 23 آخرين، نتيجة لمخالفات أيضا في البناء وإجراء توسعات مخالفة بالبدروم ومحل الملابس بالدور الأرضي.

وفي هذا السياق قال المهندس فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التشييد بالجمعية، إننا نشهد حوادث متكررة يوميا ما بين انهيار عقار وحالات مخالفة ينتج عنها كوارث، موضحا أن كلمة السر تكمن في الإدارة المحلية.

وأكد علي ضرورة متابعة مهندسين الأحياء المناطق المشرفين عليها وتطبيق القانون بكل حزم وقوه ومعاقبة المخالف وردعه حتي يكون عبرة ومثالا لمن يفكر في المخالفة.

وأضاف أن الوضع يختلف كثيرا في المدن الجديدة عن المحافظات، من حيث التراخيص والمخالفات موضحا أن العقارات دون تراخيص أو مخالفة لاشتراطات البناء محددة بتلك المناطق، لافتا الي أن هناك رقابة كبيرة بالمدن الجديدة ولا يتم البدء في البناء إلا بعد انتهاء كافة الإجراءات القانونية للمبني واستخراج كافة التراخيص اللازمة.

وطالب الحكومة بسرعة تطبيق المنظومة الجديدة للتراخيص واشتراطات البناء، بالإضافة لسرعة الانتهاء من قانون التصالح على مخالفات البناء.

وقال عماد سعد حمودة، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن منظومة البناء تعاني من إرث كبير على مدار العصور السابقة تمثل فى العشوائيات أو البناء المخالف أو سوء التخطيط، ودائما ما يدفع المواطن نتيجة هذه الأخطاء.

وأوضح رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أنه سيعقد اجتماع موسع بحضور الإسكان والتنمية المحلية، لبحث أسباب انهيار عقار مكون من بدروم وأرضى و9 طوابق بمنطقة جسر السويس، عقب الانتهاء من التحقيقات للوقوف على التفاصيل، بالإضافة لتشكيل لجنة لمعاينة موقع العقار وهل تأثرت العقارات المجاورة بهذا الانهيار من عدمه.

وشدد حمودة، على ضرورة تفعيل اشتراطات البناء، مؤكدا أن هناك بعض الممارسات التى تفسد الجهود العظيمة التى تتم فى الدولة، ولهذا لابد من محاسبة كل مقصر، لمنع هذه التجاوزات فى حق المواطنين وفى حق الدولة.

لافتا إلى أن اشتراطات البناء الجديدة، تهدف للحفاظ على حقوق المواطنين وحق الدولة فى تنظيم العمران، والجميع يحرص على تحقيق التوازن بين احتياجات المواطنين ووضع اشتراطات جديدة للبناء، وبين الصورة الواقعية للبناء القائم فى المحافظات، وستخرج الاشتراطات تلبي احتياجات المواطنين جميعهم، وفى نفس الوقت فلسفة الاشتراطات قائمة على عدم عودة البناء العشوائي مرة أخرى.

وأوضح أن تفعيل الشباك الواحد، هو السمة السائدة فى الاشتراطات الجديدة، وأنه ستكون هناك جهة واحدة للتعامل معها بشأن اشتراطات البناء وهناك اتجاه أن تكون فترة استصدار تراخيص البناء لن تتعدى الـ60 يوما وهي فترة مقبولة، واستخراج التراخيص من خلال مكتب هندسى ووضع ضوابط لضمان السلامة الإنشائية للمبنى وسرعة مجابهة البناء بدون ترخيص أو خارج الأحوزة العمرانية.

وتابع حمودة، الالتزام بأسس التصميم وشروط تنفيذ المباني والمنشآت بالأكواد المصرية؛ من ضمن حزمة الاشتراطات الجديدة أيضا، بالإضافة للالتزام بضوابط واشتراطات التقسيمات المعتمدة، كما أنه لن يُسمح بالتراخيص الجديدة للإشغالات والأنشطة التجارية أو الإدارية بالمباني السكنية، ونشاط الوحدات السكنية، وسيحظر تغيير نشاط الوحدات السكنية لغير الاستخدام السكنى.

وأكد علي أن نجاح هذه الاشتراطات يتطلب تضافر الجهود، الحكومة والنواب والإعلام وشُعب الاستثمار العقارى، ونقابة المهندسين، لضمان تحقيق الفلسفة على أرض الواقع من الاشتراطات الجديدة.

يذكر أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، كلف في مطلع العام الجاري، بإعداد دليل إجراءات خاص بإصدار تراخيص البناء، يحدد الأدوار التي ستقوم بها كل جهة بالمنظومة، حتى يكون المواطن على دراية بالإجراءات، مشددا على ضرورة التيسير على المواطنين الراغبين في الحصول على التراخيص الجديدة للبناء.

وجاءت أبرز التعديلات إصدار تراخيص البناء لمدة 3 سنوات بدلًا من سنة واحدة، وتصبح رخصة البناء عقدًا ملزمًا بين الدولة وصاحب الرخصة، وتضمن الرخصة تفعيل دور اتحاد الشاغلين وضمان الحوكمة الكاملة لمنظومة استخراج تراخيص البناء، على أن يتم ميكنة المنظومة في كل محافظات مصر.

كما تضمنت التعديلات إصدار شهادة صلاحية الموقع للبناء يتم تحديد مدتها لأسبوعين، منع تغيير نشاط الوحدة السكنية وتغليظ العقوبات في حال مخالفة ذلك، وزيادة مدة صلاحية الترخيص مع تفعيل الآليات التي استحدثها القانون لاستخراج الترخيص من خلال مكتب هندسي.

وتضمن أيضا منح وزارة الزراعة سلطة تنفيذية بإزالة المباني خارج الحيز العمراني، و شهر هو المدة اللازمة لإخطار المحافظ أو رئيس الهيئة المختص والجهة الإدارية قبل التنفيذ، بالإضافة الي أن يتراوح ارتفاع المبنى السكني بين 4 أو 5 أو 6 طوابق، وهذا يتحدد حسب مساحة الشارع الكلية، وأن أقصى ارتفاع في أحياء القاهرة يبلغ عرض الشارع مرة ونصف.

وتضمن البند الأخير أن الحد الأدنى لقطعة الأرض داخل حيز مساحة البناء 200 متر ولا تقل عن ذلك ولا تزيد نسبة البناء عن 40٪ من الأنشطة الخدمية أو ما هو منصوص عليها في متطلبات الجهة المختصة، ويجب توفير جراج في كل عقار أو مبنى إما أسفل العقار أو في بأي طابق فيه، باستخدام وسائل مضاعفة أماكن الانتظار ميكانيكيا.

وفي نفس السياق قال المهندس حسين جمعة، رئيس جمعية الثروة العقارية المصرية، إن الثروة العقارية في مصر تحتاج لتقنين وبنية تحيته تشريعية، لافتا الي أننا في حاجة ماسة لهيئة عليا للثروة العقارية المصرية.

وأوضح ان من أبرز مهام الهيئة العليا للثروة العقارية المصرية عمل حصر للمباني المخالفة وغير الآمنة وتنظيم الحالات المختلفة من عمل توسعات وإزالة مباني لضمان سلامة المباني المحيطة الأخري.

وأشار الي ضرورة وجودة لجنة إدارة الأزمات لمواجهة أى أزمة طارئة وإدارتها والحفاظ علي سلامة المواطنين، لافتا الي أن مصر تفتقد الي القوانين الصارمة التي تعاقب كل مخالف وتكون رادع له.

ولفت الي أن دم الثروة العقارية مشتت بين الجهات الحكومية، والمباني القديمة تفتقد إلي وسائل الدفاع المدني ومواجهة الحرائق، فضلا عن غياب الصيانة المستمرة للمباني.

وأكد علي ضرورة وجود اتحاد الملاك لكل عقار ليكون مسئول عن كافة إجراءات الصيانة والأمان للعقار من صيانة وتقويمه في حالة وجود خلل، وشدد علي ضرورة تفعيل القوانين وتكوين اتحاد الملاك بكل عقار، فضلا عن الحزم وعدم التهاون في أى مخالفات.

واقترح إدخال ترميم المباني التي تعاني من مشاكل فنية ضمن مبادرة التمويل العقاري، لافتا إلى فتح باب مبادرة البنك المركزي للتمويل العقاري بنسبة فائدة 3% أمام لترميم العقارات القديمة للحفاظ علي العقارات القديمة.

وتابع أن فتح باب المبادرة أمام ترميم العقارات القديمة ستوفر عمل كثيرة للعمالة، وتوفير تعويضات بمبالغ كبيرة تعطي للمواطن في حالة الوفاة في انهيار العقارات التي نشهدها بصورة كبيرة الفترة الأخيرة.

وأكد علي أن الثروة العقارية في مصر تحتاج لتكاتف من كل الجهات الحكومية وتضافر الجهود بين جميع المؤسسات المسئولة، لافتا إلي أن الثروة العقارية قاطرة التنمية في أى دولة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً