اتفق عدد من خبراء الاقتصاد، أن الاستثمارات الأجنبية والمحلية ستشهد طفرة نوعية خلال الفترة المقبلة، في ظل الإصلاحات الهيكلية من البرنامج الثاني للاقتصاد المصري، الذي يستهدف مجموعة متنوعة من السياسات التي تؤثر بشكل رئيسي على مستويات العملية الإنتاجية، وزيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسب تتراوح بين 6 إلى 7 %، حيث ترتكز المرحلة الثانية على 7 بنود رئيسية، تتمثل في تطوير قطاع التعليم وتطوير أسواق المال وتحرير التجارة وإصلاح هيكل تطوير المنتجات المحلية وتعميق وجودها في الصناعة المصرية وإصلاحات منظومة الاقتصاد ككل، الأمر الذي يلقى بظلاله على تحسين مناخ البيئة الاستثمارية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد.
وكانت الحكومة المصرية، أعلنت عن إطلاق المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي تحت مسمى برنامج الإصلاحات الهيكلية لمدة 3 سنوات حتى 2023/ 2024.
ومن جانبه، قال رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تسعى في المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الهيكلي، نحو تعزيز مرونة الاقتصاد المصري وتنوعها وزيادة إنتاجيته من خلال إصلاحات جذرية تحقق النمو الشامل والمستدام، بما يضمن تفعيل واستدامة مكتسبات المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والذي تعرض بشكل أساسي لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الداخلية والخارجية من خلال تحرير سعر الصرف وخلق اقتصاد أكثر مرونة، بهدف رفع القدرة التنافسية الخارجية ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي، وضبط أوضاع المالية العامة وتقليص عجز الموازنة.
وتابع، أن تطبيق إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة والبنية التحتية، سيساهم في تحسين مناخ الاستثمار وزيادة معدلات التشغيل ومشاركة المرأة والشباب، فضلا عن تعزيز الحماية الاجتماعية وتوسيع مظلة الأمان الاجتماعي، خصوصًا الطبقات الأكثر عرضة الآثار السلبية للإصلاحات الاقتصادية.
وأضاف الجرم لـ"أهل مصر"، أن معظم الإصلاحات الهيكلية التي يتضمنها البرنامج الثاني للإصلاح الاقتصادي، يعتمد على زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية الدولة، ما ينعكس بالإيجاب على جذب مزيد من المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر، نتيجة دعم بيئة الأعمال وتعزيز القطاع الخاص وتسريع وتيرة الرقمنة الاقتصادية وتحسين البنية التحتية اللازمة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما يؤدى إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي بشكل أفضل.
أوضح الخبير الاقتصادي، أن تنفيذ السياسات المالية والنقدية التي كان شعار المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، لا تكفي وحدها لضمان استدامة معدلات النمو؛ لذا لابد من تزامن ذلك مع إجراء إصلاحات هيكلية ومؤسسية من أجل ضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتعظيم مكاسب الإصلاحات الاقتصادية على المدى الطويل، حيث تتضمن الإصلاحات الهيكلية، حزمة من السياسات التي تؤثر بشكل أساسي على جانب العرض الكلي في الاقتصاد، بحيث تشمل تحرير التجارة وإصلاح منظومة التدريب المهني وتطوير أسواق المال وإصلاح أسواق العمل وقطاع التعليم والصحة، مع التركيز على القطاع الصناعي ورفع معدل الاستثمار في قطاع الصناعة التحويلية بشكل مُستدام وزيادة نصيبه من الناتج المحلي الإجمالي، مع توجيه وتوطين الصناعة وتعزيز سلاسل التوريد المحلية وتعميق التشابكات وزيادة القيمة المضافة للصناعة الوطنية وتحقيق معدل اندماج أعلى في سلاسل التوريد العالمية والإقليمية، مع زيادة القدرة التنافسية الدولية للصناعات التحويلية وتشجيع الصادرات الصناعية.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد راشد، الخبير الاقتصادي، والمدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف، إن المرحلة الثانية من الإصلاح الهيكلي ستضع الاقتصاد المصري علي قضبان التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث ستركز بشكل أساسي علي الإصلاح الهيكلي وتوطين التكنولوجيا محليًا مع تعظيم الاستفادة من مخرجات التحول الرقمى والذي أصبح مكونًا وعنصرًا أساسيًا يعتمد عليه تطوير كافة القطاعات.
وأضاف راشد، لـ"أهل مصر"، أن المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي نجحت فى تثبيت دعائم الاقتصاد الكلي وتحقيق الاستقرارالمالي والنقدى ووضع الاقتصاد علي المسار الصحيح، لينطلق سريعا دون مكبلات على قضبان التنمية الاقتصادية، فكل الإشادات الإيجابية التي يتلقاها الاقتصادي المصري من قبل كافة المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، علاوة علي تثبيت التصنيف الائتماني من قبل مؤسسات التصنيف الدولية عند المستوى B مع نظرة مستقبلية مستقرة رغم أزمة كورونا، تشير إلى أن الاقتصاد المصري اقتصاد واعدًا.
وأوضح المدرس بكلية السياسة والاقتصاد بني سويف، أن الاستثمارات الأجنبية والمحلية ستشهد طفرة هائلة خلال الفترة المقبلة، ما يؤدي إلى تغير استراتيجية خريطة الاستثمارية، في حالة انحسار فيروس كورونا على وجه الخصوص، لأن أغلب العوامل الجاذبة للاستثمار متوافرة فى الاقتصاد المصري، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على التحسن المستمر في ترتيب مصر بمؤشر التنافسية الدولية وتقرير ممارسة الأعمال.
وأكد راشد، أن المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي تتميز بأنها لا تحمل أي أعباء مالية على المواطن، بل ستركز على الارتقاء بمستوى معيشة المواطن المصري وتطوير كافة الخدمات المقدمة له، والاستفادة من مخرجات الثورة الرقمية، كما سيتم ترتيب أركان الاقتصاد المصري بعد تاثيرات أزمة كورونا، وكذلك دعم السياسات المحفزة للاستثمار لخلق المزيد من فرص العمل، كما سيساعد الإصلاح الهيكلي بشكل كبير علي الحد من المخاطر التي يمكن أن تواجه الاقتصاد المصري، ليصبح ضمن أكبر15 دولة اقتصادية على مستوى العالم في المستقبل.
وأشار إلى أن الحكومة بدأت فعليًا في تطبيق الإصلاح الهيكلي من خلال مبادرة تطوير القري المصرية والتي تمتد لتشمل نحو 4200 قرية، وهو ما سيجعل المواطن يشعر بالفعل بثمار الإصلاح الاقتصادى ليتحول الأمر إلى واقع ملموس وتطور ملموس، من خلال تغيير وجه القرية المصرية علي مستوى البنية التحتية والتعليم والخدمات الصحية وغيرها.
وكانت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، كشفت عن ضخ استثمارات ضخمة خلال 21/2022، كحزمة تحفيزية لتحريك الاقتصاد ودفع عجلة الإِنتاج والتشغيل في كافة القطاعات، ومن المستهدف تخصيص نحو 358 مليار جنيه كاستثمارات للجهاز الحكومي، و 269 مليار جنيه للهيئات الاقتصادية العامة، حيث تم توجيه نحو 38% من الاستثمارات الكلية التي تستهدف الحكومة ضخها، إلى القطاعات السلعية من زراعة وطاقة وتشييد والبناء، و 35% لقطاعات الخدمات الإنتاجية من نقل و تخزين و تجارة جملة وتجزئة، و27% لقطاعات الخدمات والرعاية الاجتماعية من تعليم وصحة وخدمات اجتماعية أخرى.