رغم أن قطاع الاتصالات أحد أبرز القطاعات الاقتصادية المستفيدة من أزمة كورونا، خاصة بعدما دفعت الأزمة الى زيادة الاعتماد على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ظل الإجراءات الوقائية والالتزام بعملية التباعد الاجتماعي، بما أحدث نشاط هائل في معدلات الاستخدام ودعم لعملية الرقمنة وبقاء العالم متصل شبكيا لكن في الوقت نفسه أدت تداعيات الأزمة وتأثيرها السلبي على مجال السياحة وتوقف حركة الطيران بالتبعية إلى تأثر خدمات اتصالات التجوال الدولي.
توقع محللون في شركة جونيبير للأبحاث، أن انهيار السفر الدولي نتيجة تفشي فيروس كورونا يمكن أن يكلف صناعة الاتصالات العالمية خسائر تقدر بنحو 25 مليار دولار بما يسجل حوالي 50% من اجمالي مايحققه قطاع الاتصالات العالمي سنويا من رسوم التجوال.
ومن المتوقع أن يفقد القطاع نحو 12 مليار دولار خلال أشهر الصيف مع التزام الأفراد بالإجراءات الوقائية والغاء رحلاتهم خلال الإجازات والعطلات السنوية، حيث من غير المحتمل استرداد تلك الإيرادات.
ووفقا لـ"جونيبر" ستبلغ إيرادات صناعة الاتصالات العالمية نحو 820 مليار دولار خلال العام الجاري، مشيرة إلى أن إيرادات التجوال تمثل جزءا صغيرا منها لا يتجاوز نسبة 4% سنويا.
وكشف الدكتور حمدي الليثي رئيس لجنة الاتصالات بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، أن شركات الاتصالات في مصر تضررت من توقف السياحة وتأثيرها السلبي على خدمات التجوال الدولي، موضحا أنه على مدار الثلاثة شهور الماضية منذ بدء أزمة كورونا تراجع استهلاك تلك الخدمات إلى أدنى مستوياتها حيث تكاد تتوقف تماما.
وأفصح الليثي في تصريحات لـ«أهل مصر»، أنه رغم تأثير كورونا الإيجابي في زيادة حجم استهلاك خدمات الاتصالات من الصوت والبيانات، إلا أنها افقدتها ايرادات التجوال الدولي بعد توقف السياحة وتعطيل الطيران، مشيرا إلى أن صعوبة التأثير السلبي لتوقف خدمات التجوال الدولي تكمن في فقددان عوائدها من العملة الصعبة والتي تطوعها لتطوير خدماتها بما يساهم في تقدم قطاع تكنولوجيا المعلومات ويعود بالنفع على الاقتصاد المصري في نهاية الأمر.
وقدر الليثي عائد تلك الخدمات بما لا يقل عن 17% من إجمالي إيرادات خدمات الاتصالات في مصر، مشددا على أهمية عودة السياحة واستئناف حركة الطيران لاستعادة ذلك المورد الهام من الإيرادات وإيقاف خسائرها.
وقال الليثي إن الشركات تبحث عن عودة السياحة بصورة كاملة لضمان تشغيل التجوال الدولي، مؤكدا أن الحلول المؤقتة لن تساهم في تجاوز الأمر على المدى البعيد مستبعدا الاعتماد في الوقت الحالي على التقنيات الرقمية كأحد الحلول لعمل الزيارات الافتراضية والسياحة عبر الإنترنت لتقدمها الشركات في نطاق خدمات القيمة المضافة، لافتا إلى إمكانية تطبيقها في المستقبل القريب.
من جهته قال المهندس خالد حجازي مسؤول باحدى شركات الاتصالات في مصر، إن التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا على مجال السياحة ألقت بتوابعها على الاستفادة من خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خاصة مع توقف حركة الطيران وغلق الفنادق والمنشات السياحية والكافيهات.
وكشف حجازي لـ«أهل مصر»، أن خدمات التجوال الدولي لكافة المشغلين بمصر تأثرت بشدة بسبب منع حركة السفر وتوقف الطيران، وبالتالي غياب حاجة الأفراد لتلك الخدمات حيث تصل نسبة توقف التجوال الدولي لنحو 100% المتعلق بجانب السياحة.
وشرح حجازي أن عناصر المنظومة السياحية من مسافرين ومرشدين سياحيين وسائقين وعمال ومسئولي حجز الطيران وحجز الفنادق توقفوا عن استهلاك نصيبهم من خدمات الاتصالات مؤكدا تأثر ايضا المزارات السياحية والمطاعم والكافيهات وباقي عناصر المنظومة خاصة أنها دائرة متكاملة تؤثر على بعضها البعض كما أن استخدام تطبيقات التواصل المجانية مثل ماسنجر وواتساب وايمو وغيرها من تلك التطبيقات الحديثة كانت تعتمد على خدمة الانترنت اعتمادا على البيانات الدولية وهو ما توقف أيضا.
وأضاف حجازي أن السياحة الدينية مثل موسم العمرة تعد أحد العوامل المؤثرة في إيرادات خدمات التجوال الدولي للاتصالات لجميع الشركات العاملة في مصر خصوصا أنها كانت دائما ماتشهد طرح عروضا خاصة بها ومع توقفها فقد قطاع الاتصالات مورد هام من موارده الاستثمارية.
وأشار حجازي إلى أن تأثير الأزمة على الغاء الفاعليات والأحداث الكبيرة مع توقف حركة الطيران اضر بعوائد خدمات الاتصالات والبيانات خاصة انه قد يؤجل إلى تطوير الجوانب الادارية والتسويقية والتي تعتمد على التقنيات الرقمية الحديثة.
ومن جانبه، أكد أيمن عصام _ مسؤول باحدى شركات الاتصالات في مصر أن قطاع السياحة _ شهد انتعاشة غير مسبوقة في عام 2019 حيث تعافى قطاع السياحة فى مصر، ووصل عدد السائحين خلال عام 2019 إلى ما يقرب من 13 مليون سائح، موضحا أن الوضع كان مستقرا حتى مطلع مارس الماضي.ولفت عصام في تصريحات لـ«أهل مصر» إلى أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات التي تأثرت السنوات الماضية بالعديد من الأزمات، وهو قطاع قادر بالفعل على التعافي وأثبت جدارته في أكثر من أزمة، واستطاعت مصر أن تستعيد مكانتها على خارطة السياحة العالمية في فترة وجيزة، متوقعا تحسن أداء عدد من الشركات العاملة بقطاع السياحة والسفر في الفترة المقبلة، بعد رفع حظر الطيران خاصة بعد الإشادة الدولية لإدارة الحكومة المصرية لأزمة فيروس كورونا.
وعن تأثير القطاع السياحي على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أكد عصام أن هناك علاقة قوية بين القطاعين، فتأثر القطاع السياحي، وانخفاض عدد السائحين الوافدين لمصر، بالتأكيد كان له تأثير واضح على العوائد التي كانت تحصل عليها الشركات من الوفود السياحية التي تزور مصر وتعتمد على شبكات الاتصالات المصرية.
كما أشار عصام الى أن العودة بالتأكيد ستكون تدريجية، حيث تبدأ بالسياحة الداخلية على المستوى المحلي حتى الانفتاح الكلي، مطالبا بالالتزام بالقواعد والإرشادات التي وضعت، والتحلي بالصبر حتى يعود هذا القطاع إلى الوضع الطبيعي كما كان سابقاً.
يذكر أن خاصية التجوال هى عبارة عن استخدام خط هاتفك المحمول خارج حدود مصر وذلك من خلال إجراء المكالمات الصوتية أو استخدام الإنترنت على شبكة مقدمة خدمة ما فى الدولة المسافر إليها وبدلا من دفع تكلفة الخدمة لمقدم الخدمة فى البلد المستضيف يتم احتساب التكلفة على مقدم الخدمة المحلى الذى يقوم بدوره بتضمين قيمة المكالمات فى فاتورتك أو خصمها من الرصيد طبقاً لتعريفة التجوال المعلنة.