أعلن ريتشارد كلاريدا أمس الاثنين أنه سوف يتنحى عن منصبه كنائب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مبكراً قبل أسبوعين من انتهاء فترته، وذلك بعد الكشف الأسبوع الماضي عن أنه باع أسهماً عشية إعلان المجلس عن قرار بارز مطلع فبراير 2020.
سيغادر كلاريدا منصبه في مجلس المحافظين بالاحتياطي الفيدرالي في 14 يناير الجاري قبل انتهاء ولايته في 31 يناير، وفقاً لخطاب أرسل إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن والذي اختار لائيل برينارد، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، في منصب نائب رئيس المجلس في نوفمبر. ولم يشر الخطاب إلى صفقة التداول التي قام بها كلاريدا.
وقالت بلومبرج الشرق إن الرحيل المبكر وغير المتوقع لكلاريدا،يأتي في ظل الفضيحة الأخلاقية التي ضربت الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي، وبعد تقارير الأسبوع الماضي تفيد بأنه باع أسهماً بما لا يقل عن مليون دولار في صندوق الأسهم الأمريكية في فبراير 2020 قبل شراء مبلغ مماثل من الصندوق نفسه بعد بضعة أيام. في اليوم التالي، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن البنك المركزي يستعد لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية الاقتصاد والأسواق المالية من تداعيات فيروس "كورونا".
في الوقت الذي تم الكشف عن صفقة الشراء سابقاً ونشرت عنها "بلومبرغ" في أكتوبر، تضمّن إقرار الذمة المالية المعدّل بيع أسهم الصندوق لأول مرة وتم تقديمه إلى الحكومة الشهر الماضي.
باول قال في بيان يوم الاثنين الماضي: "مساهمات ريتشارد في مداولات سياستنا النقدية وقيادته لأول مراجعة عامة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لإطار سياستنا النقدية، ستترك تأثيراً دائماً في مجال البنوك المركزية".
أظهر جدول الدورات من جامعة كولومبيا، التي يعمل بها كلاريدا أستاذاً، أنه مسجّل كمدرس بالجامعة الفصل الدراسي الحالي مجدّداً. خلال الخريف الماضي، أعلن اثنان من الرؤساء الإقليميين لمجلس الاحتياطي الفيدرالي عن مغادرتهم لمنصبيهما بعد الكشف عن نشاطهم التجاري. قال أحدهما، وهو إريك روزنغرين، عن بوسطن، إن استقالته كانت بسبب ترّدي حالته الصحية.
أعلن باول في أكتوبر عن مبادئ توجيهية جديدة للاستثمار، بما في ذلك حظر عمليات الشراء أو البيع خلال فترات الضغوط بالسوق. يجري المفتش العام للاحتياطي الفيدرالي تحقيقاً بشأن عملية التداول في البنك، حيث رفض التعليق على ما إذا كان التحقيق شمل كلاريدا.
الاستقالة ستثير تساؤلات حول نطاق تحقيق المفتش العام والضوابط حول القواعد الأخلاقية، على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي قد قام بمراجعتها. قال مسؤول الأخلاقيات في الاحتياطي الفيدرالي، في رسالة مرفقة بإقرار الذمة المالية المعدّلة لكلاريدا، إن نائب رئيس البنك "ملتزم" بالقوانين واللوائح المتعلقة بتضارب المصالح.
قال كالب نيجارد، باحث أول في برنامج "يال" للاستقرار المالي: "إنه حقاً مأزق كبير بالنسبة إلى مسؤولي الأخلاقيات للدفاع عن هذه المعاملات. فالأمر يتعلق بثقة الجمهور".
رفضت متحدثة باسم مجلس الاحتياطي الفيدرالي التعليق على ما وراء خطاب مسؤول الأخلاقيات الملحق بإقرار الذمة المالية المعدّل الخاص بكلاريدا.
يشغل كلاريدا عضوية مجلس الإدارة ونائب الرئيس منذ سبتمبر 2018. ومن المقرر أن تعقد اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ جلسة استماع بشأن ترشيح برينارد يوم الخميس بعد يومين من مثول باول أمام اللجنة لمناقشة ترشيحه لفترة ثانية كرئيس.
قال روبرتو بيرلي، الخبير الاقتصادي السابق في الاحتياطي الفيدرالي وشريك في Cornerstone Macro LLC، إنه يعتقد أن نشاط تداول الأسهم الذي قام به نائب الرئيس كان بحسن نية، لكن الأمر يترك أجواء من الشكوك حول دوافعه.
بيرلي أضاف: "لا أعرف ما إذا كان هذا هو سبب استقالته المبكرة، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فإن كلاريدا تصرف بشكل صحيح لصالح المؤسسة، كما يتوقع أي شخص"، لافتاً بالقول: "لا أستبعد احتمال رحيله لأسباب أخرى. والأسابيع القليلة الماضية في الاحتياطي الفيدرالي هي مجرد إجراء شكلي أكثر من أي شيء آخر".
من جانبها، استشهدت السناتور إليزابيث وارين، التي تعارض إعادة ترشيح باول، بأحدث تقرير حول كلاريدا في رسالة إلى باول في وقت سابق من يوم أمس الاثنين، حيث كررت طلبها من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالإفصاح عن جميع المعلومات المتاحة بشأن التداولات التي يقوم بها مسؤولو البنك المركزي.
وكتبت وارين: "يشكّل هذا الكشف مجرد أحدث دليل على فشل أخلاقي متجذّر في الاحتياطي الفيدرالي، والحاجة المُلحّة لإصدار معلومات شاملة حول نشاط التداولات للمسؤولين".