أكد محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن قرار البنك المركزي الخاص بتنظيم العمليات الاستيرادية جاء مفاجئ السوق المصري، وكان لابد على المركزي أن يمهد القرار من خلال الحوار المجتمعي مع منظمات الأعمال المختلفة وتجميع المقترحات للوصول لأفضل صيغة ممكنة وتنفيذ القرار على مراحل للحفاظ على استقرار السوق.
وأوضح عبد الوهاب أنه كان على البنك المركزي الاستفادة من تجربة وزارة المالية في هذا الشأن، خصوصا بشأن النظام المسبقة لتسجيل الحسنات الخاص بالجمارك والذي جاء القرار بمثابة متمم له حيث أخذت الوزارة وقت كافي في شرح النظام الجديد للمستوردين وعمل جلسات حوارية مع كافة الأطراف ثم قامت بتنفيذه على مراحل معطية فرصة لتوفيق الأوضاع، ووقفت أمام أي محاولة التحليل أو تعطيل النظام من جانب للمستوردين ونفذته في مواعيد المعلنة بعد احتواء كافة الآراء والمقترحات حوله.
وانتقد عبد الوهاب سياسة فرص الأمر الواقع التي يتبعها المركزي، موضحا أن هذه السياسة ضرورية في بعض القرارات مثل تحرير سعر الصرف ولكن ليس في كل القرارات حيث إن قرار مفاجئ مثل هذا قد يربك السوق بشكل كبير ويعطى فرصة لبعض المحتكرين في رفع أسعار السلع على المواطن في عام أزمة حقيقية ارتفعت فيه الأسعار بالفعل بشكل كبير ولعبنا جميعا نلمس الارتفاع الواضح في أسعار مجموعة منتجات الألبان والبيض، وهو ما سيؤدي لرفع معدلات التضخم بكل تأكيد وكل ذلك ينعكس بالسلب على ميزانية المواطن محدود الدخل.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن ذلك يعد مؤشر قوي على توجه البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية في مارس لاحتواء الموجة التضخمية التي تعصف بالعالم حاليا وستنعكس بالطبع على الاقتصاد المصري واتجاه الفيدرالية الأمريكي لرفع أسعار الفائدة، وبالتالي كان الوقت ضيق أمام المركزي فاختار اتخاذ القرار وتنفيذه بهذه السرعة لاحتواء آثاره ضمن الموجة التضخمية القادمة.
وأعرب عبد الوهاب عن تخوفه من تسبب القرار في خروج الشركات الصغيرة من السوق، حيث إن المؤشرات المبدئية ترجح خروج 40٪ من تلك الشركات، كما أن القرار وتوقيته وعدم إعطاء وقت كافي للتكييف معه خلق حالة من الاضطراب في السوق بالفعل بين التجار والصناع والمستوردين، الذين لم يسمعوا عن القرار من قبل ولم يستعدوا له، وبالتالي يجب مراجعته، وهذا لا ينتقص من أهمية القرار وضرورة تنفيذه ولكن يعطى فرصة أكبر للسوق ومجتمع الأعمال لاستيعابه.