قال أحمد محمد الأمام الخبير الاقتصادي، إن العالم يمر بوضع اقتصادي غير مسبوق فبعد التأثيرات المتداخلة لكوفيد 19 وتحويراتها، و تأثر العالم بالإغلاقات، وخلل سلاسل الإمدادت عالميًا وصولًا إلى الحرب الروسية على أوكرانيا وما صاحبها من قرارات اقتصادية عالمية لأمريكا ضد روسيا، والقرارات المضادة لروسيا، وتعليق بيع منتجاتها حتى أخر العام، وتوقف تصدير المنتجات الأوكرانية فالمشكلة الحقيقية تكمن في مرحلة عدم اليقين التي نمر بها الآن.
وأوضح "الإمام"، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن تذبذب قرارات قادة العالم من الخوف من التأثيرات المستقبلية على العالم سواء استراتيجيًا أو اقتصاديًا، مشيرًا إلى أن مصر من أكثر الدول تأثرًا بهذه الأحداث المتلاحقة.
وأوضح أن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وقامت باستيراد نحو 12.9 مليون طن في 2020 للحكومة، والقطاع الخاص بقيمة 3.2 مليار دولار.
وأضاف أنه وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت واردات مصر الحكومية من القمح 5.5 مليون طن عام 2021، مقابل نحو 3.5 مليون طن محليًا من الفلاحين، حيث تعد روسيا وأوكرانيا أكبر الدول المصدرة للقمح لمصر، بنسبة تصل إلى 80% من حجم الواردات، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تبحث استيراد القمح من 14 دولة أخرى.
وأكد أن دعم السلع التموينية في مصر نحو 89.5 مليار جنيه للسنة المالية الحالية 2021-2022، منهم 36.5 مليار جنيه دعم للخبز، و53 مليار جنيه دعم للسلع التموينية، ويستفيد 72 مليون شخص من دعم الخبز و64 مليونًا من دعم السلع التموينية، مضيفًا أنه بسبب الأزمة يتوقع احتياج مصر لنحو 30 مليار جنيه أخرى لزيادة الدعم، وخصوصًا للقمح، وزيت الذرة، ودوار الشمس، حيث أن الموردين الأساسين لهم روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى أن السياحة الروسية تساهم بنحو 3.5 مليار دولار أميركي سنويًا من عائدات القطاع قبل حادثة تحطم الطائرة الروسية "متروجيت" فوق سيناء نهاية أكتوبر عام 2015، حيث بلغ عدد السياح الروس في 2015 قبل توقف الرحلات إلى مصر بلغ 3.2 مليون روسي بنسبة 33 في المئة من إجمالي السياحة الوافدة لمصر.
ونوه إلى أن عائدات السياحة في عام 2021 تمثل نحو 13.02 مليار دولار مما يعني أنه من المتوقع فقد مصر نحو 7 مليار دولار على الأقل هذا العام، مع ملاحظة إن قطاع السياحة المصري، كان يسهم بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الجائحة.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط عالميًا هو أبرز التداعيات على الموازنة العامة المصرية، والتي قدرت سعر برميل النفط عند مستوى 61 دولارًا في حين يتجاوز حاليا 111دولارًا للبرميل أي بارتفاع نحو 50 دولارًا عن المقدر مما يؤثر بصورة كبيرة على عجز الموازنة والأسعار داخل مصر، حيث وفقًا للبنك الدولي، إن كل زيادة بمقدار 10 دولارات في سعر النفط العالمي عن السعر المقدر له في الموازنة العامة لمصر خلال العام المالي الجاري، سيترتب عليها ارتفاع نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.2% إلى 0.3%. أي رفع العجز بنحو 1.5 % الى 2 %
ووفقًا لكل التداعيات السابقة، وبعد قرار مجلس الاحتياطي الأمريكي، يوم الأربعاء الماضي، رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية في محاولة لاحتواء التضخم الذي وصل إلى أعلى معدل منذ عام 1982.
وقال مجلس الاحتياطي الأمريكي إنه يتوقع أن تكون الفائدة في نطاق من 1.75% و2% بحلول نهاية العام 2022.
وأكد الخبير الاقتصادي أنه بناء على تأثيرات كل ما سبق قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعهـا الاستثنائي أمس رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس؛ ليصل إلى 9,25٪ و10,25٪ و9,75٪، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس؛ ليصل إلى 9,75٪. وإصدار بنكا مصر والأهلي شهادة استثمار جديدة بفائدة 18% وارتفع سعر الدولار ارتفاعات متتالية اليوم؛ ليصل وفقًا للبنك المركزي إلى 18.17 جنيه للدولار أي بزيادة حوالي 2.5 جنيه تقريبًا.
وعلى صعيد السندات كشفت بيانات "تريد ويب" أن سندات الحكومة المصرية المقومة بالدولار ترتفع سنتين بعد خفض قيمة الجنيه.
وتوقع الخبير الاقتصادي تأثير هذه القرارات على مستويات التضخم رغم أنها لن يكون تأثيرها كبير على مواجهة التضخم لأن سبب التضخم ليس من جانب الطلب وزيادة السيولة وإنما السبب الرئيسي للتضخم يأتي من جانب العرض أي ارتفاع تكاليف الإنتاج في ظل ارتفاع أسعار السلع والمواد الخام والبترول التي نستوردها.
وأضاف إلى ارتفاع حجم الفائدة على الدين العام، بالإضافة إلى التأثير على الدعم، وعجز الموازنة ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتحريك أسعار البنزين والمحروقات مما يؤثر على الأسعار.
وأكد أنه يجب الحفاظ على كفاء وآليات الاقتصاد المصري، والقضاء على السوق السوداء، وتحسن الحساب الجاري، وتشجيع الإنتاج المحلي، وجذب استثمارات أجنبية لسوق الدين المصري، وتعزيز المعروض من العملات الأجنبية مما يؤثر إيجابًا على النشاط الاقتصادي
ومن المتوقع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية مستفيدة من فرق الأسعار، بالإضافة إلى سعر الأسهم المصرية المغري حاليًا للاستثمار فيه؛ حيث اتفق صندوق الثروة في أبو ظبي مع مصر على استثمار حوالي ملياري دولار ( يتضمن شراء حوالي 18% من البنك التجاري الدولي CIB بالإضافة إلى حصصًا في أربع شركات أخرى مدرجة في سوق الأوراق المالية في مصر، بما في ذلك شركة فوري للخدمات المصرفية وتكنولوجيا الدفع، وفقا لوكالة بلومبرج ).
وأشار إلى ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج، والتي ارتفعت بمقدار الضعف تقريبًا خلال السنوات السبع السابقة؛ لتصل إلى 31 مليار دولار عام 2021 ومتوقع مع هذه القرارات، وتحسن الأوضاع في الخليج نتيجة للارتفاع أسعار البترول إلى ارتفاع التحويلات بنحو 10% على الأقل.
وأكد أنه يظل التأثير وحجم ارتفاع الفائدة المقبل، وسعر الدولار مرهونًا بالوضع العالمي، ومدى الحرب الحالية، وفي محاولة للحكومة للتخفيف من أثر هذه القرارات قامت وفقًا لتوجيهات الرئيس بإعطاء أولوية قصوى لبرامجِ الحماية الاجتماعية خلال هذه المرحلة من الأزمة منها قرار تسعير الخبز الحر، كما تم منح حوافز لتأمين مخزون القمح، من خلال حافز إضافي لتوريد ونقل القمح؛ حتى تكون الأسعار جاذبة للمزارع المصري؛ وذلك لتأمين أكبر قدر من القمح المحلي حتى نهاية العام على الأقل، تقرر تبكير تطبيق زيادة المرتبات التي كانت مقررة مع بداية العام المالي الجديد 2022- 2023، ليتم تطبيقها اعتبارًا من أول أبريل المقبل بدلًا من أول يوليو 2022، بتكلفة إجمالية إضافية على موازنة الدولة، تصل إلى 8 مليارات جنيه.
ووافق الرئيس على زيادة المعاشات بنسبة 13%، على أن يبدأ تطبيق هذه الزيادة اعتبارًا من معاش الأول من أبريل المقبل، بدلاً من الأول من يوليو المقبل، بتكلفة إضافية 8 مليارات جنيه.
وتقرر أيضًا إضافة 450 ألف أسرة جديدة لمعاش برنامج "تكافل وكرامة"، بتكلفة سنوية إضافية تبلغ 2.4 مليار جنيه، وجه السيد الرئيس بتوفير احتياطي كبير في موازنة العام القادم، يصل إلى 130 مليار جنيه، لمواجهة التداعيات والأعباء التي من المتوقع أن تستمر إذا طال أمد الأزمة الحالية، بحيث نحاول من خلال هذا الاحتياطي أن نمتص الجزء الأكبر من التداعيات فيما يخص الأسعار؛ لتخفيف العبء عن المواطن، كما سيتم تثبيت الدولار الجمركي عند سعر 16 جنيهًا مصريًا للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، حتى آخر أبريل المقبل كما ستتحمل الدولة الضريبة العقارية لمدة 3 سنوات عن القطاعات الصناعية؛ للتخفيف عن تلك القطاعات في حال حدوث أي ضرر، بتكلفة إجمالية تبلغ 4 مليارات جنيه خلال تلك الفترة.
ومن المتوقع تأثير ِهذه الإجراءات على حجم العجز في الميزانية ليرتفع إلى أكثر من 10% على الأقل ِ