يأتي إعلان الرئيس الروسي بوتين، باستبدال الدولار الأمريكي، بالروبل الروسي، في تعاملات النفط، والغاز الطبيعي، وحركة التجارة؛ ليثير التحفظات والرفض الأمريكي، ومن دول الاتحاد الأوروبي تخوفًا على العملة الرسمية وهي الدولار.
فمن جانبه قال محمد محمود عبد الرحيم، الباحث والخبير الاقتصادي أن مع كل أزمة سياسية أو عسكرية استثنائية يصاحب هذه الأزمة نوع من أنواع حالات عدم الاستقرار السياسي، يصاحبه نوع من أنواع عدم الاستقرار الاقتصادي، وتتدهور معظم مؤشرات الاقتصاد الكلي.
وتابع: وهذا بالإضافة إلى التأثير على صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، موضحًا أنه غالبًا يحدث هزة كبيرة وتتراجع العملة الوطنية.
وأضاف أنه في حالة روسيا، تراجع الروبل الروسي، أمام الدولار الأمريكي، مضيفًا أن هذا مؤشر واضح وصريح على النتائج السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا، حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو بأضعاف الاقتصاد الروسي بكل الطرق الممكنة.
وأشار الباحث الاقتصادي، أنه كان لابد من وجود حلول قوية؛ لوقف تدهور العملة الروسية، وغالبا تلجأ البنوك المركزية؛ لرفع أسعار الفائده بشكل كبير جدًا، وبشكل استثنائي محاولة لامتصاص التضخم؛ لجذب أكبر عدد من العملاء لعمل إيداعات في البنوك لامتصاص السيولة والمحافظة على قيمة العملة الوطنية.
وأشار إلى أن روسيا اتخذت قرار اقتصاد قوي يحدث وهو التحصيل من العملاء المستوردين من روسيا بالروبل الروسي بدلًا من الدولار الأمريكي "في الدول الغير صديقة ".
وكان لهذا القرار رد فعل قوي، ومباشر وخلق حالة من الطل على الروبل الروسي أدى إلى بشكل كبير، إلى استقرار الروبل الروسي أمام الدولار الأمريكي.
وأكد أن الدولة التي تستطيع اتخاذ مثل هذه القرارت إلا إذا كانت لها صادرات بقيم كبيرة، كما لابد من وجود احتياطي نقدي من العملات الأجنبية بشكل جيد.
كما يمكن القول أن روسيا تزود أوروبا بقرابة 40 % من احتياجاتها من الغاز، وبالتالي يعد ذلك سلاح ضغط كبير من روسيا للجانب الأوروبي لتقوية العملة الروسية.
وتابع: "بالإضافة إلى أن هناك مصالح اقتصادية تربط روسيا بدول الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ التبادل التجاري بين الطرفين نحو 220 مليار دولار تقريبًا منها صادرات روسية تقدر بنحو 135 مليار دولار .
ومن جانبه قال محمد عطا خبير سوق المال، إن سبب إصدار هذا القرار الروسي نتيجة، العقوبات التي فرضت من أمريكا وأوروبا على روسيا فكان لابد للحكومة الروسية اتخاذ قرار يكون ملاذ لها لتعويض خسائر العقوبات.
وأوضح أن روسيا من أكبر مصدري الغاز الطبيعي لأوروبا، ومن هنا جاء بوتين بقرار استبدال التعامل من الدولار الأمريكي إلى الروبل الروسي، مشيرًا إلى أن أمريكا سترفض هذا القرار مما يؤدي لارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي نتيجة نقص الإمدادات الروسية.
وأضاف أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي سيكون له تأثير إيجابي لمصر، حيث أن مصر دولة مصدرة للغاز المسال.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن قرار بوتين هو مناوشات وتبادل لموارنين القوى للمحافظة على الاقتصاد الروسي.
ومن جانبه أكد الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، إن قرار الرئيس الروسي، بوتين، بقصر تقاضي ثمن صادرات الغاز الروسي، للدول غير الصديقة، على العملة الروسية (روبل) أحدث ارتباكا كبيرا، وبشكل خاص دول الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن قيمة صادرات النفط الروسي، إلى ما يسمى بالدول غير الصديقة لروسيا، تقدر بنحو 6 مليارات دولار، في حين تبلغ قيمة صادرات روسيا من الغاز الطبيعي، إلى الدول ذاتها 9.5 مليار دولار.
وأوضح أن الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل إنه من المتوقع أن تتجه دول الخليجي للسير على النهج الروسي، من خلال قبول قيمة صادراتها للصين باليوان الصيني، مما سيؤدي إلى المزيد من التحديات أمام دول الاتحاد الأوربي، وكذا الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف أنه على الرغم من أن قرار بوتين سيكون له تأثير محدود إلى حد ما، في ظل أن شركة (غازيروم) ملتزمة بالفعل ببيع 80٪ من إيصالاتها من العملة الأجنبية مقابل الروبل بالسوق المحلي، وحتى إذا رغب المشتري بقبول الروبل الروسي في شراء الغاز والنفط الروسي، فقد يكون من الصعوبة بمكان، في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على البنوك الروسية؛ إلا أن هذا القرار سوف يكون له آثار إيجابية على روسيا، من خلال إظهار قدرة روسيا على مقابلة طائفة العقوبات المفروضة عليها، بطائفة من العقوبات الروسية على دول الاتحاد الأوربي، فضلاً عن دعم العملة الروسية (روبل) إلى حد ما، حيث أدى هذا القرار إلى استعادة 40٪ من قيمته، في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بمعدل 30٪، وتراجع الدولار أمام الروبل إلى ما دون 95 روبل، إذ قفز الروبل بمقدار 8.27٪ أمام الدولار الأمريكي منذ ثلاث أسابيع سابقة.
وأكد أن المُتضرر الأكبر من هذا القرار، هو دول الاتحاد الأوربي، نظراً لاعتمادها الأساسي على النفط والغاز الطبيعي الروسي، في ظل عدم وجود أي بدائل متاحة خلال الفترة القصيرة القادمة، ومن الممكن أن تُعوض نقص امداداتها من الغاز والنفط من روسيا، حتى وإن سعت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الأيام القليلة الماضية، من توفير كميات من الغاز المسال، فلن تساعد في احتواء تلك الأزمة، أما بالنسبة الولايات المتحدة الأمريكية، فتعتبر أصغر مستفيد من صادرات الغاز الطبيعي الروسي، والتي تقدر بنحو 13 ألف برميل يوميًا.
وأشار إلى أنه على جانب آخر تُعد الصين، هي اللاعب الأساسي في هذا الخصوص، لكونها أكبر مستورد للنفط والغاز الطبيعي في العالم، وبما يمكنها من فرض شروطها، في ظل تَعطل سلاسل الإمداد من النفط والغاز لأوروبا، حيث ستنتهز الفرصة، للحصول على الغاز والنفط الروسي بأسعار تنافسية.