أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن «التمويل البديل» بات أكثر أهمية فى ظل تشابك التحديات العالمية التى تزايدت حدتها مع التأثيرات السلبية للأزمة الأوكرانية، على اقتصادات أنهكتها جائحة «كورونا»، وما أعقبها من موجة تضخمية لم تشهدها بعض الدول منذ أكثر من أربعين عامًا، واضطراب فى سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع غير مسبوق فى تكاليف الشحن، وأسعار السلع والخدمات، على نحو تداعت فيه الأزمات على الاقتصاد العالمى؛ ليُواجه ما لم يُواجهه منذ مئة عام؛ فمعدلات النمو والناتج المحلى الإجمالي تتراجع، بما يفرض ضغوطًا هائلة على مختلف الدول: متقدمة، ونامية، وسط سباق لكبح جماح التضخم.
فرص التمويل البديل في مصر
أضاف الوزير، فى المؤتمر الدولي حول «فرص التمويل البديل في مصر: نحو تمويل مستدام للتنمية» المنعقد بالتعاون بين وزارتي المالية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية ومشروع إصلاح واستقرار الاقتصاد الكلي الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أننا ماضون فى تعظيم جهود تنويع مصادر وأدوات التمويل لخفض تكلفة الاستثمارات التنموية، خاصة فى ظل الأزمة العالمية الراهنة، بما تفرضه من ارتفاع في تكلفة التمويل، وتزايد حالة عدم التيقن لدى المستثمرين، موضحًا أن مصر أصبحت على خريطة التمويل المستدام للاقتصاد الأخضر، بإصدار أول طرح للسندات الخضراء السيادية الحكومية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقيمة ٧٥٠ مليون دولار في سبتمبر ٢٠٢٠، على النحو الذى أسهم في جذب مستثمرين جدد ممن يفضلون الاستثمار الأخضر بأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وشرق آسيا والشرق الأوسط.
أشار الوزير، إلى أننا نستعد لإصدار أول طرح من الصكوك السيادية قبل نهاية العام المالي الحالي؛ لاستقطاب شريحة جديدة من المستثمرين العرب والأجانب خاصة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا ممن يفضلون المعاملات المالية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية؛ بما يُسهم في توفير التمويل اللازم للمشروعات الاستثمارية، المدرجة بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالموازنة العامة للدولة، لافتًا إلى أنه تم طرح أول إصدار لمصر من سندات «الساموراي» بالسوق اليابانية، بقيمة ٦٠ مليار ين ياباني، بما يُعادل نحو نصف مليار دولار، على نحو جذب العديد من المستثمرين اليابانيين، حيث لاقي إقبالاً كبيرًا، بما يدل على ثقتهم في صلابة الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق مستهدفاته في ظل التداعيات الاقتصادية العالمية الراهنة.
أوضح الوزير، أننا نستهدف التعاون المشترك مع الجانب الصينى لإصدار سندات مصرية باليوان فى السوق الصينية، التى تعد ثانى أكبر سوق للسندات بالعالم، بما يُسهم فى تنويع مصادر وأدوات التمويل، وجذب مستثمرين جدد، ويُساعد فى خفض تكلفة وتنويع مصادر تمويل الاستثمارات التنموية، كما ندرس طرح سندات التنمية المستدامة لتمويل المبادرات ذات البعد الاجتماعي، لافتًا إلى أن استضافة مصر لقمة المناخ، تؤكد مجددًا حرص الدولة على استدامة الاستثمار النظيف، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، من خلال مشروعات صديقة للبيئة.
تداعيات استثنائية
أكد الوزير، أن مصر، لم تكن بمعزل عما يُعانيه العالم من تداعيات استثنائية، تُشكِّل مشهدًا اقتصاديًا أشد اضطرابًا فى ظل صراع غير معلومٍ مداه الزمنى، إلا أننا بادرنا بحزمة مالية جديدة للحماية الاجتماعية، ومساندة الفئات والقطاعات الأكثر تأثرًا بالأزمة العالمية الراهنة، تبعها خطة متكاملة لمواجهة التحديات الاقتصادية الدولية؛ بما يُسهم فى تحمل العبء الأكبر عن المواطنين؛ امتدادًا لمنهجية استباقية استطعنا بها أن نتجاوز معًا: قيادةً، وحكومةً، وشعبًا، جائحة «كورونا» التى ألقت بظلالها على كبرى اقتصادات العالم، وكانت مصر من بين دول قليلة سجلت معدلات نمو إيجابية؛ بما حققته من مكتسبات؛ نتيجة للتنفيذ المتقن لبرنامج الإصلاح الاقتصادى.
أضاف الوزير، أن الاقتصاد المصرى بات أكثر تماسكًا في مواجهة التحديات العالمية؛ حيث يمتلك القدرة على التعامل الإيجابي المرن مع الصدمات الداخلية والخارجية؛ بما يدفعنا لاستكمال مسيرة تحقيق الانضباط المالى والحفاظ على المسار الاقتصادى الآمن للدولة، رغم هذه الظروف الاستثنائية، ومن المتوقع تسجيل فائض أولي ٩١ مليار جنيه، وخفض العجز الكلى للناتج المحلى الإجمالي إلى ٦,٢٪، ومعدل دين أجهزة الموازنة إلى ٨٥٪ بنهاية العام المالى الحالي في يونيه المقبل.
قال الوزير، إننا نعمل خلال العام المالى الجديد ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، على تحقيق مستهدفات طموحة، فى ظل مشهد عالمى استثنائى شديد الاضطراب، حيث يبلغ إجمالي الإيرادات المستهدفة بمشروع الموازنة الجديدة ١,٥ تريليون و١٨ مليار جنيه، بينما يبلغ إجمالي المصروفات المتوقعة ٢ تريليون و٧١ مليار جنيه، وقد تم تخصيص ٣٥٦ مليار جنيه للدعم والحماية الاجتماعية، و٤٠٠ مليار جنيه لباب الأجور، و٣٧٦ مليار جنيه للاستثمارات العامة بنسبة نمو سنوى ٩,٦٪ لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وخلق المزيد من فرص العمل خاصة للشباب، مع زيادة المشروعات الصديقة للبيئة إلى ٥٠٪.
أشار الوزير، إلى أننا نستهدف تسجيل فائض أولى بمقدار ١٣٢ مليار جنيه بنسبة ١,٥٪، وخفض العجز الكلى إلى ٦,١٪ من الناتج المحلى الإجمالي، مقارنة بعجز كلى ١٢,٥٪ فى نهاية يونيه ٢٠١٦، ووضع معدل الدين فى مسار نزولي مستدام ليصل لأقل من ٧٥٪ من الناتج المحلى خلال الأربع سنوات المقبلة، ونستهدف خفض معدل الدين إلى ٨٤٪ من الناتج المحلي مقارنة بنسبة ١٠٣٪ فى نهاية يونيه ٢٠١٦، وتقليل نسبة خدمة الدين إلى ٧,٦٪ من الناتج المحلى، و٣٣,٣٪ من مصروفات الموازنة، جنبًا إلى جنب مع جهود تنويع مصادر التمويل لخفض تكلفة التنمية، وإطالة عمر الدين.
حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية وجاريث دافيز رئيس مشروع إصلاح واستقرار الاقتصاد الكلى ونيكول شامبين القائم بالأعمال بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، وشارك عبر الفيديو كونفرانس الدكتور محمود محيى الدين المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى.