توقع محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابعة لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن الصراع الدائر حالياً بين البنوك المركزية حول العالم برفع أسعار الفائدة من أجل احتواء أثار التضخم المتنامي سيدخل العالم في حالة من الركود الاقتصادي، الذي لا يمكننا تحديد مداه أو أثاره السلبية على الاقتصاد العالمي لكنه سيفوق كافة التوقعات، كما أنه سيكون مختلف تماما عن كافة الأزمات السابقة التي شهدها الاقتصاد العالمي على مر التاريخ.
وأوضح عبد الوهاب، أن رفع أسعار الفائدة الذي شهدته بعض دول أوروبا ومنها بريطانيا خلال الشهر الماضي، وما سيقوم به المركزي الأوروبي يوم الخميس من رفع يتراوح بين 25 إلى 50 نقطة أساس ما هو إلا رد فعل على قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي قام برفع الفائدة لإحتواء التضخم الذي سجل أعلى مستوياته منذ عام 1981 عند 9.1% غير عابئ بالاقتصاد العالمي، وهو ما أدى إلى توحش الدولار أمام باقي العملات العالمية حيث رأينا في الأيام الماضية سعر الدولار يفوق اليورو وهو ما لم يحدث منذ 20 عاماً، والجنيه الاسترليني يصل لادنى مستوى له منذ 2008 ، والين اليابني يصل لأدنى مستوى له منذ عام 1998 أمام العملة الأمريكية المتغولة.
صراع "الفائدة" يُدخل العالم في ركود
وأشار إلى أن رفع المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة لأول مرة منذ 2011، متوقع منذ فترة خصوصا مع بلوغ معدلات التضخم 8.6% وهو أعلى مستوى له في تاريخ منطقة اليورو منذ استخدام العملة الموحدة وهو أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%.
وتابع بأن ذلك سينهى فترة أستمرت لمدة 8 سنوات من القروض بسيطة التكلفة والتي دعمت الاقتصاد الأوروبي بشكل كبير خصوصا خلال أزمة جائحة كورونا، بجانب وقف برنامج شراء الأصول الذي دعم كثير من دول منطقة اليورو خلال أزمة الديون، وهو ما ينذر بارتفاعات في معدلات البطالة وانخفاض في مؤشرات التوظيف.
ولفت إلى أن الدولار كعملة عالمية تؤثر في الاقتصاد العالمي بشكل عام وبالتالي ارتفاعها يرفع معدلات التضخم في معظم الدول خصوصا الدول النامية والأسواق الناشئة التي تعتمد على استيراد السلع بشكل أساسي، وهوما ينذر بموجة جديدة من ارتفاع الأسعار ستؤدي إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة وبالتالي الدخول في حالة من الركود التضخمي الذي سيؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل عام، ولا يعلم مداها أحد حتى الأن ولا يمكن توقعها.
الأسواق الناشئة الأكثر تضررا
وكشف عن أن الأسواق الناشئة ستكون من أكثر الأسواق تأثراً عن غيرها برفع أسعار الفائدة، كما أن هذا يضيف إلى الضغوط الاقتصادية على الدول، خاصة إذا كانت الحكومة تحمل الكثير من الديون بالدولار.
واستطرد: ارتفاع سعر الدولار قدي يكون فرصة متميزة للتصدير خصوصا لمصر في ظل انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار ، وهو ما يفتح أسواق أوروبا وأمريكا للصادرات المصرية، في حال وجود فائض للتصدير.
وكان البنك المركزي الأوروبي، أعلن في وقت سابق عن أنه سيرفع معدلات الفائدة، الخميس المقبل، لأول مرة منذ أكثر من عقد، حيث يواجه ضغوطًا لاتخاذ مزيد من الخطوات، في ظل بلوغ التضخم مستويات قياسية في مسعىً لمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار، قال المصرف المركزي في بيان له، إنه «ينوي رفع معدلات الفائدة بربع نقط، في خطوة غير مسبوقة منذ العام 2011.