اعلان

أسعار الغاز الطبيعي تواصل ارتفاعها في ظل استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا

سعر الغاز في اوروبا
سعر الغاز في اوروبا

تواصل أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعها مع استمرار الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، وتزايد شدة التقلبات ببداية النصف الثاني من العام، ويساهم الصراع في تعزيز حالة عدم اليقين تجاه إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا.

وللمرة الأولى على الإطلاق شهد شهر يونيو 2022 تجاوز شحنات الغاز الطبيعي التي استوردها الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة تلك التي وصلت عبر خط أنابيب الغاز الروسي، ويعزى هذا التراجع الشديد لإمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الروسية إلى المخاوف من عمليات الصيانة الوشيكة لخط أنابيب نورد ستريم 1 المقررة في يوليو 2022.

وخلال الأسبوع الثاني من يوليو 2022، تم إغلاق خط أنابيب نورد ستريم 1 لمدة 10 أيام لإجراء اعمال الصيانة السنوية، لكنه استأنف الآن إمدادات الغاز إلى أوروبا.

خط أنابيب نورد ستريم 1

وساهم خط أنابيب نورد ستريم 1 في توفير ما يقرب من نسبة 35% من واردات أوروبا من الغاز الروسي في العام 2021، كما ساهم الإغلاق المطول لمنشأة فريبورت للغاز الطبيعي المسال، ثاني أكبر محطة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، في ارتفاع أسعار الغاز العالمية، ومن المتوقع أن يتم إغلاق المصنع الذي تضرر بسبب الحريق حتى أواخر العام 2022.

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن اضطراب إمدادات الغاز الطبيعي الروسي المتجه للاتحاد الأوروبي يثقل كاهل الاقتصادات الأوروبية، ومن المتوقع أيضاً أن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي.

وتواجه أوروبا حالياً إمكانية قطع امدادات الغاز في الوقت الذي تتعامل فيه روسيا مع تداعيات العقوبات الأمريكية والأوروبية، ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، سيشكل الغاز الطبيعي الروسي 25 في المائة فقط من إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي خلال العام 2022، كما أن إصرار دول الاتحاد الأوروبي على إيجاد موردين جدد للغاز الطبيعي يعتبر أحد العناصر الرئيسية التي تبقي أسعار الغاز العالمية مرتفعة.

وانعكس ذلك في انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بنسبة 60 في المائة منذ يونيو 2021، كما يواجه الاقتصاد العالمي أيضاً اضطرابات عديدة في أوجه الاستثمار والتجارة وسلاسل التوريد بسبب ذلك الصراع، مما قد يؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.

وكشفت وكالة الطاقة الدولية انه نتيجة لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بصفة مستمرة، من المتوقع أن يتراجع الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي في العام 2022، على أن ينمو بوتيرة بطيئة خلال السنوات الثلاث المقبلة. من جهة أخرى، يدفع ارتفاع أسعار الغاز العديد من الدول إلى العودة إلى استخدام الفحم والنفط كمصادر أولية للطاقة.

وخفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو استهلاك الغاز الطبيعي، متوقعة نمواً محدوداً بنحو 140 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في الفترة الممتدة ما بين 2021 و 2025 مقابل 370 مليار متر مكعب من الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي بين الأعوام 2016-2020.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تأتي منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الصدارة لتساهم بنسبة 50 في المائة من نمو الطلب على الغاز الطبيعي لتلك الفترة. أما على صعيد قطاعات السوق، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يمثل القطاع الصناعي ما نسبته 60 في المائة من نمو الغاز العالمي خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2021 و 2025.

توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية

ووفقاً للبنك الدولي، ارتفعت الأسعار الشهرية للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في يونيو 2022 بنسبة 137.5 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 7.67 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل 3.23 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في يونيو 2021. وفي هذا السياق، وصلت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها الشهرية على الإطلاق، إذ بلغت في المتوسط 8.14 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في مايو 2022 على خلفية زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال بدعم من ارتفاع الطلب الأوروبي. إلا أن توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تشير إلى تراجع أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في النصف الثاني من العام 2022 بسبب توقع انخفاض الصادرات.

أما على صعيد منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنه وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، شهد الطلب الصيني على الغاز الطبيعي نمواً هائلاً بنسبة 12 في المائة في العام 2021 مدفوعاً بالانتعاش الاقتصادي القوي فيما بعد الجائحة وتوقعات وصول برودة الطقس إلى مستويات غير اعتيادية، إلا أن توقعات الوكالة تشير إلى أن استهلاك الغاز الطبيعي في الصين في العام 2022 سينمو بنسبة 3% فقط بسبب ارتفاع أسعار الواردات، وضعف وتيرة النمو الاقتصادي، واعتدال درجات الحرارة، وهي العوامل التي تفاقمت بسبب تدابير احتواء تفشي فيروس كوفيد-19 المطبقة مؤخرا.

وشهدت الصين والهند تراجعات حادة في واردات الغاز الطبيعي المسال في العام 2022، حيث تم تحويل إمدادات الغاز الطبيعي المسال المعتادة إلى أوروبا بسبب ارتفاع الأسعار لتحل محل واردات الغاز الطبيعي عبر أنابيب الغاز الروسية.

من جهة أخرى، تسعى اليابان، ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، للعثور على موردين جدد للغاز الطبيعي المسال في الوقت الذي تحاول فيه الابتعاد عن الامدادات الروسية.

وتستورد اليابان حالياً نسبة 9% من الغاز الطبيعي المسال من روسيا، وتحصل على نصف تلك الامدادات من مشروع سخالين 2 للغاز الطبيعي المسال.

وقامت الحكومة الروسية مؤخراً بنقل الحقوق والالتزامات التي عقدتها شركة سخالين للطاقة، مشغل مشروع سخالين 2، إلى شركة جديدة بعد انسحاب شركة شل من المشروع، إلا ان عقود الغاز الطبيعي المسال اليابانية مع روسيا ما زالت قائمة ولم يتم قطع إمدادات الغاز الطبيعي المسال من روسيا إلى اليابان. وبموجب القانون الجديد، من المتوقع أن يتقدم أصحاب المصالح غير الروس إلى الحكومة الروسية للحصول على حصصهم في الشركة الجيدة.

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تقرير آفاق الطاقة قصيرة الأجل أن يرتفع استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة نسبة 3.2 في المائة مقارنة بمعدلات الاستهلاك في العام 2021 ليصل إلى 85.85 مليار قدم مكعب يومياً (2.4 مليار متر مكعب يومياً). وتقدر إدارة معلومات الطاقة أن يصل انتاج الغاز المسوق في الولايات المتحدة إلى 104.61 مليار قدم مكعب يومياً (2.92 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2022، بنمو تصل نسبته إلى 3.5 في المائة مقارنة بمستويات العام 2021.

وفيما يتعلق بالقطاعات، فمن المتوقع أن يشهد استخدام الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة الكهربائية، أكبر قطاع مستهلك للغاز الطبيعي، ارتفاعاً من 30.88 مليار قدم مكعب يومياً (0.9 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2021 إلى 31.85 مليار قدم مكعب يومياً (0.89 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2022.

صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية

وقد قامت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بتحديث توقعاتها الخاصة باستهلاك الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي في الولايات المتحدة، وتتوقع أن يرتفع في العام 2022 بمقدار 23.2 مليار قدم مكعب (0.65 مليار متر مكعب يومياً) في المتوسط، مقابل 22.46 مليار قدم مكعب يومياً (0.64 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2021. ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، بلغت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية للنصف الأول من العام 2022 نحو 11.2 مليار قدم مكعب يومياً (0.31 مليار متر مكعب يومياً) على خلفية تزايد الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا.

وبالنسبة للأشهر الخمسة الأولى من العام 2022، اتجه ما يقرب من نسبة 71 في المائة من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية إلى أوروبا مقارنة بمتوسط سنوي نسبته 34 في المائة في العام 2021. من جهة أخرى، تتوقع إدارة معلومات الطاقة تراجع صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية في النصف الثاني من العام نتيجة للحريق الذي نشب في محطة فريبورت للغاز الطبيعي المسال في تكساس وتسبب في تدميرها، مع توقع استئنافها العمل بنهاية العام 2022. ومن المتوقع أن يؤدي انقطاع امدادات محطة فريبورت للغاز الطبيعي المسال إلى إضعاف طاقة الولايات المتحدة التصديرية للغاز الطبيعي المسال بنسبة 17%.

أما على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، كان لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي اصداء إيجابية، خاصة بالنسبة لقطر التي تعد من أبرز المصدرين على مستوى العالم للغاز الطبيعي المسال.

وبرزت قطر، التي استحوذت على نسبة 21 في المائة من حصة سوق صادرات الغاز الطبيعي المسال في العام 2021، كأحد الدول الرئيسية التي يسعى الاتحاد الأوروبي لاستيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال منها في الوقت الذي يتبارى فيه للعثور على موردين جدد وزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال.

حيث استورد الاتحاد الأوروبي ما نسبته 24% من إنتاجه البالغ 77 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال في العام 2021 من قطر، متخطياً بذلك مستوى الامدادات الروسية (20%) وأقل قليلاً من المستويات المستوردة من الولايات المتحدة (26%).

وأصبحت قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم في أبريل 2022، متفوقة على الولايات المتحدة بعد أن قفزت صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أعلى مستوياتها المسجلة في خمس سنوات بعد الانتهاء من أعمال الصيانة الموسمية لمنشآت الغاز الطبيعي المسال وتراجع الطلب على وقود التدفئة في أمريكا الشمالية وأوروبا.

وبلغ إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال في قطر 11.9 مليار دولار أمريكي في أبريل 2022 مقابل 5.8 مليار دولار في أبريل 2021.

واتجهت معظم صادرات الغاز الطبيعي المسال القطرية إلى الصين تليها الهند واليابان. ومن المقرر أن تبدأ قطر المرحلة الأولى من مشروع توسيع حقل الشمال بعد الإعلان عن بعض الشركاء الرئيسيين الذين انضموا إلى المشروع وهم تحديداً شل وإكسون موبيل وكونوكو فليبس وإيني وتوتال إنرجي.

وتخطط قطر في المرحلة الأولى لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 43 في المائة من 77 مليون طن سنوياً إلى 110 مليون طن سنوياً بحلول العام 2025. وفي المرحلة الثانية من المشروع، تخطط قطر لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول العام 2027.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً