ناقشت الجلسة السادسة ضمن فاعليات اليوم الثالث، من النسخة الثانية من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022، والتي عقدت بعنوان "الاستثمار في البنية التحتية من أجل التحول الأخضر العادل"، أهمية التركيز على مشروعات البنية التحتية في القارة الإفريقية، لما يمثله ذلك من أهمية بالغة تساعدها على الوصول إلى مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية بصورة أفضل، وخاصة في الوقت الذي تتأثر فيه القارة أكثر من غيرها من تداعيات أزمة المناخ.
فقد أصبحت تلبية احتياجات البنية التحتية في إفريقيا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى لمواجهة النمو السكاني السريع والتحديات التنموية الحادة، ويمكن أن يساعد الاستثمار في البنية التحتية المستدامة، في تحقيق انتقال عادل يعزز النمو الشامل، وتحسين الوصول إلى الخدمات والرفاهية، مع بناء قدرة المجتمع على الصمود وضمان تقاسم تكاليف ومزايا التحول، إلى اقتصاد منخفض الكربون بالتساوي عبر المجتمعات وداخلها.
ومع ذلك، فإن أطر التخطيط الوطنية الحالية ونماذج أعمال البنية التحتية، لم تنتج كميات كافية من المشاريع الجاهزة القابلة للتمويل والقادرة على جذب الاستثمارات المطلوبة، لتلبية احتياجات التنمية في أفريقيا.
حيث أنه من المتوقع أن ينمو عدد سكان إفريقيا بنسبة 70% على مدار الـ 25 عامًا القادمة ، ليصل إلى 2.4 مليار بحلول عام 2050 (ACET / OECD ، 2020)، مع وجود 600 مليون شخص بدون كهرباء، و40% من سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عام 2021، يعيشون في فقر مدقع، ومن ثم تواجه القارة بالفعل تحديات شديدة في تلبية احتياجاتها الإنمائية.
قال سلومون كواينور نائب رئيس بنك التنمية الأفريقي، للقطاع الخاص والبنية التحتية ومجمعات التصنيع، إن قارة أفريقيا تعاني من فجوة تمويلية في مشاريع البنية الأساسية تتراوح بين 60 إلى 110 مليار دولار سنوياً، ويجب الحديث عن هيكل التمويل قبل الحديث عن جودة تلك المشاريع.
وأضاف أن التحدي الأكبر هو المشاريع القابلة للتمويل، لذلك فإن التمويل يمثل تحدياً لمشاريع البنية التحتية في القارة.
وأشار سلومون كواينور، إلى عمل البنك الأفريقي للتنمية على تنفيذ خطة تنمية أفريقيا 2050 والعمل على تنفيذها مع العديد من الدول ومنها مصر وذلك لتطوير البنية الأساسية.
وأكد نائب رئيس بنك التنمية الأفريقي للقطاع الخاص والبنية التحتية ومجمعات التصنيع، على ضرورة تحقيق الصمود المناخي في مشاريع البنية الأسايية وإلا ستكون حياة المشروعات قصيرة.
وأضاف أن البنك يعمل مع عدة هيئات منها مفوضية الاتحاد الأفريقي والشركاء الدوليين من أجل الوصول إلى آلية تعمل بشكل سريع بنطاق وسرعة للبنية التحتية الخضراء في أفريقيا.
وقال كواينور، إننا "نتطلع إلى جمع نحو 500 مليار دولار من أموال تطوير المشاريع لتخصيص 10 مليارات دولار لتمويل البنية التحتية الخضراء في أفريقيا في غضون 3 إلى 5 سنوات.
وأشار إلى العمل على تقليل المخاطر في مشاريع البنية التحتية وخلق بيئة موائمة، مضيفاً "لو عملنا على مشاريع طويلة الأمد علينا الوصول إلى اتفاقيات تبني على التنبؤ".
وتابع سلومون كواينور: "بنك التنمية الأفريقي يتعاون مع الحكومات والقطاع الخاص لفهم واضح لمتابعة المشاريع وما يحتاجه القطاع الخاص من البنك وليس فقط ما يحتاجه البنك منهم".
وأوضح كواينور أنه في مشاريع الطاقة ليست العقود مع البنك فقط هي المهمة لكن المهم أن يكون لدى المشاركين في المشاريع رأس المال الكافي".
وقال نائب رئيس بنك التنمية الأفريقي للقطاع الخاص والبنية التحتية ومجمعات التصنيع، إن البنك فيما يتعلق بالحكومة فإنه يقدم للقطاع الخاص ضمانات مخاطر عبر ضمان الدفع إذا لم تدفع الحكومة، وهو ما يقلل المخاطر.
وأوضح كواينور، إن البنك يسعى لجذب القطاع الخاص والمستثمرين إلى مشاريع البنية التحتية والعمل على تقليل المخاطر وخلق البيئة المناسبة لها.
وتابع نائب رئيس بنك التنمية الأفريقي للقطاع الخاص والبنية التحتية ومجمعات التصنيع: "إن لم نكن قادرين على الحفاظ على البنية التحتية سيكون لدينا عجز دائم في مشاريع البنية التحتية، ولا بد من الوضع في الحسبان أن تصمد هذه المشاريع بشكل أفضل.
وقد أشار إلى أن التمويل البنكي للمشروعات الخضراء من أهم الموضوعات التي يركز عليها بنك التنمية الإفريقي، حيث يتعين الاتحاد من أجل تأسيس البنية الاساسية الخضراء في إفريقيا وتوحيد الأهداف.
وبين أن مشروعات تحلية المياه من المشروعات التي يجب أن توضع في قائمة الأولويات، مع ضرورة التعرف على المشروعات الأخرى التي يراد البدء بها، لإطلاقها وتوفير التمويل الخاص بها، مع البحث عن وسائل من أجل تحسين البنية الاساسية".
ورأى كواينور أن الفترة اللازمة لتمويل المشروعات يجب ألا تتعدى ثلاث سنوات وهي مدة معقولة.
قالت الدكتورة حنان مرسي، نائبة الأمين التنفيذي كبير الاقتصاديين بالمفوضية الاقتصادية لإفريقيا بالأمم المتحدة، إن الاستثمار في البنية التحتية المستدامة من أجل التحول الأخضر العادل في قلب قضية تغير المناخ.
وأضافت أنه على الرغم من مشاركة قارة أفريقيا بأقل من 3% في مشكلة تغير المناخ فإنها تعاني أكثر من غيرها في الخسائر والأضرار مع تراجع بنسبة 2.3% من ناتجها القومي بسبب تغير المناخ.
وأوضحت الدكتورة حنان مرسي، أنه يجب حل مشكلة الاستثمار في البنية الأساسية بقارة أفريقيا، ولذلك تعمل المفوضية على مساعدة عدة دول في هذا الصدد مع إدخال القطاع الخاص في المشروعات في دول منها موزمبيق وجنوب أفريقيا ومناطق شرق أفريقيا.
وقالت كبير الاقتصاديين بالمفوضية الاقتصادية لإفريقيا بالأمم المتحدة، إن الخطوة الأولى في حل مشكلة استثمارات البنية التحتية هي تحديد المشروعات والخطوة الثانية هي العمل على جذب الاستثمارات وحشد القطاع الخاص.
أضافت إن توفير السيولة والاستدامة والتسهيلات لخلق أسواق للسندات التي تعزز من السيولة يمثل جزءا من الحلول التي رأيناها لمعالجة مخاطر التمويل في إفريقيا.
وأكدت مرسي خلال الجلسة أن تقليل المخاطر أمر هام للقارة الإفريقية، التي ترتفع المخاطر لبلدانها بواقع 160 نقطة أعلى من الدول الأخرى.
وذكرت أن القارة تلبي ثلث ما يحتاجه العالم من الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري، وبذلك نحتاج ليس فقط للتعامل مع هذه المشكلة، ولكن أن نساهم في إيجاد حلول لاستغناء القارة عن هذا المصدر للدخل.
من جانبها، قالت أمل لي أمين العضو المنتدب ورئيس قسم تغير المناخ في مؤسسة الاستثمار الدولي البريطانية، إن العديد من البلدان في أفريقيا تحتاج المزيد من رأس المال لتنفيذ المشاريع مع أهمية وضع بعض الأطر والتعاون مع بنوك التنمية والحكومات لتسريع عمليات الاستدامة.
وأوضحت رئيس قسم تغير المناخ الاستثمار الدولي البريطاني، أن هناك أمل في رؤية مبادرات في البلدان الأفريقية تساعد على التحول الاستراتيجي في أفريقيا، على أن يبدأ تنفيذها وتطبيقها في دول أخرى.
وأضافت أميل لي، أن "الاستثمار البريطاني" يعمل مع مستثمرين صبورين، وبالنظر إلى المخاطر فإن هناك مخاطر قليلة في جنوب أفريقيا على سبيل المثال، "ولدينا فيها مشاريع طاقة متجددة بنسب مخاطر قليلة ومشاريع أخرى طويلة الأمد.
وقالت إنه في البلدان التي بها مخاطر أعلى يتعامل "الاستثمار الدولي البريطاني بمزيد من الصبر فيما يتعلق بوضع السياسات والاستراتيجيات، مع العمل مع البنوك والقطاع الخاص وإشراك الحكومات لتقليل المخاطر والبحث عن التمويل وسد الفجوات، مضيفة أن تقليل المخاطر يعتمد على استخدام التكنولوجيا والأسواق.
قالت أيومي يواسا نائب مدير مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إن مصر شريك مع مركز التنمية في "OECD" في كثير من المشاريع، ويعمل المركز على نطاق واسع في العالم للحد من الفقر ودعم التجارة والاقتصاد الكلي.
وأضافت أيومي يواسا، أن الاستثمار في البنية الأساسية أولوية لكل الدول، لا سيما قارة أفريقيا التي تواجه فجوة كبيرة في البنية الأساسية وهي بحاجة لتلقي الاستثمارات الآن لتمويل تلك النوعية من المشاريع.
وأوضحت أن مركز التنمية التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي يعمل في أفريقيا على دعم عملية إعداد خطط قوية لمشروعات البنية الأساسية وجذب القطاع الخاص وترويج مبادئ الاستدامة ومبادى الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية لضمان أن تكون المشاريع صامدة مناخياً وتسهم في التنمية المستدامة.
وأكدت على ضرورة الحفاظ على نطاق الطلب على البنية الأساسية في أفريقيا وأن تكون متسقة مع أولويات البلدان، عبر تخطيط المشاريع والتمويل بفوائد طويلة الأجل وتعزيز قدرات إعداد المشاريع.
وذكرت أنه يجب ضمان الحصول على شفافية في المعلومات فيما يتعلق بالاستثمار بالبنية التحتية في الدول النامية.
من ناحيته قال جان بول آدم مدير قسم التكنولوجيا وتغير المناخ وإدارة الموارد الطبيعية بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، إن القارة الإفريقية تمتلك القدرة على توليد 40% من الطاقة الشمسية المطلوبة للعالم، مضيفًا أن هناك عدد هام من المحاور التي يجب التركيز عليها لدعم تفعيل تلك المشروعات على المستوى القاري.
أضاف أن من أهم تلك المحاور هو تفعيل المشروعات الداعمة للمناخ، وتطوير التحول الرقمي، ودعم البنية التحتية للنقل وغيرها من المتطلبات اللازمة لتفعيل المشروعات الداعمة للمناخ في القارة.
استعرض في كلمته عدد من المشروعات التي يمكن اعتبارها من العلامات الفارقة التي تقوم بها الدول الإفريقية خلال الفترة الحالية منها مشروع محطة الطاقة الهيدروليكية في مامبيلا بنيجيريا بتكلفة 5.8 مليار دولار والذي من شأنه ان يوفر طاقة 5457 جيجا وات في كل عام ومن المنتظر توفير جزء من التمويلات اللازمة من قبل بنك إكسيم الصيني.
وعرض كذلك مشروع تحويل المياه في ليستو بوستوانا بإجمالي تمويلات مطلوبة حوالي 2.7 مليار دولار، ومازال المشروع يحتاج حوالي 500 مليون دولار على شكل تمويلات.
أضاف أن مصر كذلك تمتلك أحد المشروعات المماثلة وهو مشروع متعلق بالزراعة والمتوقع الانتهاء منه بين 2023 و2030 بتكلفة إجمالية 800 مليون دولار، لتطوير التركيب المحصولي لنحو 1.5 مليون هكتار، موضحًا أن المشروع يخدم ما يقرب من 30 مليون مواطن في دلتا مصر.