في الوقت الذي حذر البنك الدولي من ركود مدمر يحدق بالاقتصاد العالمي ، بسبب سياسات رفع الفائدة التي تتبعها معظم البنوك المركزية في العالم بقيادة الفيدرالي الأمريكي، تطل أزمة الديون العالمية برأسها من جديد ، بعدما زاد الدين العالمي نحو 600 مليار دولار خلال الربع الثاني فقط من العام الجاري ، وهو ما يزيد المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي خلال المستقبل القريب.
فبحسب تقرير معهد التمويل الدولي ومقره واشنطن، ارتفعت الديون العالمية من مستوى 299.5 تريليون دولار في الربع المماثل من العام السابق.
ارتفع إجمال الدين العالمي بقيمة 600 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي ليصل إلى 300.1 تريليون دولار، فيما انخفضت الديون عند التقييم بالدولار نظراً إلى تراجع العملات أمام العملة الأميركية.وأظهر التقرير أن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي بدأت في الارتفاع بعد أربعة أرباع من التراجع المتتالي، واقتربت نسبة الدين العالمي من 350 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من 2022.
وتوقع المعهد أن تصل نسبة الدين العالمي إلى 352 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام.
تأثير قوة الدولار
وكشف التقرير عن أن الدين العالمي انخفض عند تقييمه بالدولار بنحو 5.5 تريليون دولار إلى 300 تريليون دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي، ويرجع ذلك إلى الانخفاض الحاد في عملات الدول مقابل الدولار هذا العام.
وأشار إلى انتهاء فترة كلف الاقتراض الرخيصة التي استمرت أكثر من عقد، ومن المتوقع أن تزداد حالات إفلاس الشركات مما سيؤدي إلى ارتفاع كلف التمويل وتقييد قدرة وشهية عدد من الأسواق الناشئة على الاستفادة من الأسواق الدولية.
وأعطت أسعار الفائدة المنخفضة عدداً من الشركات الأصغر والأقل نجاحاً شريان الحياة من خلال تمويل الديون الرخيصة، وكان الارتفاع في عدد ما يسمى بـ "شركات الزومبي" ملحوظاً بشكل خاص في الولايات المتحدة والصين خلال السنوات الأخيرة.
وأورد التقرير أن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة يؤدي إلى تفاقم مواطن الضعف الحالية المتعلقة بالديون في عدد من البلدان النامية، إذ انخفض الدين في الأسواق المتقدمة بمقدار4.9 تريليون دولار إلى نحو 201 تريليون دولار خلال الربع الثاني من 2022، وكانت الولايات المتحدة وكندا الوحيدتين اللتين شهدتا ارتفاعاً في مستويات الديون.
وتراجعت الديون في الأسواق الناشئة بمقدار 0.6 تريليون دولار إلى نحو 99 تريليون دولار بنهاية الربع الثاني.
أسباب ارتفاع الديون
وجاء هذا الارتفاع في معدل الدين بسبب التضخم المفرط الناجم عن ارتفاع أسعار السلع الأساس مثل الغذاء والطاقة، مما دفع الحكومات إلى الاقتراض لزيادة الإنفاق.
وأكد الاقتصاديون في معهد التمويل أن تباطؤ معدل النمو إلى جانب التوترات الاجتماعية المتزايدة بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار دعما توجه الحكومات نحو زيادة الاقتراض.
الركود على الأبواب
من ناحية أخرى قال البنك الدولي الخميس الماضي ، إن العالم ربما يكون في طريقه نحو ركود عالمي مع رفع البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة في وقت واحد لمكافحة التضخم المستمر.
وذكر البنك في دراسة جديدة أن أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم- الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو- تتباطأ بشكل حاد، وأنه حتى "ضربة متوسطة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تدفعه إلى الركود".
وأضاف أن الاقتصاد العالمي يمر الآن بأشد تباطؤ في أعقاب الانتعاش الذي أعقب الركود في عام 1970 وأن ثقة المستهلك تراجعت بالفعل بشكل حاد أكثر مما كانت عليه في الفترة التي سبقت فترات الركود العالمي السابقة.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس "النمو العالمي يتباطأ بشكل حاد، وهناك احتمال حدوث مزيد من التباطؤ مع دخول المزيد من الدول في حالة ركود"، وعبر عن القلق من استمرار هذه الاتجاهات، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية
وأكد البنك الدولي في بيانه أن الزيادات المتزامنة في أسعار الفائدة على مستوى العالم ، تضاعف من احتمالات تسارع الدخول في ركود خاصة للاقتصادات الكبرى .