شهد العالم صباح يوم الإثنين الماضي الموافق 6 فبراير 2023، حالة من الذعر والحزن بعد ما تحولت آلاف من البيوت والمباني في زلزال تركيا إلى ركام من الأنقاض، بعد زلزالين قويين في تركيا وسوريا أولهما بشدة 7.8 درجات وآخر ارتدادي بقوة 7.5 درجات، مما أودي بحياة أكثر 3600 شخص في البلدين.
آثار الزلزال
توقعات بارتفاع حصيلة ضحايا زلزال تركيا
وتوقع السلطات في البلدين، أن ترتفع حصيلة الضحايا بشكل كبير، نظرًا لاستمرار جهود الإنقاذ الحثيثة التي تعمل بشكل دؤوب، بحثا عن عالقين تحت الأنقاض.وأشارت صحيفة 'نيويورك تايمز'، إلى أن الزلزال يفاقم وضعا صعبًا في الأصل بسوريا، حيث تأثرت البلاد بالحرب والنزوح والأزمة الاقتصادية، في حين تشهد المنطقة بردًا قارسًا في هذه الفترة من السنة، كما وصلت شدة الزلزال في تركيا وسوريا، إلى حد استشعار الهزة في عدد من دول الشرق الأوسط كالأردن ومصر ولبنان وإسرائيل.
تدخل بعض الدول للمساعدة
وتوجهت عدة دول؛ مثل اليابان وبريطانيا وفرنسا والجزائر ومصر وعدد من النجوم والفنانين بجميع أنحاء العالم لمساعدتهم، بالإضافة إلى إرسال مسعفين وخبراء إنقاذ إلى تركيا، لأجل مساعدة فرق الإنقاذ التي تعمل تحت ضغط كبير.مناشدة سوريا
وكانت ناشدت سوريا بعد ما شهدت من زلازل آثارت الرعب والرهبة لدي الجميع، المجتمع الدولي 'مدّ يد العون' لها لدعمها بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد ومركزه تركيا، موقعاً مئات القتلى وآلاف المصابين.وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان: 'تناشد سوريا الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية، لمدّ يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر'.
وأعرب وزير الخارجية فيصل المقداد خلال اجتماع عقده الإثنين مع ممثلي منظمات دولية عاملة في دمشق عن استعداد حكومة بلاده 'لتقديم كل التسهيلات المطلوبة للمنظمات الأممية في سبيل تقديم المساعدات الإنسانية والاحتياجات الضرورية'.
وانهار العديد من المباني، وتم نشر فرق الإنقاذ للبحث عن ناجين تحت أكوام ضخمة من الأنقاض في برد قارس من بين المباني التي دُمرت كانت قلعة غازي عنتاب التي بنيت خلال مرحلة الإمبراطورية الرومانية، وهي معلم تاريخي صمد لأكثر من ألفي عام.
وقال خبير الزلازل التركي البارز، أوفجون أحمد أركان، عبر حسابه على موقع تويتر، أنَّ تكلفة الزلزال تراوحت بين 35 و50 مليار دولار، بينما يبلغ العجز التجاري المحلي والخارجي لتركيا 110 مليارات دولار، وتبلغ تكلفة وفاة شخص واحد بسبب الزلزال مليون و 250 ألف دولار لسوء الحظ، سيؤدي ذلك إلى تراجع التنمية في تركيا، بينما هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، قالت إنّه من المتوقع أن يصل التأثير الاقتصادي لأكثر من مليار دولار أميركي جراء الزلزال.
زلزال روسيا
وبعدما أنفقوا مدخراتهم على شراء شقق سكنية وتأثيثها لجعلها مكانًا مريحًا للسكن، باتت تلك الشقق أكواما من الركام في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا فجر الإثنين الماضي، فقد انهارت أجزاء من أبنية حديثة وقديمة، شُيد بعضها قبل ستة أشهر فقط، فيما سويت مبان أخرى بالأرض.
ولا يعرف الحجم الكامل لأضرار الزلزال الذي ضرب الإثنين بقوة 7.8 درجات وهزات ارتدادية لا تحصى تسببت بكارثة في تركيا وسورية أودت بأكثر من 25 ألف شخص، مع ارتفاع حصيلة القتلى في تركيا يوميا. وبموازاتها يتصاعد الغضب من رداءة نوعية البناء ما تسبب بتساقط أبنية كالورق، في بلد يقع على عدة فوالق وسجل في فترات ماضية زلازل كبرى.
خبراء يكشفوا أسباب انهيار المباني في تركيا وسوريا
وأشار الخبراء وفقا لوكالة فرانس برس إن لدى تركيا القوانين الضرورية لمنع مثل تلك الكارثة، لكن يتم التساهل في تطبيقها من شركات البناء، كما يقول المسؤولون إن 12,141 مبنى دمر أو تضرر بشدة في تركيا.وبما أن الزلزال الأول كان بهذه القوة كان متوقعا تسجيل أضرار، لكن ليس كالأضرار التي نشاهدها الآن، فقد أشار مصطفى إرديك الأستاذ في جامعة بوغازيتشي، أنه في حالة انهيار مبنى ما، يمكن للناس عادة الاختباء حتى تتمكن فرق البحث من إنقاذهم، كما قال، ولكن هذه المرة تساقطت طبقات أبنية فوق بعضها البعض مثل صفائح.
وقال إرديك، وهو أيضا من الصندوق التركي لمواجهة الزلازل إن أرضيات الشقق تتكدس فوق بعضها البعض، ويشير إلى أن السبب الأكبر استخدام النوعية الرديئة للأسمنت الذي يمزج مع كثير من الماء والحصى وقليل جدًا من الأسمنت.
الأسمنت
كما تعود أسباب أخرى الى نوعية القضبان الحديد التي قد تكون رفيعة جدًا بحيث لا تتمكن من دعم الأعمدة، ما يحد من قوة البناء، بحسب المهندس زيني تكين المستشار في جامعة إسطنبول التقنية.
ولكن تكين يلقي باللوم أيضًا على تدني مستوى تعليم المهندسين المدنيين والمهندسين المعماريين، رغم ظهور جامعات خاصة في أنحاء تركيا. وغامر المسؤولون الأتراك بتخفيف القوانين، حيث أن قواعد البناء التركية القائمة على قواعد كاليفورنيا، وتتم مراجعتها بشكل دوري منذ زلزال 1999 في شمال غرب تركيا، حيث أجريت آخر مراجعة في 2018.
وقال أيكوت كوكسال المهندس المعماري في إسطنبول: 'على الورق تُحترم المعايير، مع عقود تمنح لشركات خاصة تكلف التحقق منها'، ولكن الإشراف على تلك الاتفاقات متساهل، وفق كوكسال، ما يمنح البنائين مساحة أكبر لتطبيق القواعد أو عدم تطبيقها.
وقد تحد الإجراءات البيروقراطية من تحميل المسؤولية إلى جهة ما إذا حصل خطأ وعدد الخطوات والموقعين كبير إلى درجة يجعل من الصعب تحديد المسؤول في نهاية الأمر.
وكحل لهذه المشكلة اقترح كوكسال فرض تأمين على جميع أصحاب الشأن ضد الممارسات الخاطئة، تضمن دفع تعويضات للمتضررين من جانب المقاولين المذنبين، مضيفاً 'هذا ما يطبق في أماكن أخرى من العالم وينبغي أن يطبق في تركيا'.
وأثار الإهمال والطمع الواضحان لبعض المقاولين غضبا وخصوصا بعد انهيار شقق سكنية فخمة بنيت في السنوات العشرين الماضية مثل أوراق اللعب.
ويأمل كثيرون أن تدفع الكارثة نحو رقابة أفضل، كما قُدمت أول شكوى قانونية الجمعة في محافظة ديار بكر الواقعة جنوب شرق البلاد، تبعتها شكاوى أخرى.