«نأسف للإعلان عن انقطاع كامل لكافة خدمات الاتصالات والإنترنت مع قطاع غزة في ظل العدوان المتواصل تسبب القصف الشديد في تدمير آخر المسارات الدولية التي تصل غزة بالعالم الخارجي مما أدى إلى انقطاع لكامل خدمات شركات الاتصالات عن قطاع غزة» هكذا جاءت رسالة شركة جوال الفلسطينية لعملائها لتضع أهالي غزة في عزلة عن العالم استمرت لمدة قاربت على 40 ساعة حسب رواية أهالي القطاع قبل عودة الخدمة فجر يوم الأحد الماضي.
فقدت المدينة كلها الاتصال إلا فئة ضئيلة جدا لا يذكر عددها تمكنت من استخدام شبكات الاتصال، التي لا تعتمد على شبكتي الاتصالات الرسميتين بغزة، أما البعض الآخر اعتمد على خدمات الاتصالات الدولية (التجوال)، عن طريق تفعيل وتشغيل شرائح المحمول الدولية، 'اي سيم' esim، التابعة لشبكات مختلفة من دول قريبة مصر وتركيا والأردن، من خلال التقاط إشارات، من المناطق القريبة لحدود غزة. وتم الاعتماد على شرائح اتصالات لشبكات إسرائيلية، رغم صعوبة استخدامها في الاتصال، بشكل متقطع.
رسائل واتساب تحتاج ساعات للوصول إلى غزة
كما تمكن البعض من التواصل عبر تقنيات بسيطة، وعلى رأسها أجهزة اللاسلكي والثريا، وهو ما كشفته «أهل مصر» في متابعة صحفية قامت بها بمحافظة شمال سيناء بمدن العريش والشيخ زويد ومعايشة خدمات الاتصالات بها وتغطية تطورات كواليس انقطاع الاتصالات هناك.
عدد من أهالي شمال سيناء تحدثوا لـ«أهل مصر» عن الصعوبة التي تكبدوها في إرسال واستقبال رسائل تطبيقات التواصل الإجتماعي التي تمر لداخل القطاع منذ بدأ الحرب في غزة، فصارت مثل رسائل الحمام الزاجل تستغرق ساعات من الزمن حتى تصل للطرف الآخر كما تتعدد محاولات الاتصال لتنفيذ المكالمات التي تعاني تردي جودة الصوت.
5 أهداف لقطع الإنترنت
وقالت مصادر أمنية مطلعة، إن هناك عدة أهداف لقوات الاحتلال الصهيونية من قطع الخدمة عن قطاع غزة، موضحة أن الهدف الأول هو استكشاف أماكن تواجد قيادات حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» في غزة، من خلال إجبارهم على استخدام أجهزة اللاسلكي، وتقنيات الثريا، في التواصل ببعضهم البعض، وبالتالي اصطيادهم والإيقاع بهم.
وأضافت المصادر في تصريحاتها لـ«أهل مصر» أن الهدف الثاني هو مباغتة عناصر المقاومة في عملية الاجتياح البري للقطاع لتحقيق عنصر المفاجأة للسيطرة على غزة عسكريا ومنع المقاومة من التواصل لتنفيذ رد الفعل، مبينة أن الهدف الثالث هو منع أي محاولة لنقل الأحداث أو توثيق جرائمهم التي تتضمن قصف المنازل والمستشفيات ودور العبادة والتي نتج عنها إبادة أرواح أكثرمن 7 آلاف فرد خلال أقل من أسبوعين، أما الهدف الرابع فيركز على منع التواصل بين عناصر المقاومة لتنفيذ أي هجمات جديدة ضد كيان الاحتلال أما الهدف الخامس هو منع النقل الإعلامي لهذه الأوضاع الصعبة الأولى من نوعها في في أي حرب.
بث شبكات محمول مصرية في فلسطين غير منطقي
وأكدت المصادر لـ«أهل مصر» أن مناداة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بتزويد غزة بشبكات محمول من شركات الاتصالات، من مصر يعتبر في غير محله لعدة أسباب أبرزها أن قرار تدشين شبكات الاتصالات، لبث خدمات المحمول والإنترنت من الأراضي المصرية لقطاع غزة، هو أمر أمني استراتيجي بحت، يحتاج لموافقة القوات المسلحة، بالإضافة إلى استجابة استراتيجية، تعتمد على رؤى وبحث الوضع، من قبل القيادة السياسية العليا.
شبكات اللاسلكي في شمال سيناء
وأضافت المصادر أن الأمر رغم ذلك لكنه أيضاً لا يتوافق مع قوانين الاتحاد الدولي للاتصالات التي تمنع تجاوز إشارات بث خدمات الاتصالات خارج حدود أي دولة، حيث تنظم عمل الشبكات وفق التراخيص الممنوحة لها بحسب النطاق الجغرافي، وتمنع قيام أي شبكة بمد الخدمات إلى دولة أخرى. وتابعت المصادر أنه في حال تجاوز تلك العوامل فإن هناك عدة تحديات فنية أخرى تؤثر على عملية إطلاق شبكات بسيناء منها هي الاعتماد على العربات المتنقلة التي يقتصر مداها على 10 كم فقط بما يقلل من مستوى كفاءتها وضعف إشارات الترددات لأن بناء أبراج التقوية ومحطات التشغيل يحتاج مدة تتراوح بين 3 لـ 6 شهور، بالإضافة إلى رد فعل المنتظر من العدو، والذي سيعمل على التشويش على أي شبكات، يتم بثها للداخل، أو اختراق خوادم وأنظمة شبكات المحمول.
لماذا تراجع إيلون ماسك عن بث «ستارلينك» في غزة؟
وكشف المهندس عثمان أبو النصر، خبير الشبكات وتكنولوجيا الاتصال، أن غزة من تشغيل خدمة الإنترنت الفضائي «ستارلينك» لعدم توافر أجهزة والمعدات اللازمة بالقطاع، مشددا أنه في حالة توافر الأجهزة كان من المستحيل أن يتخذ «إيلون ماسك» القرار ببث الخدمة في غزة خوفا من رد فعل كيان الاحتلال الصهيوني والذي كان سيعمل رد الفعل المعتاد سواء بالتشويش أو بالاختراق الأمر الذي يؤدي لمشكلة بخوادم بيانات الخدمة نفسها، متسائلا عن سبب إبداء «ماسك» استعداده لإيصال خدمة «ستارلينك» لكافة قطاع غزة ثم تراجعه واكتفاءه بمطالبات المنظمات الدولية بتقديم المساعدات لغزة بعد تهديد إسرائيل.
الإنترنت الفضائي
وأوضح أبو النصر في تصريحات لـ«أهل مصر» أن فكرة ستارلينك الأساسية تقوم على توفير خدمة الإنترنت الفضائي عبر الأقمار الصناعية وبشكل عالمي ورخيص نسبياً حيث بدأت الفكرة مع إعلان شركة سبيس اكس التابعة لايلون ماسك نيتها في إنشاء منظومة إنترنت فضائي عالي السرعة تقوم بتخفيف العبء عن شبكة الإنترنت التقليدية في المراكز البشرية المكتظة مثل المدن الكبرى وتوفر الإنترنت.
سيناريوهات تأسيس أبراج المحمول في سيناء
وشرحت المصادر وثيقة الصلة بالأمر، أنه كان من المقرر، مناقشة زيادة عدد أبراج المحمول بسيناء، لتطوير جودة خدمات الاتصالات، لكنه لم يتم الاستقرار حتى الآن، على طبيعة إنشاء أبراج المحمول هناك، بين إمكانية تولي تنفيذها عبر شركة أبراج مصر، لتقوم بمنح حق امتياز تأجيرها، للشركات المقدمة للخدمة، أو الخيار الآخر، وهو تولي الشركات تنفيذ الأبراج بنفسها واستخدامها بشكل تشاركي ، لكن مؤخرا تم توجيه مقدمي الخدمة لعمل مجموعة من التجهيزات الفنية، حول تدشين الأبراج بسيناء، دون الحديث عن تنفيذ التغطية وأكدت المصادر، أن قيام شركات الاتصالات العاملة بمصر، بتركيب محطات تشغيل المحمول بسيناء، قرب الحدود مع قطاع غزة، أو حتى وضع التجهيزات الفنية اللازمة لذلك، لا يعني الموافقة على القرار، أو أن الأمر قيد التنفيذ، مشيراً إلى أنها لا تخرج عن كونها استعدادات عاجلة، لبدء عمل الأبراج، فور الحصول على الموافقات اللازمة.