أنهى الذهب العالمي تداولات عام 2023 عند المستوى 2062 دولار للأونصة وهو أعلى مستوى ينهي عنده تداولات العام في تاريخ الذهب، وسط توقعات بعام إيجابي كبير للذهب خلال 2024، بينما تشهد الأسواق المالية العالمية اليوم عطلة بسبب بداية العام الجديد.
وأغلق الذهب تداولات عام 2023 عند 2062 دولار للأونصة بعد أن سجل ارتفاع خلال شهر ديسمبر بنسبة 1.3% ليشهد ارتفاع بمقدار 26 دولار وكان قد افتتح جلسة شهر ديسمبر عند المستوى 2036 دولار للأونصة. و سجل الذهب في 4 ديسمبر أعلى مستوى في تاريخ الذهب عند 2148 دولار للأونصة، ليسجل 4 أشهر متتالية من المكاسب.
البنك الفيدرالي الأمريكي
واستمر الذهب في الارتفاع خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بدعم من توقعات الأسواق التي تشير أن البنك الفيدرالي الأمريكي سيلجأ إلى رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع مارس 2024. وذلك بعد أن أشار البنك الفيدرالي في اجتماعه الأخير هذا العام إلى نيته خفض أسعار الفائدة 75 نقطة أساس خلال العام القادم، وفق تحليل جولد بيليون.
وشهد اجتماع السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي عقد في ديسمبر تثبيت أسعار الفائدة عند نطاق 5.25% - 5.50% ولكنه شهد أيضاً تغير في السياسة النقدية للبنك ليشير إلى انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة.
وأشار البنك الفيدرالي إلى تراجع معدلات التضخم بوتيرة أسرع من توقعاته، الأمر الذي دفعه إلى توقع خفض الفائدة خلال العام القادم بواقع 75 نقطة أساس على 3 اجتماعات، وهو ما يقلص الفائدة إلى متوسط 4.6% بعد أن كانت توقعات أعضاء الفيدرالي في سبتمبر الماضي تشير إلى تراجع الفائدة إلى 5.1% فقط خلال العام القادم.
وتوقع أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي أن يبلغ التضخم الأساسي ذروته عند 2.4٪ العام المقبل، وهو أقل من توقعاته في سبتمبر البالغة 2.6٪، ومن ناحية أخرى تشير احتمالات الأسواق الآن إلى خفض الفائدة في اجتماع مارس 2024 بنسبة 75% حيث ارتفع هذا الاحتمال من 40% قبل اجتماع الفيدرالي هذا الشهر.
وانعكست قرارات البنك الفيدرالي على مستويات الدولار الذي انخفض خلال شهر ديسمبر بنسبة 1.3% مسجلاً أدنى مستوى منذ 5 أشهر ليسجل انخفاض خلال آخر 3 أسابيع. ليساعد هذا على تماسك مستويات الذهب فوق المستوى 2000 دولار للأونصة لخمسة أسابيع متتالية.
أيضاً وجد الذهب الدعم من تراجع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات خلال شهر ديسمبر بنسبة 10.7% وهو انخفاض للشهر الثاني على التوالي ليسجل أدنى مستوى منذ 5 أشهر عند 3.783% مسجلاً 5 أسابيع متتالية من الهبوط.
الذهب
الذهب يرتبط بعلاقة عكسية مع كل من الدولار وعوائد السندات الحكومية الأمر الذي يزيد من الدعم للذهب في تداولاته. هذا بالإضافة إلى توقعات البنك الفيدرالي والأسواق بانخفاض أسعار الفائدة خلال العام القادم الأمر الذي يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للذهب.
وتدل المؤشرات عن الاقتصاد الأمريكي على استمراره في سيناريو الهبوط الناعم، والذي يعني تراجع أداء الاقتصاد بشكل تدريجي دون السقوط في الركود الاقتصاد، ويعمل هذا على خفض معدلات التضخم دون السقوط في الركود التضخمي.
وهناك توقعات أن الذهب قد يستفيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية في العام 2024، حيث تبدأ الاقتصادات الكبرى في الاحساس بآثار السياسة النقدية المتشددة التي طبقتها خلال العامين الأخيرين بسبب محاربة التضخم.
واستقرت أسعار الذهب فوق المستوى 2000 دولار للأونصة للأسبوع الخامس على التوالي، كما استطاعت الأسعار أن تتخطى المستوى 2050 دولار للأونصة خلال هذا الأسبوع الماضي وهو الحد العلوي للمنطقة السعرية بين 2000 – 2050 دولار للأونصة، والتي مثلت قاعدة سعرية استوعبت أسعار الذهب خلال الثلاث أسابيع الأخيرة، الأمر الذي يؤهل الذهب لمزيد من المكاسب خلال الفترة القادمة.
وفشلت أسعار الذهب حتى الآن في تسجيل اغلاق يومي فوق المستوى 2080 دولار للأونصة، والذي يمثل المقاومة الأساسية للسعر حالياً، والاختراق الناجح لهذا المستوى والاغلاق فوقه يفتح الطريق إلى المستهدف عند 2100 دولار للأونصة.
أسعار الذهب في مصر
استمر التذبذب في أسعار الذهب المحلي بعد التصحيح الأخير الذي بدأ من أعلى مستوى تاريخي سجله الذهب، بينما يبقى الترقب في الأسواق حاليا في ظل انتظار ما سيصدر من أخبار وقرارات مع بداية العام الجديد.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الاثنين أولى أيام عام 2024 عند المستوى 3170 جنيهًا للجرام قبل أن يتداول السعر وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 3155 جنيه للجرام. بينما قد انخفض سعر الذهب يوم أمس بمقدار 5 جنيهات ليغلق عند المستوى 3170 جنيه للجرام بعد أن افتح جلسة الأمس عند المستوى 3175 جنيهًا للجرام.
وخلال شهر ديسمبر ارتفع سعر الذهب المحلي بمقدار 400 جنيه بنسبة ارتفاع 14.4% ليغلق عند المستوى 3170 جنيهًا للجرام وكان قد افتتح جلسة شهر ديسمبر عند المستوى 2770 جنيهًا للجرام.
خلال شهر ديسمبر أعلن البنك المركزي المصري عن تباطؤ معدل التضخم السنوي الأساسي في مصر خلال شهر نوفمبر إلى 35.9% من القراءة السابقة في أكتوبر عند 38.1% وهو المؤشر الذي يستثنى أسعار السلع المتقلبة.
ويأتي هذا بعد أن أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تباطؤ المعدل السنوي للتضخم إلى 34.6% في نوفمبر مقارنة مع 35.8% في أكتوبر.
وارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر بمقدار 1.17 مليار دولار منذ بداية العام وحتى شهر نوفمبر الماضي ليصل إلى 35.17 مليار دولار.
وقام البنك المركزي المصري بالإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 19.25% و20.25% و19.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 19.75%.
وأشار البنك المركزي في بيانه أن السبب وراء تثبيت الفائدة هو تراجع معدلات التضخم في الفترة الأخيرة لتتماشى مع توقعات البنك، بالإضافة إلى تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 3.8% خلال العام المالي 2022-2023 مقارنة بالعام المالي السابق.
وفضل البنك المركزي المصري اتباع سياسة الانتظار وترقب المستجدات خاصة في ظل مفاوضات مستمرة مع صندوق النقد الدولي لإعادة تفعيل برنامج اقراض مصر مع إمكانية زيادة القرض من 3 مليار دولار إلى 5 مليار دولار.
خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر شهد الذهب المحلي تذبذب عنيف وسجل أعلى مستوى في تاريخ الذهب عند 3330 جنيهًا للجرام قبل أن يتراجع في تصحيح سلبي ليقترب من المستوى 3000 جنيه للجرام ثم يعود إلى الارتفاع والتداول حول المستوى 3150 جنيهًا للجرام.
ما حدث في السوق المحلي هو خليط بين عدة عوامل مثل ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي، إلى جانب ان مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمارك لم تعمل على دخول كميات كبيرة من الذهب خلال الفترة الأخيرة لأنها لم تكن فترة إجازات وبالتالي لم تساهم في تحقيق استقرار في السوق.
وقامت البنوك بإلغاء التعامل بالنقد الأجنبي على بطاقات الائتمان الحديثة التي لم يمضي على إصدارها 6 أشهر بسبب سوء الاستخدام، وهو ما اعتبرته الأسواق ناتج عن نقص العملة الصعبة بشكل كبير لدى البنوك، لتكون النتيجة تزايد في الطلب على الدولار في السوق الموازي.
وأيضاً العقود الآجلة للدولار مقابل الجنيه المصري ارتفعت لمستويات قياسية جديدة لتزيد معها من توقعات الأسواق بحدوث تعويم في سعر الصرف الرسمي في ظل استمرار توسع الفارق بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق الموازي.
من جهة أخرى توقع صندوق النقد الدولي أن تتراجع تحويلات المغتربين إلى مصر خلال عام 2023 بنسبة 15% ولكن تبقى مصر متصدرة الدول العربية في استقبال التحويلات من العاملين في الخارج بما يتجاوز 24 مليار دولار لتمثل نحو 6% من الناتج المحلي، لتعد مصر من أعلى 5 دول في العالم في استقبال التحويلات من العاملين في الخارج.
وأعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أنها تتوقع أن يقوم البنك المركزي المصري بخفض كبير في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال الربع الأول من عام 2024 وأن يستمر التراجع التدريجي في قيمة الجنيه حتى النصف الأول من العام القادم.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
حافظ الذهب على مكاسبه خلال شهر ديسمبر ليسجل أعلى مستوى له في تاريخ الذهب بدعم من انخفاض الدولار وتراجع عوائد السندات الحكومية، لتبقى التوقعات إيجابية للذهب خلال عام 2024 الذي سيشهد عمليات خفض الفائدة من قبل الفيدرالي بالإضافة إلى استمرار التوترات الجيوسياسية.
من جهة أخرى شهدت أسعار الذهب المحلي تذبذب منذ بداية الأسبوع بعد أن سجل الأسبوع الماضي أعلى مستوى تاريخي للذهب المحلي قبل أن يعود إلى التراجع بعض الشيء، وتتحرك الأسواق حالياً في حذر في انتظار أية تغيرات قد تطرأ على الأسواق مطلع العام الجديد.
وأغلق سعر الأونصة العالمية تداولات شهر ديسمبر تحت المستوى 2065 دولار للأونصة الأمر الذي قد يزيد من فرص التصحيح السلبي وتكون المستهدفات عند 2050 ثم 2015 دولار للأونصة. ولكن قد يستمر ضعف أحجام التداول هذا الأسبوع بسبب العطلات.
هذا وإذا نجح الذهب في اختراق المستوى 2080 دولار للأونصة وهو مستوى المقاومة الرئيسية فيستهدف المستوى 2100 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
استمر التذبذب في أسعار الذهب المحلي فوق المستوى 3150 جنيه للجرام عيار 21 بعد ان انتهى التصحيح السلبي في الأسعار منذ تسجيل الذهب أعلى مستوى في تاريخه عند 3330 جنيه للجرام.
التداولات الحالية للذهب المحلي يسيطر عليها التذبذب وذلك في ظل الحذر والترقب الحالي في الأسواق لأية قرارات قد تصدر مع بداية العام الجديد فيما يتعلق بسعر الصرف.