تعد أسعار النفط والغاز الطبيعي من العوامل الاقتصادية الحيوية التي تتأثر بتطورات سياسية وجيوسياسية متعددة، وفي الآونة الأخيرة، شهدت هذه الأسعار تقلبات ملحوظة، ويرى أحمد الإمام الخبير الاقتصادي، أن ذلك نتيجة لأحداث مختلفة، من بينها الصراع الإسرائيلي الإيراني، والحرب في أوكرانيا، والتوترات بين روسيا والغرب.
وقال أحمد الإمام الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ'أهل مصر'، إن تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، أثار مخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط في المنطقة.
تأثير التوترات بالمنطقة على الاقتصاد المصري
وفقًا لتقرير نشرته 'التايمز' في 4 أكتوبر 2024، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من شهر بسبب مخاوف من ضربات إسرائيلية محتملة على منشآت النفط الإيرانية، موضحًا أن سعر خام برنت وصل إلى 77.54 دولارًا للبرميل، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 5%.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن إيران مصدر رئيسي للنفط، حيث صدرت 1.32 مليون برميل يوميًا في العام السابق، ولذلك فإن أي تعطيل في إنتاج أو تصدير النفط الإيراني قد يؤدي إلى تفاقم التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية، مما يساهم في ارتفاع الأسعار.
وأضاف أنه بعد تنفيذ الضربات والتأكد من محدوديتها، من المتوقع أن تنخفض أسعار النفط مع إعادة فتح التداول يوم الاثنين في أعقاب الأعمال العسكرية الأخيرة لإسرائيل.
وأشار إلى أن هذه الهجمات لم تؤد إلى انقطاع إمدادات الطاقة، وجزء من رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني في 1 أكتوبر.
ولفت إلى ارتفاع العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 4% الأسبوع الماضي وسط ظروف تداول متقلبة، مشيرًا إلى أن الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير وحالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الأمريكية المقبلة كان لهما دور فعال في تقلبات السوق.
توقعات مراكز الاستشارات العالمية
وتابع الخبير الاقتصادي، أنه في ظل عدم اليقين بشأن التوترات العالمية من الحرب الروسية الأوكرانية والصراع على النفوذ العالمي بين الشرق بقيادة الصين وروسيا والغرب بقيادة الولايات المتحدة وأوجهه مع ذروة الصراع في المنطقة والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان والتراشق الإيراني الإسرائيلي وتهديدات إغلاق باب المندب وارتفاع مخاطر النقل في البحر الأحمر مما يؤثر على أمدادات الغاز والنفط عالميًا وإقليميًا مع اضطرابات في سلسلة التوريد.
وتابع أنه بناءً عليه جاءت توقعات مراكز الاستشارات العالمية متباينة وفقًا لقياس حدة الموقف، حيث وفقًا لبنك جولدمان ساكس، من المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 76 دولارًا أمريكيًا للبرميل في عام 2025 بسبب زيادة العرض التدريجي والقدرة الإنتاجية الزائدة في الدول المنتجة الرئيسية وانخفاض المخاوف بشأن انقطاع الإمدادات المحتملة من إيران.
وكان جولدمان ساكس قد أضاف أنه 'بشكل عام، لا نزال نرى المخاطر على المدى المتوسط على نطاق أسعارنا بين 70 و85 دولارًا للبرميل'.
وفقًا لتوقعات بنك ING، من المتوقع أن تصل أسعار النفط إلى ذروتها في الربع الثالث من عام 2024، حيث يقدر سعر خام برنت بـ 88 دولارًا للبرميل، قبل أن تبدأ في الانخفاض خلال الربع الرابع من العام الحالي وفي العام المقبل.
تخفيضات العرض الطوعية لـ"أوبك+"
وكشف الخبير الاقتصادي، أن ذلك يعتمد على افتراضات بانتهاء تخفيضات العرض الطوعية لـ'أوبك+' في الربع الرابع من عام 2024، وبدء نمو العرض المتوقع من دول خارج 'أوبك+' في تعويض النمو في الطلب العالمي على النفط.بينما وفقًا لتوقعات وود ماكنزي السابقة، من المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط حوالي 90 دولارًا أمريكيًا للبرميل في عام 2024. ومع ذلك، قد تؤدي التطورات الجيوسياسية الأخيرة إلى مراجعة هذه التوقعات. بالنسبة لمصر، باعتبارها مستوردًا للنفط، وتابع أنه قد تؤثر تقلبات الأسعار العالمية على تكاليف الاستيراد والميزان التجاري. لذلك، يوصى بمراقبة التطورات الدولية عن كثب واتخاذ التدابير المناسبة للحد من آثار تقلبات الأسعار.
تأثير التغيرات العالمية على الاقتصاد المصري
وعن تأثير التغيرات العالمية على الاقتصاد المصري أوضح الخبير الاقتصادي أنها تتمثل في:زيادة تكاليف الاستيراد: حيث إن ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميًا يؤدي إلى زيادة تكلفة استيراد هذه المواد إلى مصر، مما يؤثر سلبًا على الميزان التجاري ويزيد من عجز الموازنة العامة.
ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء: وأضاف أن زيادة أسعار النفط والغاز تترجم إلى ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء محليًا، مما يزيد من تكاليف الإنتاج والنقل، وينعكس ذلك على أسعار السلع والخدمات، مما يساهم في ارتفاع معدل التضخم.
وأوضح أنه رغم الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود والكهرباء، من المتوقع ارتفاع خلال الفترات القادمة وفقًا لشروط صندوق النقد مع مصر بشأن تحرير أسعار الوقود والكهرباء، بالإضافة إلى تأثر مصر بتكلفة الشحن والنقل الإضافية للوقود المستورد مما يؤدي إلى ضغوط تضخمية إضافية على الاقتصاد المصري.
في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة، خاصة في مناطق الشرق الأوسط وأوروبا، ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط والغاز متقلبة. قد يؤدي ذلك إلى مزيد من الارتفاعات في أسعار الطاقة محليًا، مما يتطلب من الحكومة المصرية اتخاذ تدابير للتخفيف من تأثيرات هذه الزيادات على الاقتصاد والمواطنين، مما ينعكس على أسعار المستهلكين للوقود والغاز والكهرباء. يُتوقع استمرار هذه التأثيرات في المستقبل القريب، مما يستدعي متابعة دقيقة وتخطيطًا استراتيجيًا للتعامل مع هذه التحديات.