شهد عام 2024 تباينًا ملحوظًا في أداء الأسواق الناشئة، حيث استمر الدولار الأمريكي في هيمنته على أسواق العملات والديون العالمية، مما شكل تحديًا لهذه الأسواق.
ورغم ذلك، برزت السندات عالية المخاطر المقومة بالدولار، الصادرة عن بعض أضعف الاقتصادات العالمية، كأحد الأصول الجذابة التي اجتذبت اهتمام المتداولين.
أداء الأسواق الناشئة في 2024
الأسواق الناشئة واجهت العديد من الصعوبات في عام 2024. على الرغم من أن العديد من الأصول في الدول النامية أنهت العام محققة مكاسب، فإن هذه المكاسب كانت باهتة مقارنةً بما تحقق في 'وول ستريت'، وارتفع مؤشر MSCI للأسواق الناشئة بنسبة 5% فقط، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالعوائد العالية التي حققتها أسواق مثل 'إس آند بي 500'، الذي سجل زيادة تفوق 20%، كما كانت أسواق الأسهم في الدول النامية تُتداول بالقرب من أدنى مستوياتها على الإطلاق مقارنةً بأسواق الأسهم الأمريكية منذ أواخر الثمانينات.
التأثيرات السلبية على العملات:
كان تأثير ارتفاع الدولار الأمريكي ملحوظًا، حيث أدى إلى انخفاض كبير في قيم العديد من العملات في الأسواق الناشئة، على سبيل المثال، انخفض الريال البرازيلي بنسبة 21%، في حين سجل البيسو المكسيكي أسوأ أداء له منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وفي المقابل، كانت هناك بعض العملات التي حققت مكاسب، مثل الرينغيت الماليزي ودولار هونغ كونغ، بينما سجل الريال البرازيلي أسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة.
سندات الأسواق الناشئة عالية المخاطر كفرصة استثمارية
في خضم هذا الأداء الباهت للأسواق الناشئة، برزت السندات الدولارية عالية العائد كأحد الأصول الأكثر جذبًا للمستثمرين، وخلال عام 2024، حقق مؤشر السندات الدولارية عالية العائد مكاسب بلغت 15%، وهو أفضل أداء له منذ عام 2016، والسندات الصادرة عن دول مثل الأرجنتين وغانا شهدت أداءً متميزًا، حيث حققت بعض السندات المقومة بالدولار في الأرجنتين مكاسب تجاوزت 100% في بعض الحالات.
أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في زيادة الجاذبية لهذه السندات هو التفاؤل بشأن مستقبل بعض الدول، خاصة مع التوقعات بشأن السياسات المستقبلية في الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، وكذلك الآمال في إنهاء النزاع الروسي-الأوكراني.
تأثير عودة ترمب على السوق
عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تثير الكثير من التساؤلات بين المستثمرين حول تأثيرها على استثمارات السندات في الأسواق الناشئة، وتفاؤل المستثمرين حول السياسات المستقبلية لترمب يساهم في تعزيز الاستثمارات في الديون الدولارية عالية المخاطر، خاصة مع التكهنات بأن إدارته قد تساهم في إنهاء الحرب في أوكرانيا وتهدئة التوترات التجارية.
في الوقت نفسه، يواجه المستثمرون تحديات، حيث يبقى هناك قلق بشأن احتمالية استمرار الضغوط على العملات المحلية في الأسواق الناشئة بسبب ارتفاع الدولار، ومع ذلك، تظل السندات عالية العائد خيارًا جذابًا للمستثمرين، خاصة في ظل التقلبات الحالية في الأسواق العالمية.
مستقبل السندات عالية العائد في الأسواق الناشئة
على الرغم من الأداء الإيجابي لسندات الأسواق الناشئة عالية العائد في عام 2024، فإن المحللين يشككون في قدرتها على الحفاظ على هذه المكاسب في 2025.
ويرى كارلوس دي سوزا، مدير محفظة في 'فونتوبيل أسيت مانجمنت'، أن نجاح الاستثمار في هذه السندات يعتمد بشكل كبير على اختيار الدول المصدرة وسلامة التصنيف الائتماني. ومن المتوقع أن تستمر السندات عالية المخاطر في جذب الاستثمارات بشرط أن تظل الأسس الاقتصادية للدول المصدرة قوية وأن تتماشى مع السياسات العالمية المتغيرة.
وشهد عام 2024 عامًا باهتًا للأسواق الناشئة بشكل عام، ولكن السندات المقومة بالدولار من الدول ذات التصنيف الائتماني المتدني قد قدمت فرصة جاذبة للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد مرتفعة في ظل العوائد المتواضعة للأصول الأخرى، وبينما تظل هناك تحديات بشأن استمرار هذه المكاسب في 2025، تظل السندات عالية العائد خيارًا استثماريًا ذا جاذبية في ظل التقلبات السياسية والاقتصادية.