مع بداية العام الجديد 2025 وجد قطاع العقارات المصري نفسه عند مفترق طرق حرج، في ظل الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الوحدات السكنية، بينما يتراجع الطلب الحقيقي من الطبقة المتوسطة، التي تعاني من ضعف القوة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم.
ارتفاعات جنونية في أسعار العقارات
شهدت أسعار سوق العقارات المصري ارتفاعات قوية خلال العام الماضي، لعدة أسباب، لا سيما في الفترة التي شهدت وجود أكثر من سعر صرف للدولار الأميركي في السابق قبل تمكن الدولة من القضاء على السوق السوداء. علاوة على الارتفاعات في أسعار مواد البناء وغيرها من العوامل ذات الصلة والتي تأثرت بالأسعار العالمية، فهل تشهد مصر فقاعة عقارية؟
الفقاعة العقارية
يشير مصطلح 'الفقاعة العقارية' إلى حالة من الارتفاع المفرط والسريع في أسعار العقارات بشكل يتجاوز القيمة الحقيقية للعقار، بسبب عدة عوامل مختلفة، من بينها (تزايد الطلب على العقارات، علاوة على عمليات المضاربة، وزيادة السيولة النقدية)، مما يؤدي إلى تضخم أسعار العقارات.مع انفجار الفقاعة تنهار الأسعار بشكل مفرط فيتعرض القطاع العقاري إلى صدمة قوية، فهل القطاع العقاري المصري على موعد مع فقاعة عقارية خلال العام الجديد 2025 ؟
بين تحذيرات من خبراء الاقتصاد من احتمال تضخم الفقاعة العقارية في مصر وقرب انفجارها، وطمئنات رسمية تؤكد عدم وجود فقاعة عقارية في مصر، على رأسها تصريحات شريف الشربيني وزير الإسكان، الذي أكد خلال مؤتمر صحفي، إنه «لا خوف من وجود فقاعة عقارية داخل مصر، لأن هناك طلباً حقيقياً على العقار المصري»، مشيراً إلى أن المناطق الساحلية أصبحت تشهد إقبالاً غير متوقع على المشروعات العقارية التي يتم طرحها، وفق وسائل إعلام محلية.
تصريحات وزير الإسكان المصري تزامنت مع حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي؛ بسبب الارتفاعات المبالغ فيها في أسعار الوحدات السكنية في مختلف أنحاء الجمهورية، والتي لا يستطيع أصحاب الدخول المتوسطة تحملها حتى ولو تم شراؤها بنظام التقسيط لارتفاع القسط السنوي عن مستويات الدخل.
وجود فقاعة عقارية في مصر
الدكتور مدحت نافع خبير الاقتصاد المصري أكّد وجود فقاعة عقارية بالفعال في السوق المصري، إذ أرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات في البلاد خلال العقد الماضي على الأقل بمعدلات كبيرة تفوق أي زيادة في دخول المصريين، بما يعكس تراجعاً في الطلب الحقيقي المدعوم بالقوة الشرائية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الفقاعة العقارية أحد نتائج ارتفاع التمويل في دول العالم، واصفًا إياها بشكل من أشكال مخاطر ارتفاع التكاليف بسبب سياسات التشديد النقدي وارتفاع أسعار الفائدي التي لا يمكن تجنبها أبدًا، مشيرًا إلى أن السر يقبع في إدارتها والتعامل معها بالشكل الذي لا يقودها للانفجار.
وأضاف 'نافع' أنه يتعين على مصر أن تطوّر آلية مسالمة لما يصفه بـ«التفريغ الآمن للفقاعة العقارية»، دون الحاجة إلى انتظارها حتى تنفجر.
ويتصور نافع أن الفقاعة العقارية في مصر مدعومة حالياً باستثمارات الدولة، ونسبة كبيرة من المستثمرين ذوي الملاءة المالية الضخمة، لكن القطاع العقاري غير مدعوم بقوى شرائية مناسبة في جانب الطلب للتملّك أو الاستئجار خاصة مع الصعوبات التي يواجهها المستهلك متوسط الدخل في تدبير احتياجاته البسيطة؛ بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة العملة المحلية.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن تصدير العقار سيلعب دوراً هاماً في تأجيل أي انفجار عقاري وشيك، من خلال شراء الأجانب والأشقاء العرب لمزيد من العقارات في مصر.