كشف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن هناك حراكًا وتحولًا غير مسبوق في دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الساحة الدولية خلال العامين الماضيين، حيث بات يعيد تشكيل الاقتصادات ويحدث ثورة في الصناعات ويغير المجتمعات بصورة مطردة.
وأشار إلى أن التكنولوجيات البازغة مثل الذكاء الاصطناعي وسلاسل الكتل والحوسبة الكمومية وإنترنت الأشياء لم تعد وعودًا مستقبلية، بل أضحت القوى الدافعة للعالم اليوم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وتتداخل مع مختلف القطاعات بما في ذلك الزراعة والصحة والتعليم والقطاع المصرفي وغيرها.
جاء ذلك في كلمة الدكتور عمرو طلعت في الجلسة الافتتاحية لدائرة الحوار العربية حول "الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية" التي تنعقد على مدار يومين تحت رعاية ورئاسة أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية ورئيس لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية؛ وذلك بحضور الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والدكتور عبد المجيد عبدالله البنيان، رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ومحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي.
وأعرب الدكتور عمرو طلعت عن سعادته بالتواجد في هذا المحفل العلمي المتميز في رحاب جامعة الدول العربية، التي تزخر بتاريخ حافل من التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك التكنولوجي الذي أصبح ركنًا أساسيًا في القضايا التي تعيد تشكيل العالم وتمثل أولوية في ملفات التعاون العربي المشترك.
وثمن الوزير مبادرة عقد "دائرة الحوار العربي حول الذكاء الاصطناعي في العالم العربي"، والتي تأتي بالتزامن مع الاحتفاء بمرور ثمانين عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية، حيث توفر منصة فريدة للتفاعل البناء وتبادل المعرفة بهدف صياغة رؤى مشتركة واستراتيجيات مستقبلية تعكس محورية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كممكن فاعل لكافة القطاعات في الدول العربية.
وأوضح أن التطورات التكنولوجية أدخلت تحديات جديدة على الحكومات عالميًا، من المنافسة الجيوسياسية في السباق الرقمي إزاء الريادة في قضايا الذكاء الاصطناعي، وسد الفجوة الرقمية، ودرء المخاطر السيبرانية، بما يستوجب على الدول العربية التصدي لهذه التحديات برؤية موحدة تضمن حضورًا دوليًا فاعلًا يُعبّر عن إرادة الشعوب العربية ويُعبر عن تطلعات الحكومات العربية.
وأكد أن هذا المحفل يأتي تأكيدًا لدور جامعة الدول العربية البناء كمنارة لتبادل الرؤى حول القضايا الأهم للشعوب العربية وفاعلًا رئيسيًا في تبني استراتيجيات موحدة حول التكنولوجيات البازغة وبناء الوعي الجمعي للشعوب العربية بشأنها.
وأشار طلعت إلى رئاسة مصر للدورة الثامنة والعشرين لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات والمكتب التنفيذي للعامين القادمين.
وأوضح الوزير أن المجلس أقر خلال اجتماع الدورة الثامنة والعشرين في يناير 2025 "الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي"، التي تهدف إلى الارتقاء بالأداء الحكومي والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين، وتحقيق الريادة للدول العربية في مجال الإبداع الرقمي والشركات الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى رفع الوعي العام بهذه التكنولوجيا، وتشجيع البحث والتطوير في التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وجذب الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية اللازمة لذلك.
أضاف أنه رغم التأثير الكبير للذكاء الاصطناعي التنموي، إلا أن استخدامه الآمن والأخلاقي الفعّال ليس بالأمر الهيّن، ويُلزم بوضع إطار تنظيمي وسياج حكومي متوازن لحماية الشعوب العربية من مخاطر الذكاء الاصطناعي السيبرانية والأخلاقية دون تقييد للإبداع الرقمي.
ولفت إلى المبادرة المصرية لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات بحتمية المضي قدمًا نحو الانتهاء من صياغة الميثاق العربي للأخلاقيات في الذكاء الاصطناعي، والذي سيكون بمثابة نبراس للدول العربية في مسيرة تحقيق هذا التوازن المرجو بين تحفيز الابتكار والاستخدام الآمن المسؤول، وبين ضمان الشفافية وإرساء مبادئ المساءلة في تصميم ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي، بما يعكس المعتقدات والأولويات والثقافة والرؤية العربية حول مخاطر الذكاء الاصطناعي.
أشار إلى توافق مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات على وضع إطار عربي موحد لبناء القدرات البشرية وتنمية الوعي العام إزاء القضايا الخاصة بالذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات الناشئة العربية في هذا المجال الحيوي، فضلاً عن تعزيز الشراكات الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لضمان استمرارية المشاركة الفاعلة للدول العربية على الساحة الدولية، وكذلك تحسين ترتيب الدول العربية في المؤشرات الدولية للذكاء الاصطناعي.
ودعا الوزير الباحثين والخبراء والمطورين وصناع السياسات من الحكومات والقطاع الخاص إلى تبادل الرؤى من خلال فعاليات هذا المحفل للخروج بمقترحات عمل موضوعية لتنفيذ خارطة الطريق التي رسمتها الرؤية الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي، معربًا عن تطلعه إلى توصيات دائرة الحوار العربي فيما يتعلق بمبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في تبني وثيقة عربية موحدة حول مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما تشمله من أطر وقواعد استرشادية تتماشى مع أولويات الدول العربية وخططها التنموية.
يذكر أن دائرة الحوار العربية تنعقد فعالياتها بتنظيم مشترك من قبل الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وبمشاركة الخبراء والمتخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي لبحث ومناقشة أحدث التطبيقات والتطورات وتبادل الخبرات والأفكار حول التحديات الأخلاقية المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمع والاقتصاد في العالم العربي.