في ظل التوترات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية التي تواجهها مصر، يتجدد الحديث حول المساعدات الأمريكية التي تم إقرارها بموجب اتفاقية كامب ديفيد، والتي باتت تُستخدم بين الحين والآخر كأداة للضغط السياسي.
وعلى الرغم من تراجع قيمتها أمام حجم الاقتصاد المصري الحالي، فإن الولايات المتحدة تمتلك نفوذًا مؤثرًا في مؤسسات التمويل الدولية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى تأثير هذه المتغيرات على الاقتصاد المصري.
المساعدات الأمريكية لا تمثل وزنًا
في هذا السياق، أوضح الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد المصري بات قادرًا على التعامل مع هذه التحديات بفضل تنوع مصادر التمويل وزيادة الاحتياطي النقدي والاستثمارات الأجنبية.
وأكد الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن المساعدات المالية والعسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر بموجب اتفاقية كامب ديفيد لم تعد تمثل وزنًا كبيرًا في الحسابات الاقتصادية المصرية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصري استطاع تعويض خسائر أكبر بكثير من قيمة هذه المساعدات، خاصة بعد تأثر الملاحة في قناة السويس بسبب النزاعات في البحر الأحمر وباب المندب.
وأوضح الجرم أن الاقتصاد المصري فقد أكثر من 7 مليارات دولار نتيجة تعطل الممر الملاحي لقناة السويس جزئيًا، إلا أن ذلك لم يكن له تأثير جوهري على الاستقرار المالي، حيث تمتلك مصر احتياطيًا من النقد الأجنبي يتجاوز 47 مليار دولار، إلى جانب ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 46 مليار دولار، وزيادة عائدات السياحة إلى أكثر من 14 مليار دولار، فضلًا عن نمو الصادرات لتصل إلى نحو 40 مليار دولار.
وأكد أن هذه المؤشرات تُظهر أن الاقتصاد المصري قادر على التعامل مع الضغوط الخارجية دون الاعتماد على المساعدات الأمريكية التي تبلغ 1.4 مليار دولار سنويًا.
النفوذ الأمريكي داخل صندوق النقد
وأضاف الجرم أن الولايات المتحدة، رغم تقديمها لهذه المساعدات، تستفيد من مزايا استراتيجية واقتصادية تفوق بكثير القيمة المالية التي تقدمها لمصر، مشيرًا إلى أن النفوذ الأمريكي داخل صندوق النقد الدولي، حيث تمتلك أكثر من 16% من نسبة التصويت، يمنحها القدرة على التأثير في قرارات منح التمويل للدول، بما في ذلك مصر.
ورغم ذلك، يرى الجرم أن الاقتصاد المصري أصبح أكثر قدرة على مواجهة هذه التحديات، لا سيما بعد انضمام مصر إلى تجمع 'بريكس'، مما يتيح لها الحصول على تمويل ميسر من بنك التنمية الجديد، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى تقديم عرض قرض جديد لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار.
بدائل تمويلية متنوعة
وأشار إلى أن هناك احتمالات كبيرة لحصول مصر على الدفعة الرابعة من القرض الحالي، والبالغة 1.2 مليار دولار، خلال الأيام القليلة المقبلة بعد استكمال المراجعات اللازمة، وهو ما يؤكد أن الاقتصاد المصري لديه بدائل تمويلية متنوعة، تجعله أقل تأثرًا بأي ضغوط سياسية مرتبطة بالمساعدات الأمريكية أو قرارات صندوق النقد الدولي.
واختتم الجرم تصريحاته بالتأكيد على أن العلاقات المصرية-الأمريكية تمر بفترة من الجمود، لكنها قد لا تستمر طويلًا بهذا التوتر، خاصة في ظل تزايد الاعتماد المصري على بدائل اقتصادية أكثر تنوعًا واستقلالية.