كشفت وزارة المالية المصرية، ممثلة في الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، عن النهج الذي تتبعه الحكومة في تحديد سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري عند إعداد الموازنة العامة للدولة.
وجاءت التصريحات خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي شريف عامر في برنامج 'يحدث في مصر' على قناة 'MBC MASR'، لتوضح السياسة المتبعة والتي تعتمد على السعر السائد في السوق خلال شهر إعداد الموازنة، والذي عادة ما يكون في شهر فبراير من كل عام.
آلية تحديد سعر الدولار في الموازنة
أكد كجوك أن الحكومة لا تعتمد على أي نوع من التوقعات أو التقديرات المستقبلية فيما يتعلق بسعر صرف الدولار، بل يتم الأخذ بالسعر السائد في وقت إعداد الموازنة.
وأوضح: 'بشوف السعر السائد في فبراير ساعة إعداد الموازنة وبفترض إن هذا السعر هو اللي مكمل معايا'، في إشارة إلى اعتماد وزارة المالية على معطيات واقعية ومباشرة في حساباتها المالية دون الدخول في توقعات قد تخضع لتقلبات سياسية أو اقتصادية غير متوقعة.
وتأتي هذه السياسة في إطار الحفاظ على قدر من الشفافية والاستقرار في الحسابات العامة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية التي تشهد تقلبات مستمرة في أسعار العملات.
متوسط سعر الدولار في فبراير 2025
وفقًا للبيانات الرسمية المتداولة في البنك المركزي المصري، بدأ سعر الدولار في السوق المصري خلال فبراير 2025 عند 50.17 جنيهًا للشراء و50.27 جنيهًا للبيع، بينما أنهى الشهر عند 50.61 جنيهًا للشراء و50.71 جنيهًا للبيع.
وبحساب المتوسط بين هذه الأرقام، فإن السعر المرجح الذي اعتمدته وزارة المالية في الموازنة الجديدة يتراوح حول 50.44 جنيهًا للدولار الواحد.
ويمثل هذا السعر ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالموازنات السابقة، ما يعكس التغيرات الحاصلة في سوق الصرف نتيجة عوامل متعددة، أبرزها استمرار الضغوط على العملة المحلية، ونقص موارد النقد الأجنبي، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية العالمية المرتبطة بأسعار الفائدة والتضخم في الأسواق الكبرى.
تأثيرات سعر الصرف على الموازنة
رغم تأكيد وزير المالية أن فوائد الدين الخارجي لم تزد من حيث النسبة أو التعاقدات، إلا أن ارتفاع سعر الصرف أدى إلى زيادة فعلية في قيمة المستحقات على الدولة، مما يشكل عبئًا إضافيًا على بند خدمة الدين في الموازنة العامة.
وأوضح كجوك أن هذا التغير لا يمكن فصله عن الواقع الاقتصادي الأوسع، كما لا يصح تقييم الاقتصاد الوطني فقط بحجم الديون عليه، بل من خلال قدرة الدولة على إدارة التزاماتها وتوفير مصادر تمويل مستدامة.
ويُلاحظ أن اعتماد سعر صرف واقعي في إعداد الموازنة يسمح للحكومة بتقدير أدق لبنود الإنفاق والعجز، خاصة في ما يتعلق بدعم السلع المستوردة، وسداد التزامات الدين الخارجي، والاحتياجات التمويلية بالدولار.
نظرة مستقبلية
استمرار اعتماد الحكومة على السعر السائد في وقت إعداد الموازنة يعكس نهجًا محافظًا وواقعيًا في التعامل مع سوق الصرف، وهو ما يمنح المستثمرين وصنّاع القرار صورة أكثر وضوحًا حول تقديرات العجز والفوائض المحتملة.
وهذا التوجه يضع تحديات على الحكومة في حال حدوث تقلبات حادة بعد إعداد الموازنة، ما يستدعي وجود خطط طوارئ أو مرونة في التعامل مع المستجدات.
وتحديد متوسط سعر الدولار في الموازنة الجديدة عند مستوى يقارب 50.44 جنيه يعكس الواقع الاقتصادي في مصر خلال الفترة الحالية، ويُعد مؤشرًا مهمًا على التوجهات الحكومية في التعامل مع الأزمة النقدية، وسيكون لنجاح هذه السياسة أو فشلها أثر مباشر على استقرار الاقتصاد الكلي، لا سيما في ظل تزايد الاحتياجات التمويلية وتراجع بعض الموارد التقليدية للنقد الأجنبي.