ads

الضرائب في خدمة التنمية.. مصر تُطلق نموذجًا يحتذى به في الإصلاح المالي

أحمد كوجك
أحمد كوجك

تشهد مصر تحولًا غير مسبوق في منظومتها الضريبية، يستند إلى رؤية إصلاحية طموحة يقودها وزير المالية ويدعمها الرئيس عبد الفتاح السيسي. هذا التحول يتجاوز الإجراءات التقنية ليؤسس لثقافة جديدة تقوم على الثقة والشراكة والمساندة مع مجتمع الأعمال، بدلًا من المفهوم التقليدي القائم على الجباية والتفتيش.

ويأتي هذا التغيير مدعومًا بحزمة من التسهيلات الضريبية الواسعة، وسياق إعلامي احترافي يوثق هذه الخطوات ويشرحها للمواطنين والمستثمرين.

أولًا: مسار إصلاحي جديد يعيد رسم العلاقة بين الدولة والممول

أهم ما يميز هذه المرحلة هو إعادة تعريف العلاقة بين مصلحة الضرائب والممولين على أسس من الشفافية والاحترام المتبادل.

وزير المالية أحمد كوجك يشدد في خطاباته ورسائله الإعلامية على عبارة: 'معًا نبدأ صفحة جديدة... ثقة، شراكة، ومساندة'، وهي ليست مجرد شعارات بل توجه عملي تجسد في:

- الاستماع الفعلي لمجتمع الأعمال، من خلال عقد جلسات استماع ضريبية وحوارات مفتوحة حول التحديات المقترنة بالتطبيق.

- التواجد الميداني للقيادات الضريبية في المأموريات لمتابعة التنفيذ الفعلي ومعالجة أي معوقات.

- تعزيز الأدوات المؤسسية للدعم، مثل 'وحدة الرأي المسبق' التي تمكّن المستثمرين من معرفة الوضع الضريبي لمعاملاتهم قبل تنفيذها، و'وحدة دعم المستثمرين' التي تستقبل الشكاوى إلكترونيًا وتتابعها بجدية.

وهذا المسار يعكس تحولًا حقيقيًا في الثقافة المؤسسية داخل مصلحة الضرائب، التي تسعى اليوم إلى تقديم نفسها كشريك للتنمية، وليس مجرد جهة تحصيل.

ثانيًا: تسهيلات ضريبية غير مسبوقة تعيد هيكلة النظام لصالح الجميع

حزمة التسهيلات الضريبية التي تم الإعلان عنها لا تستهدف فقط تحسين البيئة الاستثمارية، بل تسعى كذلك إلى تحقيق العدالة الضريبية، وتوسيع القاعدة، وضم الاقتصاد غير الرسمي.

أبرز ملامح هذه الحزمة:

- نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة (أقل من 20 مليون جنيه إيرادات سنوية)، يشمل:

- إعفاءات من رسوم التنمية، الدمغة، التوثيق، ضريبة الأرباح الرأسمالية، وتوزيعات الأرباح.

- ضرائب نسبية مبسطة على الإيرادات وفق شرائح واضحة.

- إعفاء من الفحص الضريبي لمدة 5 سنوات من التسجيل.

- إنهاء المنازعات الضريبية القديمة من خلال آليات مرنة لتسوية الخلافات الناشئة قبل عام 2020، سواء المتعلقة بالفحص التقديري أو دفاتر الحسابات، وحتى نزاعات التصرفات العقارية والأسهم غير المقيدة.

- مبادرة 'اللي فات مات' التي تعفي غير المسجلين من المحاسبة الضريبية عن السنوات السابقة بشرط التسجيل قبل 12 مايو 2025.

تيسيرات إجرائية تشمل:

- تسريع رد ضريبة القيمة المضافة.

- رفع الحد الملزم بدراسة تسعير المعاملات.

- تطوير منظومة المقاصة الضريبية المركزية.

قوانين داعمة للتسهيلات:

- قانون رقم 5 لسنة 2025: لتسوية أوضاع الممولين غير المسجلين وتقديم الإقرارات المتأخرة بدون عقوبات.

- قانون رقم 6 لسنة 2025: لإعفاءات المشروعات الصغيرة.

- قانون رقم 7 لسنة 2025: لتحديد سقف مقابل التأخير والتصالح في بعض الجرائم الضريبية.

وهذه التسهيلات تمثل خارطة طريق جديدة لنظام ضريبي أكثر كفاءة وعدالة، يسعى لتحفيز النمو وجذب الاستثمارات بدلًا من إثقال كاهل القطاع الخاص.

ثالثًا: خطاب إعلامي توثيقي يفتح قنوات الثقة ويعزز المشاركة

لم تقتصر جهود وزارة المالية على الإصلاحات الهيكلية، بل حرصت على تقديم خطاب إعلامي احترافي ومبسط يهدف إلى طمأنة الممولين وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم بوضوح.

أبرز ملامح هذا التناول:

- ملحق إعلامي شامل يوضح فلسفة الإصلاح، تفاصيل القوانين، ويفسر الإجراءات بطريقة مبسطة بعيدة عن اللغة القانونية المعقدة.

- قسم أسئلة وأجوبة يرد على أهم الاستفسارات التي تشغل الممولين، مثل كيفية الاستفادة من الإعفاءات، شروط عدم المحاسبة عن الفترات السابقة، وآليات تسوية المنازعات.

- إتاحة النماذج إلكترونيًا على موقع مصلحة الضرائب وتوفير خط ساخن مباشر للاستفسارات.

- إطلاق هوية بصرية جديدة لمصلحة الضرائب بشعار 'الضرائب.. مصلحتك أولًا'، تعكس التوجه الجديد نحو خدمة الممول وتعزيز الشفافية.

- الخطاب الإعلامي ليس فقط أداة توعية، بل أداة لإعادة بناء الثقة التاريخية المهزوزة بين الدولة والممول، ويهدف إلى خلق بيئة ضريبية يتفاعل معها الجميع بإيجابية.

ومصر تكتب فصلًا جديدًا في إدارة الضرائب ما يحدث الآن هو تحول ضريبي جذري يتجاوز الأدوات الإجرائية نحو تغيير فلسفة كاملة في التعامل مع الضريبة كمكوّن من مكونات التنمية لا كعبء، من خلال بناء الثقة، وتقديم تسهيلات حقيقية، وشفافية في التواصل، تفتح مصر الباب أمام نظام ضريبي عادل وفعال، يمثل دعامة رئيسية لأي مشروع اقتصادي طموح.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً