يعزز التعامل باليوان الصيني الفرص الاستثمارية بين مصر والصين عبر تقليل الاعتماد على الدولار، مما يخفض تكاليف التحويل ومخاطر تقلبات العملات. يسهل هذا التعاون التجاري، خاصة مع تزايد الاستثمارات الصينية في مشروعات مثل قناة السويس والعاصمة الإدارية.
كما أن اليوان كعملة تسوية يشجع الشركات الصينية على الاستثمار في مصر، حيث يقلل العوائق المالية ويعزز الثقة الاقتصادية. كما يدعم هذا التوجه اتفاقيات التعاون الثنائي، مثل مبادرة "الحزام والطريق"، التي تعزز التجارة والاستثمارات في البنية التحتية.
بالإضافة إلى ذلك، يتيح التعامل باليوان للمصدرين المصريين الوصول إلى الأسواق الصينية بسهولة، مما يعزز الصادرات الزراعية والصناعية. ومع انضمام مصر إلى "بريكس"، يدعم اليوان الاندماج في الأسواق الناشئة، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمارات المشتركة ويحفز النمو الاقتصادي.
من جانبه أكد الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، أن قرار الحكومة المصرية بالسماح الكامل للشركات الصينية العاملة في مصر بالتسجيل والتعامل المالي بعملة "اليوان" الصيني بنسبة 100% يمثل تحولًا نوعيًا في العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، ويعكس بوضوح مدى عمق الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.
وكشف عبد الوهاب في تصريحات خاصة لـ« الأهرام بيزنس» ان القرار يأتي في توقيت بالغ الأهمية، بالتزامن مع التغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ومحاولات العديد من الدول تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي كعملة رئيسية للتبادل التجاري والمالي".
وأشار عبد الوهاب إلى أن الخطوة المصرية تُعد ترجمة عملية للتوجه نحو تنويع أدوات التمويل والتبادل التجاري، وهي رؤية ذكية تدفع نحو الاستقلال المالي وتعزز قدرة الدولة على التعامل مع شركاء اقتصاديين كبار مثل الصين بطريقة أكثر مرونة. وأضاف أن هذا القرار يبعث برسائل إيجابية للمستثمرين الصينيين بأن مصر ليست فقط منفتحة على التعاون، بل قادرة على تهيئة بيئة أعمال مرنة، تحترم خصوصية شركائها وتراعي احتياجاتهم المالية، وهو ما ينعكس مباشرة على معدلات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة، البنية التحتية، التصنيع، والتكنولوجيا.
وأوضح عبد الوهاب أن بدء تنفيذ التعاملات المالية باليوان بالتنسيق مع البنك المركزي المصري يعطي القرار صفة رسمية ومؤسسية، ويمنح القطاع المصرفي المحلي دفعة قوية نحو تطوير خدماته ومنتجاته لمواكبة التحولات في النظام المالي العالمي، الذي يتجه تدريجيًا نحو التعددية النقدية، بدلاً من الاعتماد الحصري على عملة واحدة. وأشار إلى أن هذا التحرك يعزز استقرار السوق المحلي، من خلال تخفيف الضغط على الدولار الأمريكي وتقليل تكاليف التحويلات المالية المرتبطة بالتجارة بين مصر والصين، مما يفتح الباب أمام تعاقدات تجارية أكثر مرونة وتنافسية.
ويرى عبد الوهاب أن هذا القرار سيكون له تأثير مباشر على زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والصين، لا سيما أن السنوات الأخيرة شهدت توسعًا ملحوظًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث باتت الصين من الشركاء التجاريين الأساسيين لمصر، خصوصًا في المشروعات الكبرى داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمجمعات الصناعية.
وأوضح الخبير الاقتصادي محمد عبد الوهاب أن القانون الاستثماري المصري، الذي يتيح الملكية الأجنبية بنسبة 100%، يتكامل مع هذا القرار الجديد ليشكل بيئة أعمال شاملة وجاذبة للاستثمارات الصينية، تدعمها بنية تشريعية واضحة وتسهيلات مصرفية مرنة.
وتابع الدكتور محمد عبد الوهاب أن السماح بالتعامل الكامل باليوان هو أكثر من مجرد خطوة مالية، بل هو تأكيد على نضج الرؤية الاقتصادية المصرية، وقدرتها على التحرك بذكاء في ظل بيئة اقتصادية عالمية معقدة، كما يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي واعد لاستقبال الاستثمارات، ليس فقط من الصين، بل من مختلف القوى الاقتصادية التي تبحث عن شراكات قائمة على التوازن والاحترام المتبادل.
أبرز الارقام والمعلومات عن التبادل التجاري بين مصر والصين
يذكر أن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين سجل نحو 17 مليار دولار في 2024، بزيادة 6% عن 2023 (16 مليار دولار)، مما يعكس نمو العلاقات الاقتصادية. الصين أكبر شريك تجاري لمصر، حيث شكلت 11.1% من تجارة مصر الخارجية في 2023.
وبلغت الصادرات المصرية إلى الصين نحو 881 مليون دولار في 2023، تشمل الوقود والزيوت المعدنية (414 مليون دولار) ومصنوعات الأحجار والأسمنت (116 مليون دولار). في المقابل، بلغت الواردات من الصين 12.9 مليار دولار، تضمنت آلات كهربائية ومراجل.
ووصل حجم الاستثمارات الصينية في مصر إلى 8 مليارات دولار عبر 3050 شركة، مع تركيز على الصناعة والبنية التحتية. منطقة تيدا الصناعية باستثمارات 3.3 مليار دولار توفر 10 آلاف فرصة عمل.