أثارت تصريحات وزير الري السوداني، ياسر عباس، عن مخاطر ملء خزان سد النهضة الإثيوبي على بلاده، وتحذيراته من الملء الثاني الذي أثار الجدل على الساحة الدولية والمحلية، لاسيما أن قضية سد النهضة من القضايا المصيرية في حياة الشعوب، خاصة موقف السودان طيلة المفاوضات غير مفهوم، لذا تستعرض 'أهل مصر' تحليل آراء الخبراء عن تصريحات السودان الأخيرة، ومصير قضية سد النهضة في الفترة المقبلة.
رئيس قطاع مياه النيل الأسبق: السودان أدركت حجم المخاطر
قال الدكتور عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل الأسبق، إن منذ نهاية الثمانينات من القرن العشرين ولمدة ثلاثة عقود حتى وقت قريب كانت توجهات نظام الجبهة الإسلامية الإخواني هى المسيطرة على السودان.
وأضاف مطاوع، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، الآن يمر السودان بفترة انتقالية بعد أن ثار الشعب السودانى على نظام الجبهة بزعامة الرئيس المخلوع عمر البشير.
وأشار إلى أنه عندما تم البدء في التخزين المرحلي لحجم ٥ مليار م٣ لسد النهضة في بداية موسم فيضان النيل عام 2020 من جانب إثيوبيا دون إخطار للسودان، حيث تأثرت توربينات توليد الكهرباء من سد الروصيرص على النيل الأزرق ومحطات مياه الشرب بالعاصمة الخرطوم.
وذكر أن القيادة السودانية الحالية أدركت حجم المخاطر التي سيتعرض لها السودان جراء إنشاء سد النهضة ما لم يتم الاتفاق على قواعد واضحة وملزمة قانونًا لتشغيل وإدارة سد النهضة.
وأشار إلى أن من المفترض أن تستكمل إثيوبيا الملئ فى فيضان عام ٢٠٢١ بمقدار ١٣.٥ مليار م٣ ليصل الإجمالى إلى ١٨.٥ م٣، وحال عدم الوصول لاتفاق وبحسب الدراسات البيئية المتعلقة بالأمان فأن السد سيعرض حياة حوالي ٢٠ مليون مواطن سوداني للموت المحتم، حسب تصريحات المسئولين السودانيين.
"شراقي": السودان متردد لظروفه غير المستقرة
وفي السياق ذاته، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجولوجيا والموارد المائية، إن السودان كانت مؤيدة لوجهات النظر الإثيوبية، ورفضت التوقيع في واشنطن تضامنا مع إثيوبيا، وتحفظت على قرار جامعة الدول العربية فى دعمها للحق المائي لمصر والسودان وحذفت السودان من القرار، واعترضت مع إثيوبيا على التقرير الاستهلالى للمكتب الفرنسي في نوفمبر 2017.
وأوضح في تصريحاته لـ'أهل مصر'، أن السودان متردد في مواقفه؛ نظرًا للظروف غير المستقرة من بداية الثورة حتى الآن.
وتمنى ثبوت السودان على موقفه الأخير اتجاه ملف سد النهضة حتى تتوحد وجهات النظر المصرية والسودانية أمام التعنت الإثيوبي.
وجدير بالذكر أن تصريحات وزير الري السودان بشأن الملء الثاني لسد النهضة بأنه يهدد مباشرة الأمن المائي السوداني للخطر، كما أنه تأكيد على أن بلاده لن تقبل فرض سياسة الأمر الواقع كما حدث في حالة الملء الأول يونيو الماضي، وتسبب في انخفاض منسوب النيل الأزرق وخروج بعض محطات مياه الشرب عن الخدمة، مصر ترفض أيضا تلك السياسة الإثيوبية وأن التخزين الجديد يؤثر سلبيا على مصر، حيث أنه يشجع إثيوبيا في المضى قدما في بناء سدود جديدة.
وأن التخزين الثاني بدون اتفاق هو تحدي إثيوبيا غير المقبول،حيث تسعى إثيوبيا لعرقلة المفاوضات بدلا تبنى سياسات تخدم التقارب بين الدول الثلاثة للإتفاق حول قواعد الملء والتشغيل للسد.
وطالب السودان بمظلة تفاوض لتشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة الاتحاد الإفريقي الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة وتحويل دور هذه المؤسسات الأربع من مراقبين الى وسطاء، إلا أن التصريحات الاثيوبية ترفض مبدأ الوساطة وتقول أن أمريكا والبنك الدوالى كانا منصة للاجتماعات فقط، وكذلك موقف الاتحاد الإفريقى حاليا.
ويجدر الإشارة إلى أن مستقبل هذه المفاوضات قد يتهدد عند البدء فى إقامة إنشاءات جديدة؛ لتعلية الممر الأوسط لسد النهضة وهو المكان الذي تتدفق أعلاه المياه حاليًا، ولنا فى هذا درس مما حدث العام الماضي من أعمال الملء الأول، مشددا على أهمية تفعيل تدخل الاتحاد الإفريقى والأوروبى للوساطة لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاثة للاتفاق على قواعد الملء والتشغيل وعدم التخزين الثاني بدون اتفاق؛ حرصا على التعاون المأمول بين مصر والسودان وإثيوبيا.