وزير الأوقاف: زواج القاصرات ظلم لهن وللمجتمع

وزير الاوقاف
وزير الاوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الشرع الحنيف قائم على مراعاة مصالح البلاد والعباد، فحيث تكون المصلحة المعتبرة فثمة شرع الله .

وأوضح الوزير في بيان له، أنه إذا كان العرف ضابطًا معتبرًا لدى الفقهاء فإن العرف لا يقصد به العرف الخاص لكل قبيلة أو عزبة أو قرية أو نجع أو تجمع على حدة، إنما هو العرف العام الذى تعارف عليه القوم وإن لم يسنوه قانونًا، فما بالكم إذا تعارف عليه القوم وسنوه قانونًا أو أقرته مجالسهم النيابية فى ضوء الدستور الذى اصطلحوا عليه وارتضوه لتسيير شئون حياتهم وتنظيم حركتها، ناهيك عما قرره الشرع من حق الحاكم فى تقييد المباح للمصلحة المعتبرة بما لا يتعارض مع نص صريح قطعى الثبوت والدلالة.

وتابع: "القضية التى نحن بصددها واحدة من القضايا الحياتية التى لم يرد فى بيان تحديد سن الزواج فيها نص قاطع، لا من صريح القرآن ولا من صحيح السنة، فصار فيها متسع للاجتهاد والرأى والرأى الآخر وفق ما تقتضيه المصلحة، على أن فقه الموازنات وحسابات المصالح والمفاسد، وترجيح ما يجب ترجيحه منها يتطلب منا نظرات متأنية لا نظرة واحدة قبل أن نصدر أى فتاوى فى هذا الشأن".

وأردف: "بل أرى أن أمر الفتاوى فى مثل هذه القضايا يحتاج اجتهادًا جماعيًّا للمؤسسات المعتبرة لا اجتهاد الأشخاص أو الأفراد، ولا سيما إذا كان بعض هؤلاء الأشخاص أو الأفراد بمعزل عن استيعاب قضايا العصر ومستجداته، فما بالك إذا كانوا أو كان بعضهم بمعزل عن قواعد الإفتاء وأصوله أصلاً؟ بل فما بالكم إن كان من يفتى فى الشأن العام من غير المتخصصين أو حتى من غير الدارسين للأصول الشرعية على وجهها المطلوب إن لم يكن من غير الدارسين لها أصلا".

وأكد، أنه لا شك أن إصدار مثل هذه الفتاوى لا يمكن أن تستند فقط إلى محصولنا مما قرره بعض الفقهاء فى عصور وظروف وبيئات تغيرت طبيعتها تغييرًا كبيرًا فى زماننا ومكاننا وبيئتنا.

وأشار إلى أنه أصبح من يتصدر للإفتاء فى مثل هذه الأمور والقضايا المعاصرة فى حاجة ملحة إلى أن يلم إلى جانب أصول وقواعد فقه الأحكام بفقه العصر والواقع ومستجداته وتداعياته وتحدياته وظروفه الاجتماعية والاقتصادية والصحية، بما يتطلب ضرورة الاستئناس بآراء الخبراء المختصين من الأطباء وعلماء النفس والاجتماع، بل إننا قد نكون بحاجة ماسة لنظرة أوسع نحو ما يدور حولنا فى مختلف دول العالم والتزامات الدول وتعهداتها فى ضوء ما وقعت عليه من مواثيق دولية، لأن الاستطاعة كما ينظر فيها إلى حال الأفراد ينبغى أن ينظر فيها أيضًا إلى أحوال وقدرات الدول.

وقال إنه إذا كان الفقهاء قد تحدثوا عن الباءة وهى القدرة على الوفاء بحق الزواج فإن الأمر بلا شك لا يمكن أن يحصر أو يقصر فى القدرة والطاقة الجنسية، إنما هو القدرة العامة على قيادة سفينة الحياة الزوجية بما تقتضيه وتتطلبه من تبعات اقتصادية ومسئوليات اجتماعية نظلم أبناءنا وبناتنا ظلمًا كبيرًا إن حملناهم إياها دون احتمالهم لها أو قدرتهم على هذا الاحتمال أو حتى مجرد إدراكهم لما يقتضيه واجب كل من الزوجين تجاه الآخر من حقوق وواجبات ومسئوليات، وما لم نهيئ لهم ما يغلب على الظن معه على أقل تقدير نجاح هذا الارتباط، وإلا فما سر حالات الطلاق المرتفعة بين الشباب المتزوجين حديثًا إن لم يكن عدم تأهيلهم وتهيئتهم بالقدر الكافى وإدراك كل منهم لما تتطلبه وتقتضيه حقوق بناء الأسرة السوية كأساس لبناء مجتمع سوى متماسك قادر على صنع الحضارة واقتحام عباب الحياة الصعبة.

وأكد أنه لا شك أن الزواج مسئولية كبيرة، وميثاق غليظ، شرعه الإسلام ليسكن كل من الزوجين إلى بعضهما البعض فى مودة ورحمة، حيث يقول الحق سبحانه : ”وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”، فلابد من التأكد من أن كلا من الرجل والمرأة فى سن قادر على تحمل أعباء وتبعات هذه العلاقة الزوجية سواء فى مسئولية كل منهما تجاه الآخر أم فى تحملهما معا واجبهما تجاهه ما قد يرزقان به من الولد.

ولفت إلى أنه من الذى لا شك فيه أن زواج القاصرات ظلم لهن، و لما قد ينتج عن هذا الزواج من أبناء، وظلم للمجتمع بما يترتب على هذا الزواج من آثار وتبعات اجتماعية، فضلا عما يترتب على زواج القاصر من آثار نفسية وربما صحية وغالبا حرمانها من التعليم .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً