أعلنت وزارة الأوقاف، عن أن "الفساد صوره ومخاطـره"، سيكون موضوع خطبة الجمعة القادمة.
وفى هذا الصدد صرح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بأن الفساد ظاهرة سلبية مدمرة للأفراد والدول، ويعد طمع النفس وغياب الوعى من أهم أسبابها ، وهو داء يقتل الطموح، ويدمر قيم المجتمع، ويعَد خطرًا مباشرًا على الوطن، ويقف عقبة فى سبل البناء والتنمية ، يبدد الموارد، ويهدر الطاقات .
وأكد الوزير، أن القضاء على الفساد أحد أهم مقومات أى حكم رشيد، فالحكم الرشيد يبنى على أربع دعائم أساسية، هى إقامة العدل ومواجهة الفساد وحرية المعتقد، والعمل على تحسين أحوال الناس .
وأضاف، أن الحفاظ على الأموال أحد أهم الكليات الست التى أحاطها الشرع الحنيف بالعناية والرعاية والصيانة، فشرع للحفاظ على المال حد السرقة، كما شرع الضمان، والحوالة والكفالة والوكالة، وندبنا إلى توثيق الديون والمعاملات، وكل ما من شأنه الحفاظ على الحقوق ، فقال سبحانه وتعالى : "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "، ويقول سبحانه: "وَمَا كَانَ لِنَبِى أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ".
والفساد له صور متعددة منها: الغش سواء أكان غشًّا فى الكم أم فى النوع ، فى الكم بتطفيف الكيل أو الميزان أو المقياس أو الكميات ، وفى النوع بمحاولة إظهار الرديء فى صورة الجيد , فعندما مر نبينا صلى الله عليه وسلم علَى صُبْرَةِ طَعامٍ فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا فقالَ: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَى يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّى.
وتابع: "منه أيضًا: الرشوة والاختلاس وكل ألوان المحاباة والمجاملة وما يدخل فى باب إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق ، كتربيح الغير أو تنفيعه أو محاباته أو مجاملته أو إفادته بأى لون من ألوان النفع المادى أو المعنوى ، فهذه الأدواء ما دخلت فى شيء إلا أعاقته، ولا مجتمعًا إلا أفسدته، ولا بيتًا إلا خربته، ولا جوف شخص إلا أهلكته، ومنه: أخذ الأجر دون الوفاء بحق العمل ، فبعض الناس قد يظن أن احتياله على الغياب من عمله أو هروبه منه أو عدم الوفاء بحقه أمرًا سهلاً ، فالحق مقابل الواجب ، وإلا لاختل نظام الحياة وانفرط عقدها ".
وأردف: "منه الاعتداء على المال العام أو على أملاك الدولة أو أى من مرافقها بدون حق، ومنه: الاعتداء بأى صورة من الصور على أعيان الوقف وأمواله، أو محاولة الاستفادة منها بأقل من القيمة العادلة، أو التهرب من سداد مستحقاتها ".
وشدد على أن القضاء على الفساد وعمل الحوكمة الكفيلة بالقضاء عليه واجب شرعى ووطنى ومجتمعى، يقول الحق سبحانه وتعالى: " فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِى الْأَرْضِ "، فالفساد نقمة والإصلاح نعمة، يقول تعالى: "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" ، ويقول سبحانه: " قُل لَّا يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "، مع بيان أن المفسد أو المختلس أو مستحل الحرام حتى إن أفلت من حساب الخلق فلن يفلت أبدًا من قبضة الخالق "يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" .