أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً معلوماتياً حول نظم الحماية الاجتماعية على مستوى مصر والعالم، حيث تناول مفهوم الحماية الاجتماعية، ومدى التقدم في أنظمة الحماية عالمياً، وفجوات الاستثمار المتباينة في الحماية الاجتماعية بين الدول، ودور الحماية الاجتماعية في ترسيخ حقوق الأطفال، ومدى تأثير جائحة 'كوفيد-19' على أنظمة الحماية الاجتماعية في العالم.
توسيع نطاق الحماية الاجتماعية
وأوضح التحليل أنه على الرغم من التقدم المحرز في السنوات الأخيرة والمجهودات المبذولة من أجل توسيع نطاق الحماية الاجتماعية في العديد من أنحاء العالم للنهوض بجودة حياة المواطن على كافة الأصعدة السياسـية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، إلا أن العديد من البلدان لا تزال تواجه تحديات لتوفير نظم الحماية الاجتماعية الكافية للنهوض بمواطنيها، فكانت الدول التي تتمتع بمظلة حماية اجتماعية واسعة أكثر قدرة على مواجهة تداعيات تلك الجائحة على مواطنيها، مقابـل تراجـع أداء الدول الأقل حظاً في توفير الحماية الاجتماعية.
وأشار مركز المعلومات، أنه وفقًا لأحدث بيانات صادرة عن منظمة العمل الدولية بشأن الحماية الاجتماعية في العالم في سبتمبر 2021، فإن 46.9% فقط من سكان العالم كانوا يحصلون على إعانة واحدة على الأقل من إعانات الحماية الاجتماعية (باستثناء الصحة والمرض) في بداية عام 2020، في حين ظلت النسبة المتبقية البالغة 53.1%، أي 4.1 مليارات شخص لا يحصلون على أيٍّ من إعانات الحماية الاجتماعية على الإطلاق، وقد حظيت كل من أوروبا وآسيا الوسطى بأعلى معدلات تغطية للحماية الاجتماعية، حيث يحصل 83.9% من سكانهما على إعانة واحدة على الأقل من إعانات الحماية الاجتماعية، كما حصلت الأمريكيتان على 64.3% من نسبة تغطية سكانهما من الحماية الاجتماعية، أي أعلى من المتوسط العالمي، بينما حظيت كل من آسيا ومنطقة المحيط الهادئ بمعدلات تغطية أقل تمثل 44.1%، وتليهما الدول العربية بنحو40%، ثم تأتى إفريقيا بمعدلات تغطية منخفضة جدًا لتمثل 17.4%.
أطفال إفريقيا الأقل حصولا على الحماية الاجتماعية
وأظهرت البيانات التفاوتات في تغطية الحماية الاجتماعية بين الدول نتيجة نقص الاستثمار في الحماية الاجتماعية، لاسيما في إفريقيا والدول العربية وآسيا، فوفقًا لمنظمة العمل الدولية، تنفق البلدان في المتوسط نحو 12.9% من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية (باستثناء الصحة)، حيث تنفق البلدان مرتفعة الدخل في المتوسط نحو 16.4%، أي بمقدار ضعفي ما تنفقه البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى 8%، وستة أضعاف ما تنفقه البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، وبمقدار 15 مرة مما تنفقه البلدان منخفضة الدخل 2.5% و1.1% على التوالي.
وأشار المركز، إلى أن الغالبية العظمى من أطفال العالم لا يزالون غير حاصلين على حماية اجتماعية فعالة وفقاً لبيانات منظمة العمل الدولية، حيث أن 26.4% فقط من الأطفال على مستوى العالم هم مَن يتلقون الحماية الاجتماعية، كما يتلقى 82.3% من الأطفال الحماية الاجتماعية في أوروبا وآسيا الوسطى، بينما يتلقى الأطفال إعانات في الأمريكيتين بنسبة 57.4%، و18% فقط في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، بينما يمثل عدد الأطفال الحاصلين على الحماية الاجتماعية في الدول العربية 15.4%، فيما كان الأطفال بإفريقيا أقل نسبة في الحصول على الحماية الاجتماعية، حيث يمثلون 12.6%.
وأوضح التحليل أن هناك أكثر من ملياري عامل حول العالم يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، ومعظمهم غير مشمولين بأنظمة الحماية الاجتماعية، حيث يعمل 1.6 مليار منهم في القطاعات الأكثر تضررًا، وهذه الفئات لم تكن تتمتع على النحو الكافي بتدابير الحماية الاجتماعية القائمة أو لم تكن تحصل عليها مسبقًا، كما أنه لم يكن نصف سكان العالم يحصلون على الخدمات الصحية قبل أزمة كورونا، فحوالي 40% لم يكونوا منتسبين إلى نظام تأمين صحي اجتماعي أو خدمة صحية وطنية؛ مما اضطر العديد من الأشخاص إلى دفع مبالغ كبيرة من أموالهم الخاصة للحصول على العلاج الذي يحتاجون إليه.
وعلى مستوى مصر، أوضح مركز المعلومات أن استراتيجية مصر للتنمية المستدامة التي أُطلقت في فبراير 2016 سعت إلى تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، من خلال توفير الاحتياجات الأساسية للأسر الفقيرة، وتوفير الرعاية الصحية للفئات الأولى بالرعاية، فضًلا عن حماية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير فرص العمل للفقراء ومحدودي الدخل، وذلك من خلال برامج الحماية الاجتماعية المختلفة والعديدة في مصر.
منظومة التأمين الصحي الشامل
ففي قطاع الصحة، أطلقت مصر العديد من البرامج والمبادرات التي استهدفت جميع فئات المجتمع من خلال منظومة التأمين الصحي الشامل، وبرنامج الرعاية الصحية لغير القادرين، ومبادرة 100 مليون صحة، ومبادرة تطوير المستشفيات النموذجية، أما بالنسبة لقطاع التعليم، فقد قامت الدولة بتطوير المنظومة التعليمية من خلال التحول نحو الفصول الذكية، والتوسع في إنشاء المدارس اليابانية، وبرنامج 'المعلمون أولاً'، حيث اتخذت الدولة العديد من الخطوات نحو تعزيز وصقل مهارات المعلم المصري؛ حتى تتواكب مداركه مع التطور السريع للاقتصاد العالمي.
وبالنسبة لتطوير المناطق العشوائية، قامت الحكومة بتطوير ما يقرب من 242 ألف وحدة سكنية، حيث شهد ملف الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري تقدمًا كبيرًا، وبلغ عدد المستفيدين من برنامج الإسكان الاجتماعي نحو 3.6 ملايين مواطن مصري عام 2020، فضًلا عن مبادرة 'حياة كريمة' لتطوير القرى الأكثر فقرًا، بالإضافة إلى الاهتمام بذوي الهمم، والغارمين والغارمات، كما تم تقديم العديد من البرامج والمبادرات للأطفال بلا مأوى، بالإضافة إلى تطوير مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تقوم بدور الأسر البديلة لرعاية الأطفال، فضلاً عن مبادرة 'تطوير مؤسسات الرعاية الاجتماعية'.
وقد استطاعت هذه المبادرات مع جهود الحكومة المصرية أن تحقق نجاح في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وحماية الفقراء ومحدودي الدخل من تبعات الإصلاحات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة.