عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمرًا صحفيًا بمقر مجلس الوزراء، ظهر اليوم، بحضور الدكتور محمد معيط، وزير المالية، ونيڨين جامع، وزيرة التجارة والصناعة.
وأوضح خلال المؤتمر الصحفي، أن مجلس الوزراء استعرض في اجتماعه الأسبوعي اليوم، تقريرا مهما للغاية كان من الضروري إعلان أبرز ما تضمنه للشعب المصري، للوقوف على مؤشرات أداء الاقتصاد المصري بصفة عامة، والصادرات المصرية بصفة خاصة.
ارتفاع تاريخي للصادرات
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هذا التقرير تضمن إجمالي الصادرات المصرية خلال عام 2021، لافتا إلى أنه كان قد سبق أن استعرضت وزيرة التجارة والصناعة أهم أرقام الصادرات المصرية غير البترولية، والتي وصلت إلى نحو 32.123 مليار دولار، وبعد المراجعة الأخيرة المدققة تبين ارتفاع هذا الرقم إلى 32.340 مليار دولار.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الصادرات البترولية حققت زيادة ملحوظة لتصل إلى 12.9 مليار دولار، وبالتالي فإن إجمالي الصادرات بلغ 45.2 مليار دولار، وهو أعلى رقم حققته الصادرات المصرية في تاريخها.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن أعلى رقم وصلت له الصادرات، كان في العام المالي 2010 - 2011، وبلغ حينذاك 36.7 مليار دولار، مؤكدا أن ما تحقق من زيادات غير مسبوقة للصادرات المصرية، يعد خطوة على طريق تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة تخطي الصادرات المصرية حاجز الـ100 مليار دولار، خلال الفترة القصيرة المقبلة، وأن تشجع الحكومة جميع القطاعات الصناعية والإنتاجية في الاقتصاد المصري؛ من أجل تحقيق الهدف المنشود.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: «من خلال تحليل هيكل الصادرات المصرية خلال عام 2021، سنجد أن الجزء الأكبر من الصادرات ونسبته، 71.5%، كان من نصيب الصادرات غير البترولية، وهذه الصادرات تشمل جميع قطاعات الصناعة، وهو ما يتوافق مع توجيهات السيد الرئيس للحكومة، بتشجيع تعميق وتوطين الصناعة، والاعتماد بصورة متدرجة على الصناعات المحلية، لافتا إلى أن 71.5% نسبة الصادرات غير البترولية، و28.5% نسبة الصادرات البترولية يمثل إنجازا كبيرا في حد ذاته، لأن العام المالي 2010-2011، والذي حققت فيه الصادرات المصرية 36.7 مليار دولار كانت نسبة الصادرات البترولية فيها تتجاوز 35%، بينما أصبحت الصادرات غير البترولية، والتي تضم القطاعات الإنتاجية تمثل النسبة الأكبر، وهو أمر محمود».
وشدد رئيس الوزراء على أن ما تحقق في الصادرات خلال عام 2021 يمثل نتاجا لجهد كبير قامت به الدولة المصرية، كما تحقق بفضل العديد من المبادرات، رغم أنه جاء في ظل ظروف استثنائية، وهي أزمة جائحة كورونا، التي أثرت سلبا على العالم أجمع، وكان من تداعياتها السلبية حدوث انكماش لاقتصادات عديدة في أنحاء العالم، بل غلق كثير من الصناعات على مستوى العالم، إلا أن الدولة المصرية منذ بداية ظهور الجائحة اتبعت منهجا مغايرا يتصف بالتوازن ويرتكز على تشجيع القطاعات الصناعية وقطاعات التصدير؛ من أجل ليس فقط أن تبقى ، بل أن تحقق طفرة، ويتحقق تقدم ملحوظ بها.
مبادرات مساندة
ولفت الدكتور مدبولي إلى المبادرات العديدة لمساندة الصادرات، ومنها المساندة التصديرية، حيث أسرعت الحكومة الخطى في برنامج دعم الصادرات وصرف المتأخرات المالية، التي يعود بعضها إلى عام 2012، وهو ما كان يمثل معاناة للمصدرين، ولذا فقد خصصت الدولة حجما كبيرا من الاعتمادات المالية تخطى الـ 31 مليار جنيه، وقامت الحكومة بالفعل بسداد المبالغ للمصنعين والمصدرين.
كما تطرق رئيس الوزراء إلى إجراء آخر من المبادرات يتمثل في تطوير منظومة الجمارك التي وضعتها الدولة، والتي تضمنت تبسيط الإجراءات، وتسهيل حركة التجارة الدولية، لافتاً إلى المشكلة التي كانت تواجهها حركة التجارة في مصر، سواء في دخول الواردات، أو خروج الصادرات، حيث تم وضع منظومة متكاملة تضمنت إطلاق "منصة نافذة" لتنفيذ نظام الشباك الواحد.
وأضاف رئيس الوزراء، أن الدولة خطت خطوة مهمة سبقت بها عددا من الدول المتقدمة بعد إطلاقها نظام التسجيل المسبق للشحنات ACI، الذي تم تطبيقه بشكل إلزامي اعتبارا من أكتوبر 2021، لافتا إلى أنه في السابق، كان من المتبع إنهاء إجراءات الشحنات الواردة إلى مصر بالخارج، وبعد وصولها إلى الأراضي المصرية، تبدأ إجراءات الإفراج عنها، وهو ما كان يستغرق وقتا طويلا للغاية، بالإضافة إلى الإجراءات البيروقراطية، حتى إنه في بعض الأحيان كان يتم رفضها، مما كان يضع الدولة في مأزق تراكم تلك الشحنات إذا ما تخلى عنها المستوردون، موضحاً أن النظام الجديد هو نظام رقمي ومميكن، يتم من خلاله تسجيل الشحنات قبل خروجها من بلدها، وبالتالي تكون السلطات المصرية على علم كامل بهذه الشحنات، موضحا أن الهدف من هذا النظام، بالإضافة إلى تسهيل وتبسيط الإجراءات، هو حوكمة المنتجات الواردة إلى مصر.
وفي السياق ذاته، لفت رئيس الوزراء إلى مشكلة كانت ولا تزال قائمة تتمثل في وجود عدد غير قليل من المنتجات الواردة ليست بالجودة المطلوبة، والتي من المفترض أن تكون على مستوى المواطن المصري، حيث إن دخول أي سلعة رديئة، حتى وإن كان سعرها رخيصا، تتلف بعد فترة قليلة، وبالتالي يضطر المواطن إلى شراء غيرها، لذا فإنه من المهم ضمان جودة المنتج الوارد، باعتباره حقا للمواطن على الدولة، وعليه قامت الدولة بالتزامن مع تطبيق "نظام التسجيل المسبق"، في أكتوبر الماضي، بتطبيق عدد من المعايير الفنية لكل المنتجات التي تدخل مصر، تتوافق مع معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، ومعايير الدول المتقدمة وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي، أنه لتفادي التخبط مع تطبيق المعايير الفنية، فقد تم تطبيقها في البداية بطريقة استرشادية، على أن يتم تطبيقها بشكل إلزامي اعتباراً من شهر مارس 2022، حيث تم اعتبار الفترة من شهر أكتوبر 2021 وحتى مارس 2022 كفترة تجريبية.
إجراءات استيرادية
كما أعلن رئيس الوزراء، خلال المؤتمر الصحفي، عن أن هناك مجموعة جديدة من إجراءات الاستيراد، سيتم البدء في تطبيقها بالتنسيق مع البنك المركزي؛ سعياً لحوكمة وضمان جودة المنتجات الداخلة إلى جمهورية مصر العربية، مضيفا أنه سيتم البدء في تطبيق عدد من المعايير تدريجياً، حيث تتعلق هذه المعايير بالتوافق مع البيئة، والتنمية المستدامة، بالتزامن مع استضافة مصر لقمة المناخ المقرر عقدها خلال شهر نوفمبر المقبل، والتي تحتم علينا كدولة البدء في تطبيق المعايير الخضراء، ومعايير الاستدامة البيئية، مشيراً إلى أن مختلف دول العالم بدأت تتحرك لتطبيق مثل هذه المعايير، وأن عددا كبيرا من الدول أعلنت أنه اعتباراً من بداية من عام 2023، سيتم منع دخول السلع غير المتوافقة مع المعايير البيئية، أو فرض رسوم مرتفعة عليها، وذلك للحد من تلك السلع.
وأوضح رئيس الوزراء أنه مع قرب استضافة مصر لقمة المناخ، فإن هذا التوقيت يعتبر هو الوقت المناسب لبدء مصر في تطبيق المعايير البيئية الخاصة بالسلع، وذلك مواكبة لمختلف دول العالم المتقدم في هذا الصدد.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن تعزيز حجم الصادرات إلى قارة أفريقيا، تنفيذاً لتوجيهات السيد الرئيس أسهم في زيادة حجم الصادرات، من خلال تنفيذ استراتيجية متكاملة لتنمية الصادرات المصرية إلى القارة الأفريقية، مشيراً إلى الاجتماعات التي يتم عقدها بصفة مستمرة مع المجالس التصديرية، التي تمثل القطاع الخاص المصري الذي يقوم بالتصدير لمختلف دول العالم؛ لمناقشة واستعراض مختلف الحوافز التي من شأنها دعم وتعزيز تواجد مصر في الأسواق الأفريقية، بالإضافة إلى تشجيع التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية، وذلك في إطار اتفاقية التجارة الحرة التي تم التوقيع عليها مع تلك الدول.
واختتم رئيس الوزراء المؤتمر الصحفي بالتأكيد أن هناك العديد من الإجراءات التي تحركت من خلالها الدولة المصرية بقوة لتحقيق حلم تجاوز حجم الصادرات المصرية الـ100 مليار دولار في أقرب وقت، وهو ما يعد خطوة من خطوات عديدة ستقوم بها الحكومة، حيث إن مصر بقوتها وإمكاناتها تستحق أن تحقق معدلات أعلى في حجم الصادرات، قائلاً:"نحن كدولة.. نعمل مع مختلف المؤسسات لتحقيق هذا الحلم".
كما أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تتوجه بشكل قوي للغاية وداعم بالكامل لتعميق الصناعة المحلية، وأيضا لتعزيز قدرات المصنعين في مصر، قائلا: نحن منفتحون تماما ونرحب بمزيد من الاستثمارات الخارجية في كل قطاعات الصناعات المختلفة؛ للاستفادة من قوة الاقتصاد المصري الذي يخدم سوقا تتكون من أكثر 100 مليون مواطن مصري، وبالتالي فهي سواق واعدة وكبيرة وجاذبة للاستثمار.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: شهدنا على مدار الفترة الماضية طفرات في قطاعات أخرى، وكان خبراء الصناعة دائما يعلقون بأن قطاع الصناعة لم يخطو بنفس سرعة نمو القطاعات الأخرى، مشيرا إلى أن المشروعات الصناعية يتطلب تنفيذها فترة زمنية معينة للانتهاء منها، وتبدأ بالتالي خطوات الإنتاج، مؤكدا أن جميع الخطوات الإجرائية والقواعد والقوانين التي وضعتها الحكومة المصرية، بتوجيه من السيد الرئيس لدعم هذا القطاع بدأت تؤتي ثمارها كبداية في عام 2021، مشددا على استمرار الحكومة في عقد الاجتماعات مع ممثلي جميع القطاعات الصناعية والمجالس التصديرية، لأن هدفنا الشاغل كحكومة هو كيف ندفع هذا القطاع لتحقيق طفرة كبيرة، ولن نكتفي بمعدلات نمو اعتيادية، فنحن نستهدف إحداث طفرات أكبر في هذا القطاع، باعتباره يمثل أحد أهم القطاعات المهمة للغاية لتحقيق الأمن القومي فيما يتعلق بتأمين احتياجاتنا كدولة، كما يحقق اعتمادنا الذاتي على قدراتنا الإنتاجية.