وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة الي الأمة، بمناسبة الذكري التاسعة لثورة 30 يونيو المجيدة، جاء بها:
أيها الشعب الأبي الكريم ..
في حياة الأمم والشعوب.. أيام ليست كغيرها من الأيام.. يكاد الزمن عندها أن يتوقف.. ويتباطؤ دوران عجلة التاريخ.. احتراماً لإرادة الأمة عندما تريد الحياة.. والشعب عندما يرفض العبث بمقدراته ومستقبله.
وبحكم تاريخها المديد.. مرت على أمتنا العريقة أيام مثل تلك.. من بينها.. بل ومن أمجدها.. يوم الثلاثين من يونيو ٢٠١٣.. الذي سيبقى خالداً في وجداننا.. جيلاً بعد جيل.
إن ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة.. لحظة فارقة في تاريخ هذا الوطن الغالي.. لحظة.. اختار فيها المصريون المستقبل الذي يرتضونه لأبنائهم وأحفادهم.. كانت لحظة اختيار فارقة نحو الدولة المدنية الحديثة.. بهويتها المصرية الوطنية.. المتسامحة.. والمنفتحة على العالم.. لحظة.. أعلن فيها المصريون للعالم أجمع: أن هدوءهم لم يكن إلا قوة.. وصبرهم لم يكن إلا صلابة.. وتسامحهم.. لم يكن إلا حكمة متصالحة مع الزمن.
في ثورة الثلاثين من يونيو.. كان صوت مصر هادراً ومسموعاً.. يقول.. إنها أكبر من أن تختطف.. وأعظم من أن يتصور أحد.. أن بمقدوره خداع شعبها العريق.. وعلى مدار أيام هذه الثورة الخالدة.. كتب المصريون لأنفسهم.. على اتساع مدن مصر وقراها.. دستوراً مباشراً نابعاً من ضميرهم الشعبي.. عنوانه أنّ مصر للمصريين.. ومصيرها لا يقرره سوى أبنائها المخلصين.
شعب مصر العظيم،
إن روح ثورة الثلاثين من يونيو.. بما تمثله من تحد وقدرة على قهر المستحيل ذاته.. مازالت هي نبراس عملنا حتى اليوم.. شعاع النور الذي يقودنا ويلهمنا .. في التصدي للتحديات الراهنة.. بعد أن نجحنا - بفضل الله وإرادة الشعب - في اجتياز تحديات.. توهم المتربصون.. بل وتمنوا.. أن تكسرنا وتقضي علينا.. وبئس ما تمنوه.
واجهنا موجات عاتية من الإرهاب الأسود.. تحالفاً ملعوناً بين قوى شر ودمار.. أرادت – ومازالت تريد - النيل من وطننا.. تلك الموجات التي تحطمت على صخور إرادة المصريين الصلبة.. وكما فشل الأشرار من قبل.. سيفشلون - مجدداً.. بإذن الله.. وبتماسكنا ووحدتنا.. وواجهنا وضعاً اقتصادياً غير مسبوقا.. فاستعنا عليه من بعد الله.. بصمود أسطوري لشعب عظيم.. كما علم الإنسانية يوماً الحضارة والمدنية.. يضرب المثل الآن في إدراك قيمة الوطن.. والحفاظ عليه.. وتحمل المشاق في سبيل ذلك.
ولم نكتف بمواجهة تلك التحديات أو التعلل بها.. لتأجيل معركة التنمية والتقدم.. بل مضينا في المسارين معاً.. البقاء والبناء.. بقاء الدولة وترسيخ أركانها وبناء المستقبل.. فانطلقت سواعد أبنائنا وبناتنا.. في كل شبر من أرض مصر.. تعمر وتشيد.. وتقيم بإذن الله للمجد قواعدا جديدة.
ولأن هذا المجهود الهائل.. الذي بذلته مصر خلال السنوات الماضية.. لا يمكن أن يضيع هدراً.. فقد أصبح سندنا الآن.. في مواجهة اثنتين من أصعب الأزمات العالمية.. وأكثرها قسوة على جميع دول العالم.. وهي جائحة كورونا.. والأزمة الروسية الأوكرانية.
فلا يخفى عليكم.. حجم الأذى الذي أصاب دولاً.. أكبر اقتصاداً وأكثر تقدماً.. بسبب الجائحة.. وما نتج عنها من تعطل لسلاسل الإمداد العالمية.. وكذلك الحرب.. وما ارتبط بها من أزمة غير مسبوقة في الغذاء والطاقة.. سواء توافراً أو أسعاراً.
وأقول لكم بكل الصدق: أنه لولا البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي.. الذي تم تنفيذه بنجاح ودقة منذ عام 2016.. وشهد بذلك القاصي والداني.. ولولا ما تحقق في السنوات الماضية.. من جهود تنموية تسابق الزمن.. لكانت مواجهة تداعيات الأوضاع الدولية الحالية أمراً في غاية الصعوبة.