أكد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، اليوم الإثنين، أن قطاع الزراعة والانشطة المرتبطة به يلعب دورًا محوريًا في ملف الأمن الغذائي، وشهد نهضة ودعم غير مسبوق من القيادة السياسية خلال الثماني سنوات الماضية؛ نظرًا للدور الحيوي الذي يلعبه في الاقتصاد القومي، وكذلك التوجيه الدائم بضرورة أن تكون مشروعات التوسع الرأسي والأفقي هي لتدعيم إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية.
المتابعة المستمرة للقيادة السياسية للأداء في قطاع الزراعة
كما تمثل هذا الاهتمام كذلك في زيادة الاستثمارات الحكومية الموجهة إلى قطاع الزراعة في السنوات الأخيرة وتنفيذ العديد من المشروعات الزراعية القومية الكبرى، علاوة على المتابعة المستمرة للقيادة السياسية للأداء في قطاع الزراعة مع تهيئة مناخ الاستثمار فيه إضافة إلى اعتباره من القطاعات ذات الأولوية ضمن مرحلة الإصلاح الهيكلي نظرًا لتميزه بتسارع معدلات النمو فيه.
كلمة وزير الزراعة أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الصناعات الغذائية
وجاء ذلك خلال كلمة وزير الزراعة أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الصناعات الغذائية الأولى 'نحو طريق النمو المستدام'، وذلك بحضور الدكتور على مصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، والدكتور علاء عز الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية المصرية الأوروبية وبعض المسؤولين من المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية بالقاهرة.
وقال 'القصير'، إن قضية الأمن الغذائي أصبحت قضية محورية كواحدة من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، حيث لم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية، فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي لدرجة أنها أصبحت سلاحًا في يد الدول المنتجة والمصدرة للغذاء تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
ولعل المتابع للأمر يجد أن ملف الأمن الغذائي تعرض للعديد من التحديات العالمية بدءًا من أزمة كورونا ومرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية مع زيادة حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وكلها تحديات أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول وخلقت أوضاع مؤلمة أدت إلى ارتباك شديد في أسواق السلع الغذائية خاصة الأساسية منها نتيجة التأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع نقص في إنتاجية المحاصيل وزيادة أسعار مستلزمات الإنتاج والسلع والمنتجات الاستراتيجية مع ارتفاع في أسعار الشحن والنولون والتأمين، إضافة إلى انخفاض حجم الاحتياطيات الأجنبية للدول، كل هذا وغيره أدى إلى أن كثير من الدول أصبحت غير قادرة على توفير الغذاء لشعوبها، وهو ما أكد حقيقة وهي أن الأموال وحدها أصبحت غير كافية لتحقيق الأمن الغذائي للشعوب وأن تأثير هذه الأزمات قد طالت العالم أجمع بلا استثناء.
وأضاف وزير الزراعة، أن الدولة المصرية مثلها مثل كل الدول تأثرت بالأزمات والتحديات العالمية المتشابكة نتيجة التلاحم والتأثير المتبادل للمعاملات فيما بين الدول، خاصة مع توجه معظم دول العالم نحو الأخذ بمفهوم الأمن الغذائي النسبي الذي يساهم في زيادة حركة التجارة الدولية وفي نفس الوقت يعظم من الاستفادة من المزايا النسبية لكل دولة بما يمكنها من تحقيق أقصى استفادة من مواردها الاقتصادية بعيدًا عن مفهوم الأمن الغذائي المطلق.
وما يزيد من تأثير هذه التحديات على الدولة المصرية هو محدودية الأراضي المتاحة للزراعة وتناقص نصيب الفرد منها إضافة إلى أن مصر تعتبر واحدة من الدول التي تعاني من الفقر المائي، كما أن التفتت الحيازي في الأراضي القديمة بالوادي والدلتا يعتبر عائق رئيسي لتنفيذ كثير من السياسات الزراعية التنموية.
وهذا وتعمق الزيادة السكانية المضطردة من حدة تأثيرات كل هذه التحديات، وهو ما يستوجب منا جميعًا التفكير في تدابير وإجراءات لمواجهة ذلك، ومن خلال شراكة استراتيجية حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص مع تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في مجال الزراعة والأنشطة المرتبطة بها، مع تدعيم دور شركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية خاصة في البرامج المرتبطة بالتخفيف من أثر التغيرات المناخية وبناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة وقادرة على الصمود في مواجهة كل هذه المتغيرات وتقديم التمويل المستدام الذي يراعى كل الأبعاد البيئية والاجتماعية والحوكمة.
رؤية مصر 2030
وقال وزير الزراعة، إن الدولة المصرية من خلال وزارة الزراعة بوضع استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة ضمن رؤية مصر 2030 استهدفت:
- الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وصيانتها وتحسينها وتنميتها.
- مع تحقيق تنمية متوازنة واحتوائية ومستدامة.
- تحقيق قدر كبير من الأمن الغذائي.
- إقامة مجتمعات زراعية جديدة متكاملة.
- تدعيم القدرة التنافسية للصادرات الزراعية المصرية.
- توفير فرص عمل منتجة خاصة للشباب والمرأة.
- تحسين دخول ومستوى معيشة السكان الزراعيين.
- التكيف مع التغيرات المناخية ومحاولة تقديم حلول للتخفيف من آثاره.
ولقد تمثلت أهم محاور تنفيذ هذه الاستراتيجية في:
- محور التوسع الأفقي والمتمثل في المشروعات القومية الكبرى التي استهدفت استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة لتعويض النقص فى الأراضي القديمة والتي تآكلت بفعل التعدي عليها وأيضًا كآثر للتوسع في الأحوزة العمرانية، ومشروعات النفع العام ولعل من أهم هذه المشروعات مشروع مستقبل مصر الذي يمثل باكورة مشروع الدلتا الجديدة العملاقة بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع توشكى الخير بمساحة 1.1 مليون فدان ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بحوالي 500 ألف فدان بخلاف مشروع تنمية الريف المصري بمساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى المشروعات الأخرى في جنوب الصعيد والوادي الجديد وكلها مشروعات تكلف الدولة المليارات في وقت يفقد فيه العالم ملايين الهكتارات سنويًا بسبب الجفاف والتصحر وتدهور التربة.
- محور التوسع الرأسي الذي استهدف زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة وحدة المساحة من خلال استنباط أصناف وهجن متميزة ذات إنتاجية عالية مع الاتجاه نحو التوسع في الأصناف التي تتكيف مع التغيرات المناخية وهو أمر جعل من الأصناف والهجن المصرية في أعلى مراتب الإنتاجية العالمية، خاصة من المحاصيل الاستراتيجية بالنسبة لوحدة المساحة ، أذ أنه وفقًا لما ورد بموقع وزارة الزراعة الأمريكية فأن ترتيب مصر من حيث إنتاجية وحدة المساحة بالنسبة للقمح الرابع على مستوى العالم والثاني بالنسبة للأرز، وهكذا بالنسبة لمحاصيل كثيرة.
- اتجاه الدولة إلى تنويع مصادر المياه سواء من خلال إقامة محطات معالجة مياه الصرف الزراعي العملاقة مثل محطة المحسمة بطاقة 1 مليون متر مكعب يوميًا ومحطة معالجة مياه مصرف بحر البقر بطاقة 5.6 مليون متر مكعب يوميًا والتي حصلت على أكبر محطة على مستوى العالم، ويجري حاليًا الانتهاء من محطة الحمام بطاقة 7.5 مليون متر مكعب ، والتي تستهدف خدمة مشروع الدلتا الجديدة مع تبني المشروع القومي لتبطين الترع والمساقى، والتوجه نحو التوسع في التحول من انظمة الري بالغمر إلى أنظمة الري الحديث من خلال إطلاق برنامج تمويلي ميسر على 10 سنوات وبدون فائدة.
- وضعت وزارة الزراعة خطة للتوسع في الاعتماد على التقاوي المعتمدة بشكل كبير خلال العامين الماضيين خاصة في المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة، أيضًا تبنت الوزارة نشر الخريطة الصنفية لبعض المحاصيل بما يستهدف رفع الإنتاجية والتوسع في الحقول الإرشادية مع تبني برنامج قومي لإنتاج تقاوي محاصيل الخضر.
- تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية بالنسبة للمحاصيل الزراعية الاستراتيجية في القمح – الذرة – فول الصويا – عباد الشمس ، إضافة إلى محصولي قصب السكر وبنجر السكر المطبق عليهم الزراعة التعاقدية حاليًا من خلال الإعلان عن أسعار ضمان وفي وقت مبكر قبل الزراعة بما يحفز المزارع والفلاح من التوسع في هذه المحاصيل.
- بذلت الوزارة جهودًا كبيرة وناجحة في زيادة تنافسية الصادرات الزراعية المصرية وبالتنسيق مع الجهات المعنية لإزالة كافة التحديات والعقبات التي تواجه نفاذ الصادرات الزراعية المصرية إلى الأسواق الخارجية، وقد زادت هذه الجهود في السنوات الأخيرة من حيث عدد الأسواق أو وجهتها، حيث بلغ عدد الأسواق التي تم فتحها خلال الخمس سنوات الماضية ما يزيد عن (80) سوقًا منها (25) سوقًا تصديري خلال عام 2022، ونتيجة لهذه الإجراءات فقد تحققت طفرة غير مسبوقة في مجال الصادرات الزراعية الطازجة خلال عام 2022 لتصل الى ما يقارب 6.5 مليون طن وهو رقم لم يتحقق في تاريخ الصادرات الزراعية المصرية. بما يعادل 3.3 مليار دولار بالإضافة إلى الصادرات الزراعية المصنعة بلغت قيمتها 4.2 مليار دولار.
- ورغم ما يحققه قطاع الزراعة في تعزيز النظم الغذائية في العالم إلا أنه يتعرض وبشكل متزايد للآثار السلبية لتغير المناخ، حيث تؤدي هذه التأثيرات إلى تقليل المحاصيل وتتسبب في الأضرار وتحدث تغيرات في مدى ملائمة الأراضي للزراعة، كما يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مخاطر الجوع وسوء التغذية بين أكثر الفئات ضعفًا وهشاشة.
- وفي هذا المجال يجب الإشارة إلى أهمية مخرجات مؤتمر المناخ COP27 الذي استضافته الدولة المصرية نيابة عن القارة الأفريقية، حيث تم الإقرار فيه للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات المناخ بقضية الخسائر والأضرار، واعتماد مقرر غير مسبوق، يُنشأ بموجبه صندوق للخسائر والأضرار لمواجهة تحديات المناخ خاصة في الدول النامية.
وأشار وزير الزراعة إلى أهمية دعم منظومة التصنيع الزراعي لدورها الكبير في تحقيق الأمن الغذائي مع رفع القيمة المضافة للمنتجات الزراعية وتعزيز سلاسل الإمداد والتوريد وتحقيق قدر كبير من التوازن في الأسواق من ناحية المعروض أو الأسعار، مع تعظيم الناتج المحلي الإجمالي، وتقليل نسبة الفاقد في الإنتاج الزراعي، إضافة إلى التوسع في توفير فرص العمل، والمساهمة بقدر كبير في تخفيض الفجوة من العملات الأجنبية، وهو أمر يستوجب منا جميعًا الانطلاق نحو تعظيم هذه المنظومة، وتوطين الكثير من الصناعات الغذائية والتوسع فيها.