من كبائر الذنوب.. «الأزهر للفتوى» يوضح حكم التخلص من النفس

الانتحار قفزا
الانتحار قفزا
كتب : أهل مصر

قال مركز الأزهر للفتوى، إن طلب الراحة في الانتحار وهم، وهو من كبائر الذنوب، والمؤمن الحق يعلم حقيقة الابتلاء الذي قد يحمل الشر من وجه، ويحمل الخير من وجوه، وأن الدنيا دار اختبار ومكابدة، وأن الآخرة هي دار الجزاء والمستقر

حكم التخلص من النفس

وأضاف مركز الفتوى، أن الإسلام جعل حفظ النفس مقصدا من أولى وأعلى مقاصده حتى أباح للإنسان مواقعة المحرم في حال الاضطرار؛ ليبقي على حياته ويحفظها من الهلاك، وقد جاء الإسلام بذلك موافق للفطرة البشرية السوية، ومؤيدا لها.

وتابع المركز، كان من العجيب أن يخالف الإنسان فطرته، وينهي حياته بيده؛ ظنا منه أنه ينهي بذلك آلامه ومشكلاته، ولكن الحق على خلاف ذلك؛ لا سيما عند من آمن بالله واليوم الآخر، فالمؤمن يعلم أن الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار الخلود والمستقر، وأن الموت هو بداية الحياة الأبدية، لا نهايتها، وأن الآخرة دار حساب وجزاء، وأن الدنيا لا تعدو أن تكون دار اختبار وافتتان ومكابدة؛ قال سبحانه: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}، وقال عز: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم}، وهذا بلا شك يوضح دور الاعتقاد والإيمان في الصبر على الحياة الدنيا وبلاءاتها، وتجاوز تحدياتها.

الشدائد والابتلاءات سنة حياتية حتمية

وبين أن المؤمن يرى وجود الشدائد والابتلاءات سنة حياتية حتمية، لم يخل منها زمان، ولم يسلم منها عبد من عباد الله سبحانه؛ بيد أنها تكون بالخير تارة، وبالشر أخرى، بالعطاء أوقاتا، وبالحرمان أخرى، قال سبحانه: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}، ويعلم حقيقة الابتلاء الذي يحمل الشر من وجه، ويحمل الخير من وجوه؛ إذ لا وجود لشر محض، ويستطيع ذوو الألباب والبصائر أن يعددوا أوجه الخير في كل محنة، وصدق الحق إذ قال: {لا تحسبونه شرا لكم ۖ بل هو خير لكم}، وقال سبحانه: {وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فسنة الله سبحانه في الابتلاء أن جعله اختبار وتمحيص؛ ليظهر صدق إيمان المؤمنين وصبرهم وشكرهم، وليظهر الساخط عند البلاء، الجاحد عند النعماء؛ كي يتفاضل الناس ويتمايزون، ثم يوفى كل جزائه في دنياه وأخراه؛ قال سبحانه: { ولتبلونكم حتىٰ نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}.

طلب الراحة في الانتحار وهم

وأكمل فإذا علم العبد هذا هدأت نفسه، واطمأن قلبه، وعلم أن كل قدر الله له خير، إن هو آمن وصدق وصبر وأحسن؛ قال سيدنا رسول الله: «عجبا لأمر المؤمن أن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خير له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»، أما طلب الراحة في الانتحار فوهم، وهو كبيرة، ولا راحة في الموت لصاحب كبيرة، وليس بعد الموت توبة أو مستتب ، والتخلص من الحياة بإزهاق الروح التي هي ملك لله سبحانه جريمة لا مبرر لها على الإطلاق، قال الله تعالى: {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم...} واعتداء على خلق الله، واستعجال ما قدر.

لذلك توعد الله -سبحانه وتعالى- المنتحر بالعقاب الأليم، فقال تعالى: {ولا تقتلون أنفسكم إن الله كان بكم رحيم. ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا. إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما}.

وقال رسول الله: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرحا، فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتىٰ مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة»، كما عاقب النبي مرتكب هذا الجرم بعدم صلاته عليه، فعن جابر بن سمرة، قال: «أتي النبي برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يصل عليه».

وبيان حكم الانتحار المذكور لا يعارض النظر إليه كنتيجة لاضطراب نفسي قد يحتاج في بعض الحالات لمعالجة طبية متخصصة، أو لمعاملة أسرية ومجتمعية واعية، فالدين يدعم العلم ولا يناقضه، ويدعو الأسرة إلى تحمل مسئولياتها إزاء تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة إيمانية سوية وسطية، ويعتمد الحوار الهاديء البناء كإحدى أهم أدوات وأساليب العلاج...

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً