علمت 'أهل مصر' أن تحضيرات زيت الميرون داخل دير وادي النطرون إستغرق قرابة ثلاث أيام هو السبب وراء عقد المجمع المقدس إجتماعاته أثناء صوم القيامة هذا العام، حيث إعتادت الكنيسة القبطية إقامته عقب عيد العنصرة والصوم الكبير بما يقرب من 50 يوما، وذلك كي لا ينشغل الأساقفة بأعمال تحضيرات زيت الميرون عن محاورات إدارية ودينية داخل المجمع.
كما نما إلى علم 'اهل مصر' أن المرة الختامية التي تهيأ فيها الأساقفة والرهبان لترتيبات عمل الميرون كانت قبل ثلاث سنوات حيث تم عمله بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون على مدار يومين وذلك للمرة الأربعين في تاريخ الكنيسة القبطية والثالثة في عهد قداسة البابا تواضروس الثاني، بينما هذا العام تكون المرة الرابعة التي يجرى فيها عمله أثناء رئاسة البابا تواضروس للكنيسة، والـ41 في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
الباحث القبطي كمال زاخر يقول ان الكنيسة القبطية إعتادت عقد المجمع المقدس مرة واحدة فى السنة فى عيد حلول الروح القدس على التلاميذ، وهم مجتمعون معاً آنذاك، والذى يقع بعد عيد القيامة بخمسين يوماً، وهو امر قديم جدا في الكنيسة يرجع الى الكنيسة الأولى، وجاء أول ذكر له فى سفر اعمال الرسل اصحاح ١٥ حين اجتمع التلاميذ فى اورشليم لبحث قضية التهود لمن ينضم للكنيسة من الأمم غير اليهود وانتهى الى رفض هذا الأمر.
واختيار هذا اليوم لأنه يوافق ذلك الذي تأسست فيه الكنيسة الأولى، ويتناول الاجتماع القضايا الادارية والتنظيمية وما يشغل الكنيسة من قضايا أو أزمات او مشاكل أو احتياجات فى شئونها، ويمكن الدعوة لاجتماع غير عادى حال وجود ازمة طارئة، وجدول الأعمال تضعه سكرتارية المجمع ويعرض على البابا ليضيف اليه ما يراه يتطلب المناقشة، وتوجب التنويه أن لكل كنيسة مجمعها ويسمى سنودس، وفقا لـ'زاخر'.
لائحة المجمع المقدس
أما الباحث القبطي عماد موريس يقول أنه بحسب المادة 38 من لائحة المجمع المقدس ينعقد في موعدين ثابتين كل عام المرة الاولى في جلسة رسمية قبل عيد العنصرة والذي يأتى بعد عيد القيامة المجيد بخمسون يوماً، والمرة الثانية في سيمنار بحثي دراسي فى شهر نوفمبر، كما يمكن أن ينعقد المجمع المقدس في أية ظروف طارئة لسبب هام دون التقيد بموعد معين، على أن يتم اخطار جميع أعضاء المجمع المقدس الموجودين داخل القطر المصري، وذلك قبل اجتماع المجمع بموعد مناسب حتى تتاح الفرصة لحضوره، وأيضاً يمكن دعوة المجمع المقدس للانعقاد بناءاعلى طلب أكثر من نصف الأعضاء.
عيد العنصرة
وينعقد المجمع المقدس في جلسة رسمية في عيد العنصرة الذي يعد عيد ميلاد الكنيسة القطية الأرثوذكسية، و في تقليد الكنيسة القبطية الارثوذكسية يعتبر الاباء الاساقفة هم امتداد لعمل الاباء الرسل لذلك ينعقد المجمع المقدس في عيد العنصرة كامتداد لعمل الاباء الرسل في الاباء الاساقفة، وفي تاريخ الكنيسة ككل والكنيسة القبطية الارثوذكسية خاصة يخبرنا بتعدد و تكرار مرات انعقاد المجامع لمناقشة بعض الأمور الكنسية سواء العقيدي منها أو الإداري، وهو أيضا ما تم اثباته عن طريق قوانين المجامع المختلفة علي مر العصور وخلال 20 قرنا وصولا لعصرنا الحالي .
عماد موريس
العصر الرسولي
ويضيف موريس أن الكنيسة المسيحية منذ العصر الرسولي اتخذت أسلوب إنعقاد المجامع وتحدد من خلالها احتياجتها الملحة و وسيلة عمل لحسم المشكلات الايمانية والكنسية و كان باكورة هذا العمل إجتماع الاباء الرسل في اورشليم و هو ما يسمى 'مجمع اورشليم' الذي انعقد سنة 50 أو 51 ميلاديا و ذلك لبحث امور تتعلق بالايمان المسيحي و أصبح هذا العمل المجمعي أسلوباً سارت عليه الكنيسة لمواجهة كل متطلباتها العامة في كل عصورها و كان له نتائج فعالة، وبحسب لائحة المجمع المقدس مادة 29 توجد حوالى عشرة لجان تقوم كل لجنة بأعداد التوصيات و التقارير الخاصة بها و تقديم نسخة منها الى البطريك و نسخة الى سكرتارية المجمع المقدس لتحتفظ بها.
المجمع المقدس
وبناء على ما سبق نجد أن المجمع المقدس هو المسؤول الأعلى عن الإيمان والعقيدة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وله أن يفسر قواعد الإيمان، واللائحة الأساسية للمجمع المقدس ثابتة والمجمع بهذه الصفة له السلطة أن يراجع أية كتب صدرت في التعليم الكنسي ويحكم بما يراه، وأيضا المجمع المقدس هو المرجع الأول في طقوس الكنيسة، وهو السلطة العليا التشريعية في الكنيسة، وله أن يسن قوانينها بما يتفق والاحتياجات الجديدة، وأن يصدر لوائح داخلية خاصة بسيامات كل درجة من درجات الكهنوت، وأيضا بالأعمال الكنسية المتنوعة، حينما تقتضي الضرورة، وله أن يخفف عقوبات كنسية، وأن يضع لائحة للمحاكمات والعقوبات.
ويؤكد الباحث القبطي أن المجمع المقدس هو السلطة القضائية العليا في الكنيسة وله أن يحكم على صاحب أية درجة من درجات الكهنوت وكذلك على أي علماني يقدم بتهمه تمس الكنيسة أو تعاليمها، ويمكن أن تستأنف إلى المجمع أية أحكام كنسية صدرت ضد كاهن أو أحد أفراد الشعب، ويختص المجمع المقدس بتقنين العلاقات مع الكنائس الأخرى، في ضوء إيمان الكنيسة وتعليم آبائها، وبحسب المادة 34 من لائحة المجمع المقدس للكنيسة القبطية الارثوذكسية تقوم اللجان المختلفة بتقديم موضوعات للمناقشة و تكون مجرد مشروعات أو توصيات أو دراسات، لا يعتبر شئ منها قرارا نهائيا إلا بعد عرضه على المجمع المقدس وموافقة المجمع عليه، ويجتمع المجمع برئاسة البابا البطريرك ولا يجوز أن يجتمع بغير رئاسته في حياته، إلا انه يستثني هذا الشرط في الحالتين المذكورين بالمادة 16، 17 من لائحة المجمع المقدس الصادرة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حيث ترسل دعوة انعقاد المجمع إلى أعضاء المجمع المقدس بتوقع قداسة البابا، ويرسل مع الدعوة إلى الاجتماع جدول اعمال الجلسة مع ما يلزم من أوراق و وثائق، ولجان المجمع هي الرعاية والخدمة، شئون الإيبارشيات، شئون الرهبنة و الاديرة، الأسرة، الإيمان و التعليم، الطقوس، العلاقات العامة، الإعلام و المعلومات، العلاقات المسكونية، شئون المهجر، كما يحق للمجمع أن يستحدث ما يلزم من لجان رئيسية أو فرعية حسب الحاجة، وهو المسؤول عن الأمور العامة في الكنيسة، وأيضا هو الذي يمثلها أمام الدولة وأمام الكنائس الأخرى وكل الهيئات الرسمية والدينية، لافتا إلى أن كل كنيسة لها مجمعها الخاص بها الذي يدير شؤونها مع اختلاف الاسماء ، ويوجد مجامع خاصة بكنائس مختلف الطوائف لاسيما الكنيسة القبطية الأرثوذكسي مثل سنودس النيل الخاصة بالطائفة البروتستانتية بمصر.