اعلان

محمود محيي الدين: الاقتراض لم يعد ممكنا وعلى الجميع تدبير الأمور من الداخل

محمود محي الدين
محمود محي الدين
كتب : أهل مصر

حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030، الدكتور محمود محيي الدين، من أن العالم يواجه أزمة سياسية واقتصادية كبيرة، مرجحًا تفاقم الوضع في ظل غياب قيادات قادرة على حل الأزمات، وتصاعد الصراعات والحروب غير العادلة التي تضر بالدول النامية.

نهاية النظام الاقتصادي العالمي

وأشار محي الدين، في تصريحات تلفزيونية، إلى أن العالم يمر بفترة عصيبة تنذر بنهاية النظام الاقتصادي العالمي، الذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية، معربًا عن أمله في أن تكون دول المنطقة أكثر سلامًا في المستقبل.

وأكد أن النظام الاقتصادي العالمي مرتبط بالترتيبات السياسية، وأن العالم الحالي يشهد تغيرًا كبيرًا، حيث أصبحت العديد من الدول النامية، مثل الصين والهند، في مقدمة الركب الاقتصادي.

نزع فتيل الأزمات

وقال إن العالم مهدد بالاستقطاب الحاد مع عدم التعاون القائم بين الدول، وفي هذه الحالة سيكون الصراع والمواجهة بديل التعاون الدولي، وقال: 'نشهد فترة بائسة اقتصاديًا وتعيسة سياسيًا، وتنذر بما هو أسوأ في ظل غياب القيادات الواعية التي تستطيع نزع فتيل الأزمات، ومنع الدخول في مزيد من الصراعات'.

وأضاف: 'كان من الممكن تفادي الحرب في أوكرانيا بمزيد من الحكمة والمرونة، فضلًا عن الحرب التعيسة في غزة التي لها تداعيات على المحيط الإقليمي'، لافتًا إلى أن العالم في انتظار نظام عالمي جديد.

صعود قوى اقتصادية

وأوضح أن الأوضاع الحالية تظهر نهايات للنظام الاقتصادي العالمي الموروث منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن الدول النامية تتطلع إلى نظام جديد أكثر عدلًا وسلامًا من ذي قبل، مضيفًا أن النظام الاقتصادي الحالي لم يعد ملبيًا لطموحات 'العالم الجديد'، فهو نظام قائم على إرث تاريخي كانت فيه أغلب البلدان النامية ودول العالم الجنوبية إما محتلة أو مغيبة التصويت أو تحت الانتداب، متجاهلا التغيرات الكبيرة التي طرأت على خارطة الاقتصاد العالمي، وصعود قوى اقتصادية جديدة مثل الصين والهند وفيتنام وكوريا.

أزمة التغيرات المناخية

من ناحية أخرى، قال 'محي الدين' إن دول مجموعة الـ20 مسؤولة عن 80% من أزمة التغيرات المناخية، وحل هذه الأزمة يجب أن يكون من خلال هذه الدول في المقام الأول.

وتابع أن معدل النمو الاقتصاد العالمي المتوقع يتراوح ما بين 2.5 لـ2.7%، وهذا الرقم لا يواكب معدل التنمية المستدامة المطلوب، كما أنه من الضروري أن يتضاعف 3 مرات على الأقل، في الدول النامية.

الهجرة غير الشرعية

وتابع أن إعاقة التجارة والاستثمار، قد يؤدي إلى مكاسب من قبل الدول التي تفرض هذه الإعاقات والعقوبات، ولكن مع مرور الوقت ستنفذ الدول التي تتعرض لهذه العقوبات أو الإعاقات الاقتصادية، إجراءات مماثلة مع هذه الدول، خلاف أن الإجراءات الاقتصادية السلبية تزيد من الهجرة غير الشرعية التي لا يمكن منعها بأي إجراء.

تقارير البنك الدولي

وأكد أن العالم الآن يحتاج إلى 'ملائكة لا شياطين'؛ للخروج من الأزمات الراهنة، وأشار إلى أن آخر تقارير البنك الدولي الصادرة منذ أيام حول آفاق الاقتصاد العالمي حذرت من أزمة كبرى تواجّه العالم لا تقتصر على الديون فقط؛ بل أيضًا التغيرات المناخية والتحول الرقمي وتحديات الذكاء الاصطناعي.

أهداف التنمية المستدامة

ونوه إلى أن أقل من 5 سنوات أصبحت تفصل العالم عن موعد تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن 15% فقط من هذه الأهداف تسير في سبيلها نحو التحقيق، في حين أن أكثر من 55% منها 'انحرف' بشكل كبير أو محدود عن جدية مسار تحقيق هذه الأهداف.

مكافحة الفقر

ولفت إلى أن أكثر من 35% من أهداف التنمية المستدامة أصبحت في وضع أسوأ مما كانت عليه عند نقطة البداية عام 2015، ولا سيما ما يتعلق بمكافحة الفقر وتراجع تمويل التعليم والرعاية الصحية، فضلًا عن تراجع الكبير بمؤشرات العدالة في توزيع الدخل والثروة، مشيرًا إلى أن ترجمة كل ذلك على حياة الناس، معناه أنهم سيكونوا أكثر فقرًا مما مضى وأقل تعليمًا.

نهج التمويل والاعتماد على الاقتراض

وشدد على ضرورة الاعتماد على التمويل المحلي، قائلًا: 'نهج التمويل والاعتماد على الاقتراض الخارجي الرخيص؛ لم يعد كما كان ممكنًا، وعليك تدبير الأمور من الداخل بأفضل طريقة ممكنة'.

وأكد أن الاهتمام بالاستثمار لا يمكن أن يتم دون توافر المدخرات، مستشهدا بحديث الاقتصادي المصري والدولي البارز الراحل إسماعيل صبري عبد الله «أتعجب من الاهتمام بالاستثمار في مصر دون اهتمام بالادخار، وهو الممول الرئيسي للاستثمار».

وأوضح أن الاستثمار يمكن أن يأتي عبر الاستثمار الأجنبي المباشر، مستشهدًا بـ «مصنع سامسونج» الذي نجحت مصر في استقطابه منذ سنوات عام 2007، قائلا إنه رغم تواضع رأس المال في بداية المشروع، إلا أنه جاء بمعرفة وتوطين لتكنولوجيا جديدة في مصر، وحول منطقة بني سويف إلى منطقة صناعية، فضلا عن تغطيته للاحتياجات المحلية.

الاستثمار عبر القروض أو الاستدانة

وأشار محيي الدين إلى وجود شكل آخر من الاستثمار عبر الاستدانة، قائلا: «الشكل الثاني من الاستثمار عبر القروض أو الاستدانة، أنت في وقت معين استسهلت وقولت أنا استلف بـ 3 أو 4% بدل ما المستثمر يحول 10 أو 20%، لكن هناك نقطة هامة وهي أن المستثمر متخصص ومسلح بالتكنولوجيا والمعرفة، لو منحك نفس المبلغ أو أكثر فلن تستطيع أن تقدم ما سيقدمه المتخصص».

الاقتراض الخارجي

وحذر من الاعتماد بشكل كبير على الاستدانة الخارجية، قائلا:« فيما يخص الاقتراض الخارجي، لدي كلمة أقولها دائما: اعتاد الناس واستسهلوا الاقتراض فإذا أرادت دولة التنمية اقترضت، وإذا أرادت التصدي للتغيرات المناخية اقترضت، وإذا أرادت سداد الديون السابقة اقترضت، ودخلت بهذا الشكل في فخ لابد أن تكسر به الاستدانة، وتبدأ في توطين التنمية وتعبئة الموارد المحلية والاهتمام بالادخار بشكل أفضل».

وشدد أن «قدرة الدولة على الاقتراض يجب أن تكون مرتبطة بالأساس بالقدرة على السداد»، متابعا:« نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا أعول عليها كثيرًا، بقول لأهل بلادنا لو سمحت أنظر بعين الاعتبار الكبرى لخدمة الدين إلى مواردك من التصدير».

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً