في مشهد يتكرر بلا نهاية، شهدت محافظة قنا صباح اليوم مأساة جديدة بعدما غرقت 'معدية' تقل مواطنين وماشية، لتعيد إلى الواجهة من جديد ملف 'معديات الموت' المنتشرة في قرى وكفور مصر، والتي لا تزال خارج حسابات كثير من المسؤولين رغم خطورتها المتزايدة.
غرق سيارة ربع نقل في نهر النيل بقنا
وفي هذا السياق، تقدم الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وخبير شؤون البلديات الدولية، بخالص العزاء لأسر الضحايا، محملًا 27 محافظًا – ومن يتبعهم من رؤساء المراكز والمدن والأحياء والوحدات القروية – المسؤولية المباشرة عن الحادث، وعن عشرات المعديات غير المرخصة التي تعبر نهر النيل وترعه وفروعه دون أدنى شروط السلامة أو الإشراف.
وأوضح «عرفة» في تصريحات خاصة لـ «أهل مصر»، أن المادة 26 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 تنص صراحة على أن المحافظ هو الممثل التنفيذي للدولة داخل المحافظة، ومسؤول عن الأمن ومرافق الخدمات، ما يضع على عاتقه واجب الإشراف المباشر على حركة المراكب والمعديات، والمرسى النهري، وإزالة التعديات، ومراجعة تراخيص قائدي المعديات والمراكب، بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية والشرطية، وفي مقدمتها شرطة المسطحات المائية.
غرق سيارة ربع نقل في نهر النيل بقنا
وأضاف أن 70% من قائدي المعديات، خاصة في الترع والقرى، لا يحملون رخص قيادة، وأن نحو 45% من المعديات العاملة حاليًا غير مرخصة، مشيرًا إلى أن 'تذكرة الموت' في هذه المعديات تتراوح بين جنيه و5 جنيهات، بينما تستغرق الرحلة بين 30 ثانية و8 دقائق فقط، يحمل خلالها المركب في المتوسط 8 أشخاص في كل مرة.
وقال «عرفة» إن هناك العديد من المراسي النهرية والمعديات تم إنشاؤها بشكل عشوائي وبدون مواصفات أمان أو إنارة ليلية، وهو ما يفاقم من خطرها، محملًا رؤساء المدن والمراكز مسؤولية المتابعة اليومية لهذه النقاط، تحت رقابة وإشراف المحافظين أنفسهم.
وكشف الخبير المحلي أن الحكومة كانت قد وافقت سابقًا على مقترح لوزارة النقل بإنشاء كباري خرسانية كبديل آمن للمعديات في القرى التي يزيد عدد سكانها على 10 آلاف نسمة، إلا أن الخطة لم تُنفذ حتى الآن، رغم مرور سنوات على طرحها.
واختتم «عرفة» بمطالبة عاجلة لكل محافظ بمراجعة رخص المعديات وقائديها وتحديد مساراتها وأوقات عملها وسرعتها والحمولات المسموح بها، حرصًا على سلامة المواطنين، مؤكدًا أن 'معديات الموت' تمثل جريمة إدارية مستمرة بحق سكان القرى المهمشين الذين يدفعون الثمن من أرواحهم يومًا بعد يوم.