تشهد محافظة السويداء السورية لليوم الرابع على التوالي مواجهات عنيفة بين قوات الجيش السوري والأمن الداخلي من جهة، ومجموعات مسلحة وصفتها السلطات بـ "الخارجة عن القانون" من جهة أخرى. هذا التصعيد يأتي في ظل تفاقم العدوان الإسرائيلي على المنطقة، ما ينذر بتدهور الأوضاع بشكل أكبر في الجنوب السوري.
بداية التصعيد والتدخل الحكومي
بدأت الأحداث المتصاعدة يوم الأحد الماضي بدخول قوات من الجيش والأمن الداخلي إلى السويداء. كان الهدف المعلن لهذه القوات بسط سيطرة الدولة وإنهاء اشتباكات "عنيفة" كانت قد اندلعت بين فصائل محلية وعشائر بدوية. تعيش المحافظة حالة من الفراغ الأمني منذ سقوط النظام السابق في ديسمبر 2024. في البداية، قوبل هذا التحرك ببعض الترحيب من قبل فعاليات شعبية ودينية، أبرزها "الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز"، التي دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار لحماية المدنيين.
تحول الموقف وتدخل إسرائيل
لكن سرعان ما تبدل الموقف، خاصة بعد تصريحات شيخ العقل، حكمت الهجري، الذي زعم أن بيان الترحيب صدر تحت ضغط حكومي. دعا الهجري إلى "مقاومة" وجود الجيش وقوات الأمن، رغم إعلان وزير الدفاع مرهف أبو قصرة عن وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب للقوات، التزامًا باتفاق مع وجهاء المنطقة.
وفي تطور مفاجئ، دخلت إسرائيل على خط الأزمة بشن غارات جوية استهدفت مواقع وآليات للجيش السوري والأمن الداخلي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. تلا ذلك تجدد الاشتباكات داخل مدينة السويداء وعلى أطرافها. وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، شنت إسرائيل غارة جديدة استهدفت مبنى رئاسة هيئة الأركان في العاصمة دمشق. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، صرح بأن هذه الغارة "رسالة موجهة للشرع بشأن أحداث السويداء"، مؤكدًا أن إسرائيل "تتابع الأوضاع في الجنوب السوري، خاصة في المناطق التي يقطنها أبناء الطائفة الدرزية".
تهديدات إسرائيلية واضحة
التهديدات الإسرائيلية لم تتوقف. وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، دعا الحكومة السورية إلى "ترك الدروز وشأنهم" وسحب قواتها من السويداء. وأكد كاتس أن "إسرائيل لن تتخلى عن الدروز في سوريا، وستنفذ سياسة نزع السلاح التي قررناها"، مهددًا بمواصلة مهاجمة القوات السورية إذا لم يتم استيعاب الرسالة.
قلق دولي وعربي
أثار التصعيد الأخير قلقًا عربيًا ودوليًا واسعًا. الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أعرب عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العنف، داعيًا إلى احترام سيادة سوريا ووقف التدخل الإسرائيلي.
إن الوضع في السويداء يمثل تحديًا معقدًا، حيث تتداخل فيه الصراعات الداخلية مع التدخلات الخارجية، مما يهدد بتعميق الأزمة الإنسانية والأمنية في المنطقة. هل تعتقد أن التدخلات الإسرائيلية ستزيد من زعزعة الاستقرار في الجنوب السوري، أم أنها قد تخدم مصالح أطراف معينة؟