أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية، أن ما يحدث في إدارة العملية الانتخابية يكشف بوضوح فقدان الهيئة الوطنية للانتخابات لاستقلالها، مشيرًا إلى أنه لو كان هناك قدر من الشعور بالمسؤولية لكانت الهيئة تتقدم باستقالتها فورًا. ويرى أن الوقائع التي تتكشف تباعًا تُظهر هيئة “هزيلة وخاضعة للتوجيه”، وأنها تشارك، سواء بالفعل أو بالصمت، في إفساد العملية الانتخابية، من خلال وضع أسماء بعينها على رأس القوائم، أو غضّ الطرف عن رشاوى بيع المقاعد، أو تمرير ما يشبه توريثًا للمقاعد الاحتياطية، أو السماح بانتقال المرشحين بين الدوائر بطريقة تفتقر إلى أي معيار مهني أو قانوني. ويضيف أن تعمد استبعاد عدد من مرشحي المعارضة يأتي في الإطار ذاته، بما يعمّق الشكوك حول نزاهة المشهد الانتخابي برمته.
وقال ربيع إن هذه الممارسات تجعل الهيئة “كارثية بكل المقاييس”، وأنها تسيء إلى صورة الدولة عبر تنظيم انتخابات تُحسم نصف مقاعدها تقريبًا بالتزكية، وهو ما يعد تفريغًا للعملية السياسية من مضمونها وتقديمًا لمشهد انتخابي شكلي لا يعبر عن إرادة حقيقية للناخبين. ويشير إلى أن المسار الحالي يعكس رغبة في تمرير الأمر كما هو، وبأسلوب يجعل الصورة تبدو منضبطة ظاهريًا بينما يجري تمييع جوهر العملية وإفراغها من معناها.
ويرى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات أن الهيئة تستجيب الآن لتوجيهات رئيس الجمهورية عبر البحث عن صيغة “متوازنة” في الإخراج، من خلال إعادة الانتخابات في عدد محدود من الدوائر — ربما بضع دوائر فقط من بين السبعين التي شهدت مخالفات واضحة — وذلك بهدف تقديم انطباع بأن هناك استجابة للتوجيهات الرئاسية. لكنه يؤكد أن الهيئة ستسعى في النهاية إلى تمرير ما تراه مناسبًا مع إجراء تعديلات شكلية محدودة، بحيث تستمر العملية الانتخابية ضمن الإطار الذي جرى ترتيبه مسبقًا، مشيرًا إلى أن القرار النهائي سيعكس “معالجة شكلية” أكثر منه معالجة جوهرية للمشكلات الحقيقية التي شابت مسار الانتخابات