قبل نقلها إلى ميدان التحرير .. تعرف على سر تقديس المصري القديم للكباش

الدكتورة ماجدة عبدالله
الدكتورة ماجدة عبدالله

بدأت الحكومة المصرية، في تطوير ميدان التحرير بوسط القاهرة، حيث تعمل على زراعة النخيل وأشجار الزيتون في محيط الميدان، وإزالة اللافتات التي تحجب واجهات العمارات ذات الطراز العمرانى، وكانت وزارة الآثار قد أعلنت عن تجهيز مسلة ونقل أربع كباش من معبد الكرنك، إلى ميدان التحرير لتزيينه وإضافة لمسة جمالية ذات طابع حضاري له.

وفي هذا الإطار تستعرض "أهل مصر" تاريخ الكباش وسرها عند المصريين القدماء، وكيف قدسوها وجعلوا منها حيوانات مقدسة عند الآلهة في العصور القديمة.

وقالت الدكتورة ماجدة عبدالله، أستاذ تاريخ وأثار مصر ورئيس  قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ، إن المصري القديم عرف نوعين من الكباش، وكان يشتهي أكل لحومها وبخاصة أفخاذها ولكن لم يقدم الضأن  كقرابين للموتى أو للآلهة وربما كان ينظر له بأنه طعام محرم عليهم ، ولكن أستخدمها فى تحقيق أغراضه فى مجال الزراعة ، كما قدس شكلها فى كثير من الأحيان باعتبارها حيوانات مقدسة لعدد من الآلهة في مصر القديمة  ولقد عثر على أول خروف محنط منذ عصر الأسرة الأولى باعتباره حيوان مقدس منذ عصر ما قبل التأريخ. 

وأشارت عبدالله، إلى أن المصري القديم عرف الكبش تحت مسمى " با" أو " خنوم " وربما المسمى الأخير المقابل له بالسامية كلمة " غنم" وجمعها أغنام ، وصور المصري القديم على آثاره نوعين من الكباش أحدهما كبير الحجم وله ذيل طويل وله قرون ملتوية بارزة بشكل الفققي على جانبي الرأس واسمه العلمي Ovis Longipes Paleoaegyptiaca واختفى هذا النوع فى الألف سنه الثانية ق.م ، وفى نفس التوقيت يتزامن معه وجود نوع ثانى من الكباش أصغر فى الحجم ذو ذيل قصير ومقوس الجبهة وسمين وذكوره لها قرون ملتوية حول الأذنين وهو مشابه لما نعرفه الأن وأسمه العلمي Ovis Platyra aegyptiaca ، وكانت قطعانه كبيرة وكان المصرى القديم حريص على جلب تلك النوعية لتربيتها فى مصر بعد كل حملة عسكرية على البلدان المجاورة وبخاصة من ليبيا أو بلاد الشام.

واستخدم الفلاح المصري القديم الأغنام كعنصر مساعد له فى عملية بذر الحبوب بالأرض بعد الفيضان فكان يمرر قطعان من الماشية على البذور لكي تدوس بأقدامها البذور وتغرزها تحت التربة الخصبة وتخفيها عن أعين الطيور فلا تلتقطها قبل الإنبات ويعتقد أنه كان يستخدمها بالأقران لفصل القشور عن الحبوب.

ولم يستغل المصرى القديم أصواف الأغنام  فى صنع الملابس، ربما لدفء المناخ بمصر فكان يرتدي بشكل دائم ملابس كتانية بيضاء اللون وبدءاً من القرن الخامس ق.م، بدأ الأجانب في مصر يرتدون الأصواف ولكن تجاهل هذا الكهنة المصريين باعتبار أن الصوف مادة نجسة، وفى نفس الوقت استفاد المصرى القديم من جلود الأغنام فى صنع بعض أدواته أو قرب حفظ المياه أو العوامات الهوائية لاستخدامها في السباحة أو في الوسائد وأغطية للمقعد للجلوس أو صنع جعبة النبال أو أجزاء من العربة الحربية أو سيور الخيول وجرابات للأسلحة.

أما الكباش المقدسة من نوع Paleoaegyptiaca فكانت للآلهة حريشف منطقة هراقليوبوليس ، وكبش منديس ، وكبش خنوم ذو القرنين الأفقين البارزين على جانبي رأسه وهو معبود منطقة الفنتين بالجنوب والمتحكم فى مياه الفيضان وهو مصور البشر على عجلة الفخار وتصوير القرين الخاص بكل صورة بشرية كما صور فى معبد الدير البحرى الخاص بالملكة حتشبسوت عندما صورها هى وقرينها بعد ولاتها.

 واعتقد المصري القديم، أن للكبش قوة كامنة تساعد على تكاثر الأحياء وبه قوة جسدية أو قوة خارقة ولذلك أظهر القرون على بعض تيجان الملوك لمنحهم القوة وإدخال الفزع منهم فى قلوب الأعداء، وصور تلك الكباش تعبر عن البطولة أيضاً ، أما الكبش الأخر وهو السمين ذو القرون الملتوية حول الأذنين من نوع Ovis Platyra فهو رمز مقدس للمعبود آمون "الإله الخفى "  معبود منطقة واست" طيبة وهى الأقصر حالياً  وحامى الأمبراطورية المصرية والتى تمتد من منابع النيل جنوباً وحتى أعالي نهري دجلة والفرات مروراً ببلاد الشام فى عصر الأسرة الثامنة عشرة والدولة الحديثة وزينت صورة الكبش الخاص بالمعبود آمون طريق الكباش ومقاصير ومحاريب هذا المعبود بمعبدي الكرنك والأقصر كما عرفه الإغريق على هذة الصورة فى معبد الوحى الشهير بواحة سيوة وهو التمثال الذي توجه له الإسكندر الأكبر داخل قدس أقداس معبدة بسيوة لأستنباؤه  فى عدة أمور خاصة به .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً