توجد العديد من القرى في مصر لا يعلم الكثير من المصريين أهميتها، مثل قرية أبو صير بنا، القريبة من سمنود، والتي كان يشد إليها المصريين الرحال من كافة أرجاء مصر، وستكشف السطور القادمة عن أهمية أبو صير بنا في الحضارة المصرية القديمة.
أصل أبو صير بنا
وكشف عبد الحليم نور الدين، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للآثار وعالم المصريات، أنه تقع جنوب غرب 'سمنود' بحوالي ستة كيلومترات، وكانت تعرف في النصوص المصرية القديمة باسم ( بو - أوزير)، أي: 'مقر أوزير' ثم أصبحت ' بوزيريس' في اليونانية، ثم أضيف إليها حرف 'الألف' في العربية لتصبح 'أبو صير'.
أبو صير بنا
محج المصريين
وكانت 'أبو صير' عاصمة الإقليم التاسع من أقاليم مصر السفلى، وهي موطن الإله 'أوزير'، وتعتبر من أهم المزارات التي كانت تحج إليها مومياوات المصريين القدماء، كما كانت مكاناً مقدسا يؤمه الناس للزيارات الدينية، واشتهرت كذلك ببعض الشعائر الدينية التي تجري فيها، مثل شعيرة 'عزق الأرض'، والتي نشأت فكرتها في هذا المكان، ثم انتقلت إلى 'ابيدوس'.
ارتبطت هذه الشعيرة التي تمثل إحدى شعائر تأسيس المعبد بالأله 'أوزير' ارتباطا خاصا اكتسب معه معني أخر، وهو دفن جسد الإله 'أوزير' ( رمز الخصوبة في الأرض) لكي تبعث فيه الحياة من جديد، مثله مثل الحبة التي توضع في الأرض بعد عزقها، وتغطي بالتربة، فتظل كامنة إلى أن تنبت وتدب فيها الحياة، أي أن الشعيرة في مجملها ترمز إلى بعث الحياة من الموت.
زيارة هيرودوت
وتعتبر إشارة موجزة إلى الطقوس الدينية الخاصة بالإله 'أوزير' والتي يحتفل بها كل عام في الفترة من ١٢- ٣٠ من شهر كيهك، ولقد زار 'هيرودوت' هذه المنطقة، وتحدث عن معبد الإله 'أوزير' وذكر أنه يوجد معبد أخر للآلهة 'إيزيس'.
أبو صير بنا
مقر الأمراء الليبيين
لا توجد معلومات كافية عن تاريخ هذه المنطقة، إلا أنها كانت مقرا لإقامة الأمراء الليبيين منذ الأسرة الثانية والعشرين، وحتي الخامسة والعشرين
التدمير على يد الرومان.
وتعرضت هذه المنطقة للدمار بعد عام ٢٩٣م، بسب غضب الحكام الرومان عليها لتمردها عليهم، فحطموها لدرجة أنه لم يبق منها إلا بعض أطلال لمعبد أسسه الملك الفارسي 'دارا الأول'.
أبو صير بنا
الكشوف الأثرية
وأجرت هيئة الآثار حفائر في المنطقة عامي ١٩٦٤، ١٩٦٥، وأسفرت عن اكتشاف بعض الآثار، أهمها جزء من تمثال الملك 'بسماتيك الأإول' ( واح ايب رع) من الأسرة السادسة والعشرين، وجزء من تمثال له (موجود الأن بالمتحف المصري)، كما عثر على مكاشط من القاشاني، وبعض الأواني من المرمر والفخار.