الشهيد الذي أعلنت محافظة قنا الحداد عليه عدة أيام، حزنًا على فراقه، الشهيد الذي تحولت وجوه أصدقائه عابسة وأعينهم لا تجف من الدموع بعد فقدانه، الشهيد الذي كان حبيبًا ومحبًا للجميع، اشتهر بالطيبة والجدعنة، والإبتسامة التي كانت لا تفارق وجه، الذي كانت طموحاته أكبر من أحلامه، فهو الطبيب الوحيد على مستوى محافظة قنا الذي تعلم الشبكية وكيفية علاجها تخفيفًا من العبء على أبناء بلده.
هو الشهيد الدكتور بهاء الدين أحمد، ابن مركز قوص، والذي وُلد وعاش في مدينة قنا، خريج طب القصر العيني، استشاري طب وجراحة العيون، افتتح عيادات خاصة في أكثر من مركز في المحافظة، كان أخصائي الرمد بمستشفى دار العيون في قنا والأقصر، هو الزوج والأب لطفلين الأصغره عمره 3 أعوام، هو الشهيد الثالث من الجيش الأبيض بقنا، بعد أن وافته المنية متأثرًا بفيروس كورونا منذ أيام.
حزن ودموع بعد وفاة الدكتور بهاء متأثرًا بكورونا
بعد وفاته ازدحمت صفحات السوشيال ميديا بالمنشورات حزنًا على فراقه، كل منهم يستذكر كل مواقفه معه التي تدل جميعها على الخير المتبادل بينه وبين المرضى، حيث كان يتعامل مع مرضاه كأصدقاء له، وصفه البعض ب 'الطبيب الإنسان' من كثرة أعماله الخيرية، لذلك تطرقت 'أهل مصر' لمعرفة ماذا كانت حياة شهيد الجيش الأبيض قبل وفاته ليحبه شعب محافظة بأكملها ويحزنو عليه.
الدكتور بهاء شهيد الجيش الأبيض في قنا أثناء إصابته بكورونا
الدكتور بهاء شهيد الجيش الأبيض يساعد أحد مرضاه في قنا
التقت 'أهل مصر' بالدكتور أيمن عماد أخصائي طب وجراحة العيون، داخل عياته الخاصة بمدينة قنا، كأحد الأصدقاء المقربين لشهيد الجيش الأبيض الدكتور بهاء الدين، بعد وفاته بفيروس كورونا لنشر معاناته ورحلته مع الوباء.
الدكتور أيمن عماد رفيق شهيد الجيش الأبيض في قنا
رفيقه يحكي 10 أعوام لم أرى بهاء متعصب
بدأ الدكتور أيمن حديثه عن رفيق دربه، بأنهما أصدقاء منذ 10 أعوام لم يراه يومًا متعصبًا خلال تلك السنين، كان بشوش الوجه، يقابل جميع المرضى والمواقف الصعبة بالإبتسامة، لم يمل يومًا عن مساعدة غيره، مبينًا أن الدكتور بهاء الدين، كان يفتتح مقر عيادة له في معظم المراكز البعيدة، حتى لا يعاني مرضاه من بعد المسافة وصولًا إليه في مدينة قنا، وذلك لكثرة الإقبال عليه وعلى عيادته لاجتهاده في مهنته وممارستها بالشكل الصحيح الذي يرضي ضميره.
استشاري الرمد مع أصدقائه أثناء العمل
عانى الدكتور أيمن بعد وفاة رفيقه، لأنه كان ونيسه الاول وسنده في كافة تفاصيل حياته، لم يستوعب حتى الأن فراقه، فكان خلال فترة إصابته لم يتأخر يومًا عن السؤال عليه، والذي أوجعه كثيرًا أن آخر رسالة له توفى قبل أن يراها.
آخر رسالة بين الفريقين قبل وفاة الدكتور بهاء يوم وفاته
أسرار ونجاحات كانت في حياة شهيد الجيش الأبيض
وكشف الدكتور أيمن عن بعض نجاحات رفيقه شهيد الجيش الأبيض، بأن كان طموحاته أكبر من أحلامه، حيث كان الطبيب الوحيد على مستوى محافظة قنا الذي تعلم كل ما يخص أمراض شبكية العيون، لأنه تخصص صعب للغاية وقليلين الذين يجتازونه على مستوى الجمهورية، فكان يسافر يومين في الأسبوع للقاهرة للتعلم على أيدي متخصصين، وكانت بتكلفة مالية ضخمة، وذلك حتى يفيد أبناء بلده، ولا يضطرهم للسفر إلى محافظات أخرى للعلاج، وبالفعل اجتاز تعلم الشبكية وعمل وحقق نجاحات كثيرة فيها، موضحًا أن الطب كان بالنسبة له تخفيف آلام المرضى فكان لا يقتنع بأن المريض يجب عليه الدفع حتى يرى لذلك كان يشارك في قوافل طبيبة مجانية لمساعدة المحتاجين وإجراء عمليات لهم بدون تكلفة.
الدكتور بهاء شهيد الجيش الأبيض يساعد أحد مرضاه في قنا
رحلة الشهيد الدكتور بهاء مع كورونا
وأكمل أن فيروس كورونا أوقف كل ذلك، بعد إصابة رفيقه في يوم 28 يونيو من الشهر الماضي، أثناء تأدية عمله، وقرر في البداية عزل نفسه منزليًا لاستقرار حالته، ولكنه كان في تأخر والفيروس يسيطر عليه، لذلك انتقل إلى عزل قنا العام ووُضع في العناية المركزة، فلم يستجب للعلاج أيضًا من كثرة نسبة الفيروسات التي دخلت إلى جسده حيث انتقلت العدوى له من أكثر من مصاب وذلك أثر عليه بالسلب، فتم نقله إلى عزل مستشفى إسنا وبقي فيها فلم يستجب للعلاج أيضًا حتى توفي متأثرًا بالفيروس في يوم 14 يوليو الجاري، ليترك خلفه الحزن في قلوب أصدقائه وأطفاله صغار السن وأسرته.
الدكتور بهاء شهيد الجيش الأبيض في قنا