فرنسية علمتني آثار بلدي وأحلام مخيفة تطاردني.. أغرب حكايات 35 عامًا للعم ماهر حارس "معبد دندرة" (فيديو وصور)

محررة أهل مصر مع العم ماهر حارس معبد دندرة
محررة أهل مصر مع العم ماهر حارس معبد دندرة

تتلمذ على يد مدرسة الحياة، فأعطته من الوعي والثقافة والذوق العام ما لم يكن موجودًا في معظم شباب العصر، أصبح يتحدث لغتين أجنبيتين بطلاقة، رغم عدم التحاقه بالمدارس التعليمية، حولته من حارس لمعبد دندرة لمرشد سياحي في بعض الأوقات لشرح معالم المعبد للزائرين، رحلة عصيبة ومشرقة تخطت الـ 35 عامًا عاشها "العم ماهر" ابن محافظة قنا داخل المعبد عاصر فيها حكايات وأسرارًا غريبة وطريفة ومثيرة شاهدها في حياته جعلته يقول "معبد دندرة جزء من جسدي".

بدأت حياة العم ماهر سعيد محمد علي، وشهرته محمد، صاحب الـ 69 عامًا، ابن قرية دندرة، محافظة قنا، عندما سلك طريقه إلى محافظة الأقصر، بحثًا عن لقمة العيش، وهو في عمر الـ 16 عامًا، لم يجد أمامه سوى عمل بمعبد الكرنك بأجر 16 قرشًا يوميًا، وكانت المرحلة الأصعب في حياته لأن كل تعامله مع جنسيات غير مصرية، ولا يجيد لغتهم، ولا يعرف القراءة أو الكتابة لعدم التحاقه بالتعليم في طفولته، لكنه لم يستسلم وظل يتابع كل كلمة أمامه حتى بدأ يتعايش معهم.

العم ماهر كان حارس معبد دندرة في قناالعم ماهر كان حارس معبد دندرة في قنا

محررة أهل مصر أثناء لقائها مع العم ماهر محررة أهل مصر أثناء لقائها مع العم ماهر

قال العم ماهر لـ 'أهل مصر' إنه بعد عمله فترة في الكرنك انتقل إلى القرنة في الأقصر كطباخ بالمركز المصري الفرنسي للأبحاث الأثرية، وعندما انتقل لعمل آخر اعترض مدير البعثة الفرنسية لحبه الشديد له، ليس هذا فقط، بل أراد مدير البعثة الفرنسية علاجه في أوروبا وبالفعل تم استخراج جواز سفر له عندما مرض واحتاج لعملية جراحية، ظل معهم أكثر من 10 أعوام ولم يغادرهم سوى بعد سفر مدير البعثة الفرنسية، ليستكمل رحلته والمغامرة داخل معبد دندرة عام منذ 1976 م.

رحلة العم ماهر داخل معبد دندرة

لم تطأ قدم العم ماهر معبد دندرة إلا وهو يجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية، فبهما أصبح أول حارس معبد يتعامل مع السياح الزائرين بمختلف الجنسيات، شاهد المعبد في مختلف مراحله، بدأ راتبه بداخله بأجر 12 جنيهًا في الشهر، موضحًا أن حالة الفترة الأخيرة اختلف كثيرًا عما كان عليه في السابق حيث كان المعبد مهمشا وغير موجود في خطة السياحة بينما الآن أصبح جزءا مهما بمخطط السياحة في مصر، بما فيه من ترميمات وتجديد وتوضيح للرسومات الفرعونية باستخدام مواد خاصة قائلًا: 'المعبد أصبح واجهة مشرفة لمصر ومحافظة قنا بصفة خاصة وما زال الاهتمام به يزداد'.

معبد دندرةمعبد دندرة

وأضاف أيضًا أنه 35 عاما قضاها، بين جدران معبد دندرة لممارسة مهنته في حراسة وحماية تاريخ القدماء المصريين، قبل إحالته للتقاعد منذ 8 سنوات، تعامل خلالها مع عشرات الجنسيات المختلفة، أصبح خلالهم عاشقا لتراب المعبد كما قال، حافظًا لتاريخه وكل جزء بداخله، وينسب الفضل في ذلك إلى دكتورة آثار فرنسية تُدعى 'سيلفي'، كانت تصطحبه في وقت فراغها وتشرح له معالم المعبد حتى عشقه، فكان يُدهشه كثيرًا دموع الدكتورة الفرنسية عند مغادرتها المعبد كأنها لا تريد العودة لوطنها من شدة حبها له، إضافة إلى وصايتها الشديدة له بأن يجعل المعبد أمانة بين يديه يجب الحفاظ عليه للتاريخ.

أحلام مخيفة

أما عن أغرب الحكايات التي عاشها العم ماهر، وحتى مبهمة بالنسبة له، ما كان يشاهده في أحلامه لرؤيته لأشخاص بالزي الفرعوني يهاجمونه ويحاولون طرده منه، ذلك ليس بمرة واحدة بل تكرر معه كثيرًا، إضافة للحلم الذي استيقظ يصرخ منه عندما وجد سقف المعبد يسقط عليه، كثيرًا من مثل تلك المواقف واجهته وعندما كان يسأل عن تفسير يُقال له لأنه اعتاد على المعبد وعشقه أكثر من كونه حارسا له، لذلك يراوده في الأحلام، ورغم كل الأحلام المخيفة لم تؤثر فيه فكان طوال الليل يتمشى حول المعبد خوفًا عليه من اللصوص.

جلب العريس من معبد دندرة

وذكر حارس المعبد عن حكايات زوار معبد دندرة للمباركة بداخله، بأن هذه العادات جمعت بين الأجانب والمصريين فهناك زائرون من جنسيات مختلفة يزورون مكانا واحدا فقط من المعبد للعبادة بداخله ساعات طويلة ثم يغادرون، بينما المصريون فعادتهم تتبلور حول الإنجاب والحسد واصطياد عريس مناسب يتجولون في المعبد للمباركة به، وضرب مثالا عن هذه الحالات أنه ذات مرة أحد المواطنين طلب زيارة لزوجته للمباركة بقصد الإنجاب وعندما أتى دخل بها أحد السراديب بصحبة آخر وعند رسمة الثعبان الفرعونية قاموا بفزعها، ثم خرجت وبعد فترة قال زوجها إنها حامل.

أمنيات العم ماهر

وتمنى العم ماهر في نهاية حديثه أن يهتم المسئولون أكثر بمعبد دندرة، وتوفير ما يلزمه ليكون القبلة الأولى للسائحين عند زيارتهم لمصر، فما زال المعبد ينقصه الكثير، وتمنى من كل زائر مصري الحفاظ على تراث بلده لا يعرضه للتلف بل يتعامل معه كأنه بيته.

WhatsApp
Telegram