'عشت أيامًا صعبة ولحظات عصيبة لم أستوعب بأنني أرى ابني أمامي وهو لا يراني، ولد أحمد وهو يبصر بعينيه ولم يشتكِ منهما وعندما وصل عمره إلى 7 سنوات بدأت شكوته من ضعف بسيط في نظره مجرد شكوته من ألم وصداع في الرأس كانت تخيفني'؛ هكذا بدأت نيرة محمد السيد والدة الشاب أحمد هاني 'كفيف' والذي يبلغ من العمر 21 عامًا، حديثها لـ'أهل مصر' لتروي الأم لحظات مرت وما زالت تمر عليها وقلبها يعتصر ألما على فلذة كبدها.
تقول نيرة: 'إن أحمد ابني ولد بصيرا وجميلا وبمرور السنوات اشتكى من ضعف البصر ولم نعلم بأن هناك 'قدر مكتوب' تعايشنا معه إلى أن أصبح واقع نعيشه الأن، بدأنا في عرض حالة أحمد على أطباء متخصصين ولم يعرفوا تشخيص الحالة ومرت الأيام والحال لا يتبدل بل يزداد الألم على ابني وأنا ازداد ألما معه وعليه إلى أن طلب منا أحد الأطباء عمل إشاعة رنين على المخ وبالفعل أثبتت الإشاعة وجود ورم في المخ وكان يجب استئصاله وهناك اختيارات كبيرة يجب أن نقوم بدراستها قبل قرار العملية فهناك احتمالات لفقدانه البصر نهائيا وكانت هناك تحذيرات من بعض الاطباء بأننا سنفقد أحمد إلى الأبد'.
محررة اهل مصر مع الشاب احمد فاقد البصر و لكنه صاحب البصيرة
وتابعت الأم: 'وتم إجراء عملية لابني عام 2009 واستمرت 11 ساعة وأنا في عالم آخر لا أدري ما هو مصير ابني الوحيد نعم أنه وحيدي وله أختان كبيرتان، وبعد مرور الساعات خرج أحمد من غرفة العمليات ليواجه حياة جديدة عليه دون بصر، كان لابد وأن استعد لأكون أنا عينيه التي يبصر بهما وقال أحمد عبارة 'وجعت قلبي' أنا بحمد ربنا إن الصداع راح وموش مشكلة إني مش هشوف، فكان قد تعود على الصداع وكأنه أصبح شيء معتاد'.
وأضافت الأم: 'زوجي السند والضهر ورفيق الدرب كان يخفي عني كل المشكلات التي يعاني منها ابني ويحاول أن يهدأ من روعي يهرب من مواجهتي خوفا مني أنا تفضحه عينيه ويظهر الحزن بهما، كل تلك الصعوبات مرت على طفل صغير بدأت معه و عمره 7 سنوات وفقد بصره وهو في التاسعة من عمره ومع ذلك كان يحرص على استكمال دراسته دون تعب أو شكوى، تمر السنوات ويعاود المرض مرة أخرى وكأنه أدرك بأن ابني صاحب القلب الطيب تعود على القسوة منه، ففي عام 2014 أثبتت الإشاعات بأن هناك ورما في جزء صغير بالمخ فى مراكز 'الشم' وفي مركز حساس لا يستطيع أن يتم إجراء أي عملية جراحية به'.
الطقل احمد قبل ان يداهمه المرض و يفقد بصره
وأوضحت: 'خضع أحمد لعمل 25 جلسة إشعاع وقام الدكتور أحمد الزواوى بمساعدتنا لتوفير جهاز الاشعاع بمستشفى آل سليمان دون أي تكلفة مالية والحمد لله بعد فترة حدث ضمور لقطعة الورم المتبقية وبعدها مارس أحمد حياته بشكل طبيعي وعندما وصل للصف الثالث الثانوى التحق بمدرسة النور للمكفوفين وحصل على المركز الاول على مستوى المحافظة "للمكفوفين" و كان مجموعه كبير والتحق بكلية تربية نوعية 'قسم الموسيقى' ومن هنا تبدلت اهتماماته وشغلت الموسيقى أوقاته وساعده في ذلك الدكتور محمد العشى وراجى المقدم فشجعوه فى تنمية قدراته، فلم توجد نوتة بريل للمكفوفين ببورسعيد لأنه لا يوجد أساتذة بالكلية مؤهلين لذلك فكان أحمد يستعمل 'انبوبة' للكتابة البارزة و حصل على المركز الاول فى مسابقة وزارة الثقافة 'المواهب الذهبية' لذوى الاحتياجات الخاصة وتم تكريمه'.
احمد قبل ان يفقد بصرة
تروي الأم لحظات ضعف أثرت فيها فتقول كلمات ابني تعذبني عندما يقول لي 'نفسى أشوفك' ويتلمس وجهي ويبتسم ويقول شكلك ما اتغيرش انا لسه فكره زى ما هو' يتعامل أحمد معنا من خلال 'الصوت' فعن طريق الصوت يدرك كل شىء وكأنه ترجمة حرفية لكل المواقف التى تمر امام عينيه ولا يراها، و أجمل ما أراه في ابني أنه يشعر بالمسؤلية ويتحملها فهو يحضر الإفطار والعشاء لنفسه فهو يحفظ اماكن الاشياء التى يحتاجها وانا أساعده فى ذلك بل احاول أن يكون صوتي هو 'آلة التنبيه' له ليدرك عن طريقه أين أكون ومن معي ومن خرج حتى لا يشعر بأن هناك شيء يحتاج التفسير وكأن كل شىء طبيعي، اختتمت الأم حديثها: 'أمنية أحمد أن يقوم بعمل ماجستير ودكتوراه بكلية التربية النوعية وبقسم الموسيقى ليساعد أي طالب مكفوف يلتحق بالكلية حتى لا يعانى مثله من عدم وجود متخصصين فى التعامل معه ، الأمل دائما أمامه وهو ما يصبرني على هذا الابتلاء الكبير'.
محررة اهل مصر مع الشاب احمد فاقد البصر و لكنه صاحب البصيرة