مشهد جميل لم نراه إلا فى أفلام الأبيض والأسود، صورة مشرفة أصبحنا لا نسمع عنها إلا نادرا؛ وهي المعلم الذى يعيش حياته متفانيا فى تقديم كل ما لديه للطلبة، ولم نعد نسمع إلا صرخات أولياء الأمور، وهم يعانون ويشتكون من الدروس الخصوصية ويصفون المعلم بـ 'الجشع'.
التقت 'أهل مصر'، بمجموعة من الشباب على شاطىء بورسعيد يرون قصة المعلم محمد الخضيرى الذى جاء بهم فى رحلة جماعية لمدينة بورسعيد على حسابه الخاص ليرفه عنهم حسب تعبيريهم.
وقال المُعلم محمد الخضيرى الذى يبلغ من العمر 38 عاما: 'أعمل فى مجال التدريس منذ 15 عاما، ولم أجنى شيئا سوى حب تلاميذى، وهذا أجمل شيء فى الدنيا عندما أرى منهم المهندس والطبيب والمحامى، هذه أعظم ثمار ممكن أن أجنيها، وحبهم لى شيء يسعدنى؛ ففى العام الماضى تم إجراء عملية جراحية لى وهم من قاموا بخدمتى ولم يتغيبوا لحظة عنى'.
وقال 'عمرو'، الطالب بكلية الطب بجامعة بورسعيد، من المطرية بمحافظة الدقهلية، إن محمد الخضيرى بالنسبة له ليس مدرس فقط بل هو أخ كبير، متابعا: 'كل فترة ينظم رحلة للطلاب ويجمعنا سويا، فهو 'عملة نادرة' من الزمن الجميل لم تعد موجودة هذه الأيام؛ فهو كان يراعانا علميا منذ الصغر، وأنا تلميذه منذ الصف الثالث الابتدائى وحتى مرحلة الثانوية العامة، ولم يبخل علينا بمعلومة ولا برأى صائب، حتى مشاكلنا الشخصية يهتم بها ويحاول أن يساعدنا فى إيجاد حلول لها بل دائما هو السند لنا من كل متاعب الحياة، وعندما حصلت على مجموع كبير فى الثانوية العامة يؤهلنى للالتحاق بكلية الطب كانت فرحته بى أنا و زملائى أكثر من فرحتنا بل أحضر لنا هدايا غالية الثمن مثل الموبايلات الأيفون ولاب توب، وأطالب بتكريم معلمى محمد الخضيرى فهو يستحق ذلك وعن جدارة'.
وتابع مصطفى الشافعى الطالب بالفرقة الأولى بكلية الهندسة، أن محمد الخضيرى من الشخصيات المحترمة النادرة فى هذا الزمن، معلقًا: 'كنا مجموعة من 10 طلاب ونادرا لما ندفع ثمن الدرس الخصوصى ولو واحد دفع كان يبقى مبلغ رمزى 'خمسة جنيهات' وعندما نجحت وكنت من العشرة الأوائل أهدانى تليفون ايفون، معلمى محمد الخضيرى مثل الجنيه الدهب يلمع دائما ولا ينطفىء حتى الطلبة الذين لم يحصلوا على مجموع كبير كان يدعمهم ويحضر لهم هدايا أيضا ويؤكد لهم أنها ليست نهاية المطاف بل هناك فرص أخرى للنجاح'.
وأضاف: 'حتى بعد التحاقنا بالجامعة لم يكتفِ بذلك بل حصل على كورسات تنمية بشرية وكان يعلمنا إياها، وتعلمت منه الكثير، تعلمت أن أحب غيرى قبل أن أحب نفسى، وتلك القاعدة هو يعيش من أجلها، لو كان يبحث عن الماديات لكان أغنى واحد فى الدنيا ولم أبالغ إذا قلت إنه يستبعد فكرة الزواج من أجل التفرغ لنا فهو يحتوينا بكل ما تحمله الكلمة من معنى'.