'وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ'، آية قرآنية تلخص قصص لكفاح شباب ضحوا بمستقبلهم وتعليمهم من أجل أسرهم؛ نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة والعراقيل التي وقفت أمامهم، ومن ثم جعلتهم يضحون بالغالي والنفيس نظير أن يروا أخوتهم في أحسن حال، فمنهم من ترك التعليم وآخرين سافروا للخارج بحثا عن مصدر رزق يوفر حياة كريمة.
'أهل مصر' يرصد من خلال التقرير التالي عدد من قصص كفاح شباب ضحوا من أجل أسرهم بسبب ظروف حياتهم الصعبة.
حلمه لاعب كرة لكن عمل حداد مسلح
'كان نفسي أكون لاعب كرة قدم مشهور بس النصيب'، بهذه الكلمات لخص سلامة رفاعي هلال، صاحب الـ21 عامًا، مقيم بمركز أبوتشت، شمال محافظة قنا، مشوار حياته الذي بدأه بحلم سعى لتحقيقه وختمه بالعمل حداد مسلح، وذلك لوفاة والده وتركه طفلًا وكبير عائلة مسئول عن أسرة كاملة.
قال سلامة إنه كان عمره 7 أعوام، وهو مشهور في قريته بأنه لاعب كرة قدم محترف، وشارك في العديد بالمباريات بمراكز الشباب، إضافة إلى متابعة دراسته الذي كان مجتهدًا فيها، وراسمًا لمستقبله أحلام بدأ يسعى لتحقيقها، لكن القدر أوقف حلمه بعد وفاة والده وهو ما زال طفلا بالمرحلة الإعدادية وتركه مسئول عن 5 أخوات أطفال، 4 بنات وولد ووالدته.
وأضاف سلامة أنه لم يكن أمامه في ذلك الوقت سوى شد ترحاله للبحث عن عمل يوفر له مصدر رزق يساعد به والدته في مستلزمات إخوته، فترك حلم كرة القدم وعمل بالأجر اليومي بمختلف المهن وكان يتابع دراسته التي ختمها بالالتحاق بالدبلوم الفني التجاري تاركًا حلم الثانوية والجامعة كونه كبير عائلته وعليه تحمل المسئولية أسرته.
وأشار إلى أنه عقب الانتهاء من دراسته سافر إلى محافظة القاهرة وعمل حدادًا ليعود إلى قريته مرة واحدة كل عدة شهور، وجميع ما يوفره من دخل يرسله لوالدته لتوفير متطلبات إخوته، موضحًا أنه لديه موهبة الكتابة فكتب مختلف المقالات ونشرها على حسابه عبر السوشيال ميديا ومازال يكتب عن كل أزمة تواجه المجتمع وأمنيته الاستمرار في الكتابة والتطوير من نفسه فيها.
عربية الكبدة مستقبل طارق لتربية إخواته
وفى منطقة السوق بمركز دشنا، يقف طارق أحمد، يبلغ من العمر 17 عاما، يشاهد من في مثل عمره ذاهبين إلى مدارسهم، بينما هو يقف أمام عربة كبدة في السوق للحصول على بعض الجنيهات نهاية اليوم.
بدأت رحلة طارق، الذي يعمل بائع على عربة كبدة للإنفاق على أسرته بعد وفاة والده، حديثه لـ'أهل مصر: 'أبويا مات وأنا في خامسة ابتدائي وسبني أنا وأخواتي الاتنين وأمي من غير معاش'، مشيرا إلى أن والده كان يعمل عامل أجري، وتوفي إثر حادث سير، ما دفعه إلى النزول للبحث عن عمل للإنفاق على أسرته التي تحصل على معاش تكافل وكرامه فقط لا يكفي للعيش الحاف - بحسب تعبيره.
وأضاف أن عمله يبدأ كل يوم مع صلاة الظهر وحتى الساعة 12 صباحا، ويحصل في المقابل على يومية 75 جنيهًا يعطيها بالكامل لوالدته للإنفاق على أشقائه، خاصة أنا شقيقته الكبري 'على وش جواز'، مشيراً إلى أنه يشعر بآلام في قدمه في نهاية اليوم بسبب الوقوف لفترات طويلة، ولكن السعادة التي يراها في وجه أسرته تجعل كل ذلك يهون.
حلم كلية الطب ضاع بعد وفاة والده
أما محمد حسن، عامل باليومية، توفي والده خلال دراسته بالصف الأول الثانوي العام وكان حلمه الالتحاق بكلية الطب نظرا لتفوقه الدرسي المبشر، لكن أدت الرياح بما لا تشتهي السفن، فنبأ وفاة والده وقع عليه كالصاعقة، قائلا لـ'أهل مصر': 'بعد وفاة والدي والذي كان يعمل موظفا بإحدى المؤسسات، حول حياتنا رأسا على عقب، فمعاش والدي ضعيف لا يكفي لتوفير عيشة حسنة لأسرة مكونة من 5 أفراد'، مشيرا إلى أنه اضطر للتحويل إلى التعليم الفني لتوفير مصروفاته ورفع الحمل عن أسرته ورعاية أشقائه الثلاثة الآخرين، والعمل باليومية في مهنة البناء.