وسط ألوان مبهجة بالسوق الخاص بمنطقة غرب سهيل النوبية بمحافظة أسوان، يجلس رجل يبلغ من العمر 66 عامًا، أمام آلة النول مطلقًا العنان ليديه لتحويل خيوط القطن لشال مصري.
'بقالي 60 عامًا بشتغل في النول منذ صغري'، بهذه الكلمات بدأ عبد الكريم جندي إسكندر، حديثه لـ'أهل مصر'، مؤكدا أنه توارث مهنة تصنيع الشالات الصوف والقماش من شقيق والده، مستخدمًا آلة 'النول'، وهي عبارة عن آلة قديمة مصنعة من الخشب، ومنذ أن كان لديه 6 سنوات يعمل على هذه آلة.
وروي قصته لـ'أهل مصر'، أن بداية حياته في عالم الصوف، كانت بتصنيع الأشكال المختلفة للملابس من صوف الغنم بعد غزله، ومن أبرزها 'الشال'، بجانب زي قديم يطلق عليه الظعبوط يشبه الجلباب يتم تصميمه من صوف الأغنام، وهو نوع من الملابس التي يتم توريثها لأنها تعيش لمدة طويلة المدى، وآخر يطلق عليها ''الخلاله'' وكانت تستخدم في الماضي وتلتف بها العرائس في الزفاف''.
وأوضح أنه منذ سنوات يعمل في هذا المجال وبعد إتقانه ترك بلده، وتوافد إلى أسوان برفقة أسرته المكونة من شخصين، والتحق بوظيفة عامل بإحدي الجهات الحكومية، فضلًا عن ممارسة هوايته المفضلة.
وأردف أنه تمكن من تأسيس العديد من الأماكن وأصبح لديه زبائن مخصصين، في تلك المهنة، ورغم ذلك استطاع أن يؤسس له مكان بالقرية النوبية حتى يحافظ على التراث النوبي والفرعوني وسط تلك المنطقة السياحية.
واستكمل أنه في الماضي كانت يصنع أشكال مختلفة من الصوف، ويعتمد على ثلاث ألوان فقط، وهم أبيض والأسود والبني، ولكن مع التكنولوجيا والتطورات الحديثة التي يشهدها العالم، بدأ في إضافة ألوان جديدة لاعادة البهجة في ضفاف النيل، حيث أنه في الماضي كانت مفروشات الصوف تستخدم الأرضيات فقط، إلا أنها حاليًا تستخدم في لتزين الحوائط أيضًا.
وأضاف حتى الآن يستخدم صوف الأغنام في صناعة الشالات، ويبدأ في صناعته الحالية من خلال غسل الخراف وهي على قيد الحياة، ثم تجفيف الصوف الخاص بها، وبعد ذلك يتم وقوفها علي الرمال، وقص الصوف الخاص بها وبعدها يستخدم ما يسمى بـ '' المغزيل''، والتي تعمل على ربط الصوف ببعضه'.
ونوه أنه آخر الخطوات يتم لفها ثم يبدأ في تصميمها شال أو مفروشات ويطلق عليه ''كليم''، والذي يتم افتراشه في المنازل ويتم استخدامه كنوع مميز، من المفروشات حتى الوقت الحالي، على الرغم من استحداث العديد من الأنواع ولكنه مميز'.
وأفاد أنه يستغرق 3 أيام، في غزل صوف الأنغام، لأن عملية غزل صوف الخراف صعبة جدًا، ويتم تصميمه في يوم، ويختلف سعره مقارنة بالأعوام الماضية، وصل سعره من 150 قرشًا إلى 400 جنيه، وأن تلك الشالات لا يقبل على شرائها الأجانب لأنهم لا يفضلون الأقمشة الثقيلة، بينما يجذبهم الألوان الزاهية والخامة الخفيفة'.
وتابع أن الشالات النول الأخرى، يتم تصميمها من الخيوط، ويسمي 'الشاب' بالألوان المختلفة والمميزة ، ويتم لفه على شكل كرة، ويصنع 100 شال ويعتمد على لون واحد، وبعد ذلك يتم إدخال نقوش أخرى بواسطة المكوك، ويستغرق معه 4 ساعات في كل شال، ويشعر بالاستمتاع خلال تصنيعه'.
واختتم حديثه لـ'أهل مصر'، قائلا إنه لامتداد تلك المهنة الشاقة والممتعة زرع صناعته لأولاده حتى تستمر تلك المهنة في عائلته، واستطاع أن يؤسس مكانا لهم لاستخدامه في صناعة الشالات بـ'النول اليدوي'، بعدة قرى سياحية في الغردقة.