قصة ندا ابنة قنا من قصار القامة.. اعتزلت المجتمع بسبب السخرية فعلمت نفسها وحفظت القرآن (صور)

محررة أهل مصر خلال لقائها مع الطفلة ندا من فئة قصار القامة في قنا
محررة أهل مصر خلال لقائها مع الطفلة ندا من فئة قصار القامة في قنا

لها ابتسامة مشرقة وملامح جميلة، تكسو وجهها البهجة تارة والحزن تارة أخرى، تمتاز باللباقة والثقافة في مناقشاتها مع الآخرين، أخفت نفسها عن الأنظار منذ طفولتها خوفًا من التنمر عليها كونها من فئة 'قصار القامة'، خبأت دموعها عن والديها لتجنب إشعارهما بحالتها السيئة بسبب كلام أطفال الجيران عنها، اختارت العزلة الدائمة حتى قررت مواجهة المجتمع والخروج للتثقيف وحفظ القرآن الكريم بأحد كتاتيب قريتها، وذلك بعدما أجادت القراءة والكتابة من تلقاء نفسها، عبر البحث على هاتفها المحمول والكمبيوتر وكتابة أي كلمة تواجهها حتى محت أميتها وساعدها ذلك في حفظ القرآن الكريم.

حقوق ندا من قصار القامة

التقت 'أهل مصر' بالطفلة «ندا أحمد»، 16 عامًا، ابنة قرية أبنود بمركز قنا، من فئة 'قصار القامة' وذوي الاحتياجات الخاصة لعدم قدرتها على المشي، والتي خاضت رحلة طويلة وعصيبة عليها وعلى والديها مع الأطباء والمستشفيات أملًا في شفائها، لكن كانت النتيجة سلبية، وتلك الرحلة سببًا في تأخر التحاقها بالعملية التعليمية، وخلال السطور التالية سوف نسرد القصة الكاملة لها وكيف تغلبت على ظاهرة التنمر التي أبكتها ليالي كثيرة حتى قررت الخروج للنور ومواجهة المجتمع.

ندا أحمد عطاالله من فئة قصار القامة تتحدى اعاقتها بحفظ القرآن الكريم في قنا

ندا برفقة والدها

القضاء على الأمية

قالت «ندا»، إنها قضت أول سنوات طفولتها في حزن دائم وخجل وبكاء طوال الوقت، بسبب التنمر عليها من قبل الأطفال والكبار من جيرانها لأنها من فئة 'قصار القامة'، لكنها لم تخبر والديها بما تتعرض له خوفًا عليهما من زيادة حزنهما عليها، وذلك جعلها ملازمة غرفتها لا تخرج منها إلا قليلًا، لكن أثرت العزلة عليها بالإيجاب حيث أجادت اللعب على الكمبيوتر والهاتف المحمول فوجدت نفسها فجأة تمسك بالورقة والقلم وبدأت تكتب وتقرأ استمرت هكذا فترة طويلة حتى محت أميتها وقررت خوض امتحان في فصول محو الأمية للحصول على شهادة وإكمال دراستها بعد ذلك.

محررة أهل مصر خلال لقائها مع الطفلة ندا أحمد

محررة أهل مصر خلال لقائها مع الطفلة ندا ووالدها

حفظ القرآن الكريم أول قرار

وأضافت «ابنة قنا»، أن أول قرار اتخذته بعد إجادتها القراءة والكتابة هو البدء في حفظ القرآن الكريم، ولكن خوفًا من التنمر عليها كان المحفظ يذهب إليها في المنزل ولم تستمر طويلًا حتى استطاع والدها إقناعها بالخروج وإكمال حفظ القرآن الكريم في الكُتاب مع فتيات القرية، وترددت في البداية ثم وافقت وقررت التحدي ومواجهة المجتمع وعدم التأثر مرة أخرى بكلام الآخرين، وهناك علمت أن العقول ليست جميعها متشابهة بعدما تعرفت على أُناس أحبوها وأصبحت صديقة لهم ولا يمكنها الاستغناء عنهم، مشيرة إلى أنها حفظت حتى الآن 7 أجزاء من القرآن الكريم وسوف تستمر حتى حفظه كاملًا.

تطالب بكرسي متحرك

وذكرت «ندا»، أنها رغم كونها من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يُقدم لها أي دعم من الدولة نهائيًا، فلم يوفر لها التضامن مساعدة مالية شهرية مثل الآخرين، أو كرسي متحرك تستخدمه عند الخروج بمفردها، فطوال الأعوام الماضية تولى والداها رعايتها ولا تخرج سوى برفقتهما، وعند خروجها لحفظ القرآن الكريم أو شراء شيء ما يحملها والدها على كتفيه ويسير بها، لذلك تطالب تضامن قنا بالنظر إليها ومساعدتها في توفير كرسي متحرك تستخدمه متى تشاء وتتمكن من خلاله الخروج بمفردها دون أن تسبب أي تعب لوالديها.

تفعيل قانون التنمر

كما طالبت بتفعيل قانون التنمر، لأن الشخص المتنمر متهم بتسببه في أذى الآخرين وقد تصل بعض الحالات للانتحار لتأثره بالكلام الذي يسمعه على جزء من جسده وتسوء حالته حتى يصل إلى رفضه وكرهه للحياة، لذلك التنمر جريمة خطيرة لابد من وضع قانون صارم لها حفاظًا على شعور الغير، موجهة رسالة هامة للمتنمرين: 'خليكم في تفاصيل حياتكم بلاش أذية الغير انتو بتقتلونا بنظراتكم وتعليقاتكم على شئ ليس لنا ذنب فيه؛ وأخرى للفئات المُتنمر عليها: واجهوا المجتمع ومتتأثروش بكلام حد وعيشوا تفاصيل حياتكم كاملة طالما العقل سليم ليس هناك إعاقة'.

أمنيات ندا

'نفسي أعمل عمرة وأزور الرسول'، كانت أولى أمنيات «ندا» عمل عمرة وزيارة قبر 'الرسول صل الله عليه وسلم'، كما أنها تمنت مقابلة شيخ الأزهر الذي دعت بشفائه من مرضه والعودة سالمًا، ولم تنس حلمها بتأسيس مكتب تحفيظ للقرآن الكريم في قريتها وتعليم كل الفتيات مجانًا، وإكمال دراستها التي تطمح بالوصول إلى كلية الطب منها وعلاج الفقراء بالمجان ومساعدة كل من تجده بحاجة إليها.

إلى جانب ذلك قال أحمد عطاالله والد الطفلة «ندا»، معلم لغة عربية، إنه تأخر في تعليمها بسبب انشغاله في رحلة علاجها كان يتمنى رؤيتها طبيعية تجري وتلهو مثل بقية الأطفال لكن الأطباء أجمعوا على عدم وجود أمل في شفائها، وكان ذلك بعد فوات الآوان وتأخرها عن الالتحاق بالمدرسة، كما أنه تفاجأ بتعلم طفلته القراءة والكتابة بمفردها فلم تجالس أحدا لمساعدتها، وفرح كثيرًا بها لذلك قرر خوضها امتحانات في فصول محو الأمية للحصول على شهادة ثم إكمال دراستها كما تشاء، موضحًا أنها تمتاز باللباقة والذكاء وآداب الحديث ولديها القدرة على حفظ الأشياء بسرعة فائقة.

WhatsApp
Telegram