مسيرة من الكفاح والعطاء والتضحية قدمها ابن المنيا أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة علي مدار 48 عاما نسجت خلالها خيوط الوطنية والانتماء في دمائه وباتت ذكريات مخلدة يرويها لأبنائه وأحفاده في ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة.
وأجرت جريدة وموقع 'أهل مصر' بثا مباشرا مع أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة لتوثيق شهادته ومشاركته في انتصارات أكتوبر.
ذكريات لم تنسي في مخيلة بطل حرب أكتوبر
فرغم مضي نحو 48 ذكرى للاحتفال بانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، إلا أنه مازال يحفر في ذاكرته أحداث يوم الحرب واستشهاد 5 من زملائه وأسره علي يد العدوان الإسرائيلي لمدة شهر ومحاولة الضغط على الأسري لتقديم معلومات عن الجيش المصري لكنه رفض الإفصاح عن أي معلومات تتعلق بأمن وطنه رغم محاولات العدو بعدم إبقاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات على الأسرى المصريين والتفكير في عودتهم الي أرض الوطن.
خدمت في الجيش بخمس سنوات بدأتها بالانضمام إلي كتيبة الدفاع الجوي
وقال عبد الهادي محسب عبد العليم، إنني التحقت بالجيش المصري في التاسع عشر من سبتمبر عام ١٩٧٠ وانهيت خدمتي في الاول من يناير عام ١٩٧٥ بما يقرب من خمس سنوات ، لافتا إلى أنه خلال تلك الفترة مضت كثير من الأحداث بدأت بالانضمام إلى كتيبة دفاع جوي وكان سلاحي الإشارة والاستطلاع وتقلدت مهام حكمدار غرفة عمليات بحرب أكتوبر.
في يوم الحرب وفي تمام الثانية وردت إشارة أخري تقول حان وقت تحرير
واستكمل، أنه قبل الحرب بأيام قمنا بعمل مشروعات بما يساوي الحرب بأشياء هيكلية حتى الخامس من أكتوبر ولم نكن نعلم أن هناك حرب، لافتا إلى أنه في صباح يوم السادس من أكتوبر كانت توجد لدينا على الجبهة جميع أنواع الأسلحة على الرغم من ذلك لم توجد أي طائرة في الجو ونحن في حالة دهشة حتى الساعة الواحدة والنصف، وكنت أتولى آنذاك حكمدار غرفة عمليات وكنت انتظرت أي إشارة تصلني ثم وصلتني إشارة ببعض الرموز قمنا بفك الإشارة التي تفيد بعدم وجود أي طائرات بشمال سيناء وفي تمام الثانية وردت إشارة أخرى تقول حان وقت تحرير الأرض ثم شاهدنا الطائرات المصرية تحلق في السماء وبدأت الحرب'.
استشهاد 5 من زملائي
وأضاف، 'أن في السادس من أكتوبر بعد النصر عبرت الدبابات والعربات الكبري ولم تعبر كتيبتي إلا في اليوم الثاني وجلسنا أسفل شجرة غرب القناة 6 من زملائي في رمضان وقت الصيام وقررت اصطحاب أحد زملائي إلى مدينة السويس لشراء بعض المأكولات استعدادا للإفطار وقررنا أن نرسل خطاب اهليتنا اننا بخير فوجدنا أحد زملائنا بالكتيبة يخبرنا أن الفصيلة الملحقين بها ضربت بدانة واستشهد 5 من زملائنا فيما أصيب السادس بشظايا بالغة في أنحاء جسده '.
تم أسري أن وعدد كبير من المصريين بالجيش في السادس والعشرين أكتوبر
وأوضح، 'أنه تم أسري أن وعدد كبير من المصريين بالجيش في السادس والعشرين أكتوبر وهو الموافق وقفة عيد الفطر كانت قد وردت الينا تعليمات من القادة بالجيش بالا نغادر اماكننا وفي الساعة الواحدة دخلنا إلى الخنادق وفي تمام السادسة صباحا، حدث تراشق وضرب نار لم نعلم مصدرها ثم فوجئنا بالدبابات الإسرائيلية في اتجاه السويس كي تستعمرها لكن ذلك لم يحدث وقمنا بالتصدي لهم وهرعت الدبابات التابعة لهم وخرجنا إلى الساتر الترابي، وقاموا من جديد بالضرب وهرعنا إلى الخنادق إلا أنهم حاصروا المكان واخرجونا وسلمنا أنفسنا وتم تجميع الأسرى المصريين واستقلينا سيارات إلى منطقة حبيب الله بالإسماعيلية حتى الصباح ثم جاءت سيارات أخرى إلى طريق إلى جيل لبنه يمر بطريق فلسطين وحيفا ويافا لمدة نحو 12 ساعة حتى وصلنا إلى معسكر عتليد بحيفا '.
جنود العدو قاموا بحرق ملابسنا وقدموا لما افارول مدون عليه علامةواستكمل، 'أنه حينما وصل الأسري المصريين وعندما ينزلون من السيارة يقوم جنود العدو بضرب من ينزل على ظهره باستخدام العصي وادخلونا داخل الخيام وامرونا بإغلاق الخيام والنوم وفي صباح اليوم التالي قاموا بايقاظنا في تمام الخامسة وقاموا بخلع جميع ملابسنا وقاموا بوضع بودرة علينا وإعطائنا حقن بالاكتاف وما زالت هذه العلامة متواجدة لدي وعلمنا بعد ذلك انها علامة لمعرفة إذا تم القبض على هذا الشخص مرة أخرى يكون بمثابة مجرم حرب ويضرب بالنار، مضيفا إلى أنهم قاموا بحرق ملابسنا وقدموا لما أفارول مدون عليه علامة ومن ثم جلسنا على منضدة كل مصري يجلس أمامه اخر إسرائيلي'.
توجهوا الي الأسئلة العسكرية عن الكتيبة ونوعها ووظيفتك في الكتيبة ونوعها المدافع ايه لكنني رفضت أفصح عن عملي الاصلي
ولفت إلى أنه بدأت الأسئلة توجه إليه، من أين أنت والكثير من الأسئلة المدنية ثم توجهوا إلى الأسئلة العسكرية عن الكتيبة ونوعها ووظيفتك في الكتيبة ونوعية المدافع إيه، لكنني رفضت أفصح عن عملي الأصلي بالكتيبة خاصة وأنني كنت في غرفة عمليات وكنت أعرف كيف أفك الشفرات لكنني تهربت وأخبرتهم أنني كنت أجلس لحماية للكتيبة ولست معهم لكنه لم يقتنع، خاصة وأنني أعمل في الأساس معلم لغة إنجليزية واعي الترجمة جيدا لكنني تهربت مرة أخرى وأخبرته أنني مريض وشعر بكذبي لكنني لم أتجاوب معه'.
لمدة ١٥ يوما طعامنا كان رغيف واحد لكل فرد ومعه شوكة وسكينة وملعقة والمعاملة كانت سيئة جدا
وأشار إلى أنه تم وضع كل 25 مصري أسير داخل خيمة و4 خيام مفتوحة على بعضها البعض ويوجد صفائح لقضاء حاجتنا والنوم كان إجباريا من الساعة السادسة مساء، وإذ تم سماع أي صوت يقومون بضرب من يتكلم لذلك بدأنا تتحدث مع بعضنا البعض بالهمس، لافتا إلى أنه لمدة 15 يوما طعامنا كان رغيف واحد لكل فرد ومعه شوكة وسكينة وملعقة والمعاملة كانت سيئة جدا فكانوا يضربوننا خلال تمارين يجبرونا عليها لمدة ساعة أو ساعتين يوميا'.
الصليب الأحمر السويسري جاء إلينا في محبسنا
وأضاف عبد الهادي محسب، أن الصليب الأحمر السويسري جاء إلينا في محبسنا وقام الإسرائيليون بالقاء العصيان التي كانوا يستخدمونها معنا وتحدث إلينا الصليب الأحمر وتحدثوا معنا عن المشاكل والمشرب والمعاملة التي نعامل بها فقاموا بتقديم وعود لنا أنه في خلال 15 أو 20 يوما سوف نعود الي مصر وسوف يتحدثون مع الإسرائيليون كي يغيروا من الأكل المقدم وبالفعل في اليوم الثاني سألنا الإسرائيليون من منا على دراية بالطهي وكانوا يقدمون لنا عينات من الأكل كل يوم معلقة أرز أو نصف بيضة لكل فرد وبعد مرور 15 يوما أخبرنا الإسرائيليون أننا سوف نعود إلى مصر وعلينا الاستعداد'.
خلال فترة وجودنا بمحبسنا اخبرنا الإسرائيليون ان السادات لم يرغب في عودتنا مرة أخري
وأوضح أنه خلال فترة وجودنا بمحبسنا أخبرنا الإسرائيليون، أن السادات لم يرغب في عودتنا مرة أخرى إلى مصر ولن تعودوا إلى مصر لكن بعض الزملاء كانوا في الأسر كانوا ينفون ذلك الكلام، لافتا إلى أنه كثيرا ما أخبرنا الإسرائيليون أنهم هما من انتصروا علينا وحققوا النصر وليس نحن قائلين إن الحرب بها منتصر ومهزوم ونحن انتصرنا.
رسالتي للشباب المصري لتقديم الكثير لمصر وطننا الذي لم نجد أفضل منه
ووجه بطل حرب أكتوبر رسالة إلي الشباب المصريين قائلا، إن مصر غالية والواحد يهديها بروحه ودمه وهي قدمن لنا الكثير ولابد أن نقدم لها الكثير ونضحي في سبيلها فلابد أن يقدم كل شاب لمصر من غير حساب لكوننا لم نجد أفضل من وطننا مصر.