قضت محكمة جنايات الإسكندرية، ببراءة كلًا من 'ك. ك. ص' ربة منزل، و'ع. ج. و' 65 سنة، محامي، مع مصادرة الشهادة المضبوطة، ووضعت المحكمة مبدأ هام بالتنبيه لتزوير شهادات تزوير الملّة للتطليق، والخلع بين المسيحيين.
وأهابت المحكمة بالمشرّع سرعة إصدار قانون الأحوال الشخصية الموحّد ليتحكّم الأقباط إلى شريعتهم لمنعهم من الأبواب الخلفية لتزوير تلك الشهادات.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبد الحميد الخولي، رئيس المحكمة، وعضوية كلًا من المستشار طارق الصيرفي والمستشار عبد السلام نبيه، وسكرتير الجنايات إيهاب بديع،
تعود أحداث القضية والتي تحمل رقم 6945 لسنة 2021 جنايات قسم شرطة العطارين، عندما تلقت الأجهزة الأمنية إخطارًا من إدارة الأموال العامة ببلاغ من 'أ. ث. ن' بقيام زوجته بإقامة دعوى تطليق بمعرفة وكيلها المتهم الثاني بموجب شهادة تغيير مذهب مزور منسوب صدورها إلى مطرانية السريان الأرثوذكسي بجبل لبنان بجمهورية لبنان.
وكشفت التحريات قيام كلًا من 'ك. ك. ص' مقيمة في النزهة بمحافظة القاهرة، و'ع. ج. و' محامي، بالاشتراك مع مجهول بالتزوير في شهادة تغيير ملة منسوب صدورها لمطرانية السريان الأرثوذكسي بجبل لبنان بجمهورية لبنان بغرض الحصول على حكم المحكمة بتطليق الأولى من زوجها وقد بلغوا مقصدهم من ذلك فحرر زوجها قضية تزوير وبالعرض على النيابة قررت إحالتها إلى محكمة جنايات الإسكندرية التي أصدرت حكمها المتقدم.
وجاء في حيثيات حكم المحكمة أنه وإن كان اختلاف الشرائع المسيحية الطائفية فيما عدا شريعة واحدة لها وضع خاص تتيح الطلاق تفاوت أسبابه بين توسعة وتطبيق وكانت مسألة تطبيق الشرعية العامة لا تثور إلا عند اختلاف الزوجين طائفة وملة فإن الأحكام الموضوعة للشريعة الإسلامية في حالة التطليق بالإدارة المنفردة يبدوا لزامًا وأن حِيَل الحصول على الطلاق لتغيّر الملة للخروج من الدين والزواج العرفي والخلع وعلى مدار الـ 10سنوات الماضية تفاقمت أزمة الطلاق بين الأقباط الأرثوذكس وخاصة بعد التعديلات التي أدخلها الراحل قداسة البابا شنودة عام 2008 على لائحته 1938 للأحوال الشخصية وتقيدة الطلاق علّه الزنا بدلًا من الشروط التي كان يسمح فيها بالطلاق وهي 7 حالات هي: (علة الزنا - الخروج عن الدين المسيحي - غياب أحد الزوجين لمدة 5 سنوات - سجن أحد الزوجين لمدة 7 سنوات - الإصابة بالجنون ومرض مزمن - فساد الأخلاق والسلوك واستحكام النفور - النفور)، وأمام ذلك صعوبة إثبات أحد الزوجين لواقعة الزنا مع الآخر وما قد يسببه هذا العار للأبناء في المستقبل ويلجأ الأقباط إلى حيل أخري مختلفة كالأبواب الخلفية للحصول على الطلاق من المحاكم.
ومن أشهر تلك الطرق تغيير الملة وأنه يجب الحصول على شهادة من الطائفة الأخرى تفيد الانضمام إليها وفي تلك الحالة يخضع الزوجين إلى الشريعة الإسلامية في القضاء ويُحكم لهما بالطلاق، فقد انتهت المحكمة إلى أنه مع انتشار تلك الطريقة ووجود تزوير وتلاعب في هذه الشهادات وأصبحت المحاكم لا تأخذ بها وقد تبرأت الطائفة الإنجيلية من هذه الشهادة مما دفعها إلى إصدار بيان أكدت فيه عدم اعترافها بشهادات تغير الملة التي تصدر من أشخاص وجهات دون اعتمادها موضحة أن المجلس الإنجيلي هو وحده المنوط في إصدار تلك الشهادات.
ونوهت المحكمة إلى أنه وإن كانت الشريعة الإسلامية تطبق فيما يرد فيه نص خاص في الشرائع الأخرى أو تغير الطائفة والملة وفي غير ذلك يحتكم الأقباط إلى شريعتهم مما يؤكد أن مصر دولة لا مفارقة فيها بين مسيحي ومسلم فالكل يحتكم ويلجأ إلى أحكام ديانته فالدين كله لله ولا تدخّل لأي قانون في علاقة الإنسان بربه أي كانت عقيدته إعلاء إلى قسم التسامح الديني والفكري وحرية العقيدة ومصر هي مهد الديانات والحضارات وكل واحد على دينه أو عقيدته وأن المسلمين والمسحيين أخوة.
وبعد أن فرغت المحكمة من قضائها المتقدم وإن الحكم إلا لله تهيب بالناس كافة ألا يتحايلون على القانون وأن يمتثلوا إلى أمورهم دون تفرقة بينهم بسبب دين أو عقيدة وتهيب بالمشرّع سرعة إصدار قانون الأحوال الشخصية الموحّد بعد أخذ رأي قداسة البابا تواضروس والكنائس بمختلف طوائفها ليحتكم الأقباط إلى شريعتهم وليحكم أهل الإنجيل بما أُنزل فيه منعًا لعبث الأفراد والجهات بشهادات تغيير الملة وتزويرها من الأبواب الخلفية للحصول على الطلاق من غير أوامر الدين وإذا ما تقدم وكانت المحكمة توصي بالبراءة مما تشككت في أدلة الإثبات وترجح إليها دفاع المتهمين لأسباب:
أولًا/- الحصول على شهادة تغيير الملة قد شابته كثير من الظلال والشك والريبة كذلك لأن كثير من الكنائس قد تشككت في مثل هذه الشهادات وأنها غير صادرة منها ونسبت إلى أشخاص وجهات وهمية وتتبرأ منها الكنائس مما تطرق الشك في يقين المحكمة وأن أي من المتهمين كان على علم بتزوير تلك الشهادة من المراحل العدة التي تمر بها وأن صاحب الشأن لا يباشر أي من تلك الإجرءات من نفسه وإنما الحصول عليها من دول خارجية مثل دولة لبنان وأن المتهمة الأولى وإن كانت سعت إلى الحصول على تلك الشهادة إلا أنها لم تباشرها بنفسها وأن المتهم الثاني وكيل عنها بأن يقطع على علم بتزويرها.
وأن التحقيقات لم يتسنى منها أن تلك الشهادة واضحة التزوير من عدمه وأن أي من المتهمين لم يمكنه التحقق من سلامة الأختام نظرًا لنسبها إلى جهات خارجية وأن التحريات التي أجرتها لا تطمئن لها المحكمة بمكان مكتب عمل المتهم الثاني ولا مصادرها التي استندت لها في تحرياتها، وقد انتهت المحكمة أيضًا إلى مصادرة الشهادة المزورة التي ثبت في تقرير أبحاث التزوير والتزييف تزويرها وأن القضاء بالبراءة لا يمنع المحكمة من تلك الشهادة.