«وجع الضنا غالى جدًا، فراق وموت الابن صعب لا يضاهيه حزن ولا ألم فى الدنيا، فقد زرعت زرعة جميلة ولكن لم أحصد ثمارها»، كلمات ممزوجة بالدموع بدأت بها الدكتورة سمية طارق والدة الشهيد مصطفى جاويش، حديثها مع «أهل مصر»، لتروي قصة استشهاد نجلها، بعد مرور 8 سنوات و9 أشهر على استشهاده، وبالتزامن مع احتفالات الشرطة بعيدها الـ70.
وتقول أم شهيد الشرطة مصطفى جاويش، 'نجلى الصغير مصطفى كان دائما يردد لى «أنا مشروع شهيد»، وخاصة بعد التحاقة بكلية الشرطة عام 2009 بمجموع 95,5%، وكانت أمنيته أن يتسلم عمله بعد التخرج في مدينة العريش، لارتباطه بها وانتمائه إليها، رغم أنه من مواليد محافظة بورسعيد'.
مشروع شهيد
وتُضيف الأم: 'انتقلنا من بورسعيد إلى مدينة العريش عام 2001 لطبيعة عمل زوجي (لواء شرطة)، وعشنا فيها لسنوات، وهناك حصل مصطفى على شهادات الابتدائية والإعدادية والثانوية، وبالتالي تعلق بها وانتمى لها، وعندما تخرج من كلية الشرطة كان من الأوائل وتم توزيعه أمن مركزى وعندما ذهب للتوزيع فى محافظة الإسماعيلية كان يصر على استلام عمله بالعريش'.
وتابعت 'ولكن يشاء القدر أن يعتذر أحد زملائه عن ذهابه للعريش ليتم استبدال التوزيع ويذهب ابني إلى العريش وبالفعل جاء إلينا، كنا مازلنا نعيش هناك، وتخرج يوم 27 -7-2013 ووصل العريش 25-9-2013، وكان يوم جمعة فاستيقظ من نومه وكان يتحدث مع أحد زملائه على موقع فيس بوك، وسأله زميله: «روحت فين يا كبير، قال له: روحت شهيد العريش».
استهدفوا جسده بـ 34 رصاصة
واستكملت والدة الشهيد: 'خرج مصطفى يوم الجمعة يوم استشهاده، وقبل استلامه العمل بيوم واحد، قال لى ياسميّة ها تشوفى خير عمرك ما شوفتيه، وقبل نزوله من المنزل ضحك مع شقيقه، وقال: انت هاتاخد مائة ألف جنيه وتبلغ على الإرهابيين وابتسم، وقبلها بيوم كان فى أحد الأفراح ومن هنا تم استهدافه وخاصة أنه كان الأول على دفعته فى الرماية، حيث استقل سيارته وذهب بها وبعد ربع ساعة تم استهدافه وتم ضربه من ناحية الشمال وبعدها أطلقوا عليه الرصاص من جميع الجهات وتم استهداف جسده بـ 34 رصاصة'.
جنازة أشبه بحفل زفاف
وعن خبر استشهاده، تقول الأم: لم يخبروني بوفاة ابنى بل أخبرنى والده وشقيقه بأنه مصاب وذهبت إلى المستشفى ولم أودع ابني لأنهم منعوني، ورجعنا بجثمانه إلى محافظة بورسعيد ليتم دفنه فى مقابر مدينته وكانت جنازته أشبه بحفل زفاف كبير، وحمل نعشه زملاؤه وطافوا به فى شوارع بورسعيد سيرًا على الأقدام وكأنه كان يودع بلده'.
وتذكرت الأم كلمات ومواقف كانت بينها وبين نجلها، قائلة: 'عندما تزوجت شقيقته قال لى كلهم ها يمشوا وأنا مَن سيظل معك يا ماما'، متابعة: وعندما استُشهد مصطفى قلت له انت «ضحكت عليّ» وقلت لى بأنك ستظل معى ولكنك من ذهب يا مصطفى، واستطردت باكية: 'قبل وفاته بأيام كان مرتبط بى وكأنه كان يودعنى ويذهب معى فى كل مكان، كان يشعر بأنه سوف يموت فكان يشبع منى وتركنى وأنا لم أشبع منه'.
وأكملت الأم: 'عندما توفى مأمور قسم كرداسة ورآني وأنا أبكي من أجله قال لي: وفرى بكائك لوقت آخر وكأنه كان يشعر بشهادته، مردفة: '8 سنوات و4 أشهر مروا على استشهاده وأنا أحلم به فى كل وقت وخاصة فى وقت الشدة، عندما سافرت للحج بعد وفاته بحوالى 10 أيام وعندما أنهيت مناسك الحج وذهبت إلى الفندق وغفّلت عينى رأيته يلبس ملابس الإحرام وحوله الحمام وهو يقوم بوضع الطعام له.
'أول رمضان بعد استشهاده عزمت أصدقاءه على الإفطار وكنت أشعر أنه موجود بيننا ودائمًا أشم رائحة المسك على باب غرفته، وعندما منعوا الذهاب إلى المقابر بسبب فيروس كورونا حزنت كثيرًا ولكنه زارنى فى المنام وقال لى لا تحزنى يا ماما فأنا جئت إليك بنفسى'.
واختتمت الأم حديثها: 'استُشهد ابنى وعمره 0 عامًا و9 أشهر، أصغر شهيد شرطة لأنه استشهد قبل استلامه العمل بيوم واحد ولكن كان دائمًا يذكرنى بأنه مشروع شهيد وأنا لم أتخيل يومًا ما أنها سوف تكون الحقيقة، أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يجعلني دائمًا من الصابرين الحامدين الشاكرين حتى أقابل مصطفى في الجنة'.