يعد مسجد شيخ العرب همام، تحفة معمارية عمرها 264 عاماً تزين مدينة فرشوط، شمالي محافظة قنا، وشاهد على أحداث تاريخية تحكي تاريخ شيخ العرب همام.
تاريخ الإنشاء
أنشأ شيخ العرب همام مسجده بفرشوط عام 1171هـ/ 1757م، كما هو مدون في النصوص التأسيسية بالأعتاب الخشبية التي تعلو مدخل المسجد، والإزار الخشبي الذي يقع أسفل سقف المسجد الذي يحتوي على نص البردة وينتهي بما نصه: ”أنشأ الشيخ بن الشيخ يوسف لله تعالي، هذا المسجد المبارك وكانت عمارته سنة ألف وماية واثنين وسبعين“، مما يدل على أن إنشاء هذا المسجد تم في عامي 1171هـ/1172هـ.
شيخ العرب همام
ذكر الجبرتي، في كتابه ” عجائب الآثار في التراجم والأخبار”، أن شيخ العرب الأمير همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام إبن أبو صبيح سيبة ولد في (1709م /1121 هـ) – وتوفي ( 7 ديسمبر 1769 م – ثامن شعبان من سنة 1183 هـ )، وهو الأبن البكر للشيخ يوسف زعيم قبائل الهوارة، كان شيخ العرب ملجأ للفقراء، ومحط الرجال الفضلاء والكبراء، عظيم بلاد الصعيد، ومن كان خيره يعم القريب والبعيد، والذي كان مدافعا عن الحق، ورافضا لإذلال أهل الصعيد وسطو المماليك والمحاربة من أجل الكرامة.
وبسط ”شيخ العرب همام” سلطانه على كافة أقاليم الصعيد، من المنيا إلى أسوان، متخذاً فرشوط عاصمة لحكمه، وقام بتأسيس شبه دولة، فأنشأ الدواوين لإدارة شئون الأراضي الواقعة تحت سيطرته، وقد بدأ الصدام بينه وبين علي بك الكبير، ودارت بينهما معارك عنيفة، انتهت بهزيمة جيوش شيخ العرب همام، وانتصار علي بك الكبير، ودخوله فرشوط، ولما بلغ شيخ العرب همام ما حصل ورأى فشل القوم خرج من فرشوط، وتركها بما فيها من الخيرات وذهب إلى جهة إسنا، فمات في(الثامن من شعبان سنة 1183 هـ – 7 ديسمبر 1769م)، ودُفن في بلدة تسمى “قمولة”، ووصل محمد بك أبو الدهب، ومن معه فرشوط، فلم يجدوا مانعا فملكوها ونهبوها وأخذوا جميع ما كان بدوائر همام وأقاربه وأتباعه من ذخائر وأموال وغلال، وزالت دولة شيخ العرب همام من بلاد الصعيد.
وقال الدكتور أحمد الشوكي، وكيل كلية الآثار بجامعة عين شمس للدراسات العليا والبحوث، والمشرف على قطاع شئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، إن شيخ العرب همام كان رجلاً وطنياً من الطراز الأول، لا يفرق بين فلاح أو صعيدي أو هواري أو غيره، وكان يراعي كل من كان تحت سلطته سواء من أسرته أو من يتبعون القبائل العربية الأخرى، حيث كان الجميع في عهده ينال حقوقه كاملة، وكان يعامل أهل الصعيد بالعدل والمساواة، مضيفا أنه كان لشيخ العرب همام صلات متعددة سواء داخل مصر أو خارجها، مشيرا إلى أن صدامه ومنافسته للمماليك كان غرضها إبعاد ظلمهم وطغيانهم عن الصعيد.
عمارة المسجد
بُنى مسجد شيخ العرب همام، ومئذنته بالطوب الآجر في جميع جهاته من الداخل والخارج، عدا واجهات كتلتي المدخل الشرقي والشمالي، وعقود المحاريب، وأروقة الجامع، واشترك الحجر الجيري والطوب المنجور في بناء وزخرفة واجهتي كتلتي المدخل الشرقي والشمالي، فيما بُنيت عقود المحاريب وأروقة المسجد من الطوب المنجور والآجر بطريقة المشهر، واستخدم البناء مونه مكونة من الطين والجير والحمرة والقصرمل.
تخطيط المسجد
يتكون المسجد من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة أروقة، أكبرها وأعمقها الرواق المقابل لرواق القبلة، ويشغل المبنى من الداخل 559 متراً مربعاً، وتشتمل كل من كتلة المدخل الشمالية والشرقية على عتب خشبي، يحتوى على النص التأسيسي للمسجد في شكل أبيات من الشعر منفذة بالحفر البارز، وللمسجد مئذنة تقع بالركن الشمالي الشرقي خارج بناء المسجد، وهي مبنية بالطوب الآجر فى جميع جهاته من الداخل والخارج.
مميزات المسجد
يحتفظ مسجد شيخ العرب همام ببعض المميزات مثل استعمال الطوب المنجور في تزين مداخل المسجد والعقود، وتعدد المحاريب، ووجود الإزار الخشبي الذي يقع أسفل سقف المسجد مباشرة ويشتمل على نص البردة، وكذلك وجود المئذنة والتي تعد مثال لطراز المآذن العثمانية في صعيد مصر، بالإضافة إلى احتواء المسجد على مزولتين رخاميتين، وهما عبارة عن ساعتين شمسيتين كانتا تستخدمان لمعرفة الوقت.